الحمد لله. المسلم يؤمن بأن جميع ما يقع في هذا الكون من صغير أو كبير ، أو جليل أو حقير ، كله من عند الله ، وبقضائه وقدره عز وجل ، كما قال سبحانه وتعالى: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) القمر/49 ، وقال عز وجل: ( وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) القمر/53 ، وقال جل وعلا: ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) الصافات/96. ولا يخرج عن هذه القاعدة شيء مما يكون في الدنيا ، ومن ذلك تسمية النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائه الشريفة ، إنما كان بقضائه واختياره سبحانه وتعالى ؛ ولنا على ذلك أدلة عدة: الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أصحابه عن أسمائه ، إنما نطق بوحي يوحى ، ولم ينطق بشيء من عند نفسه ، كما قال سبحانه وتعالى: ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم/3-4. الدليل الثاني: أن كثيرا من هذه الأسماء وردت في القرآن الكريم ، والقرآن كلام الله عز وجل ، فما اختاره فيه من أسماء لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، هي مزيد تكريم وتشريف لهذا النبي العظيم. اسماء الرسول صلي الله عليه وسلم عيدا . وقد عد السيوطي ما رآه من أسمائه صلى الله عليه وسلم – على طريقة الاشتقاق من الصفات والأفعال – فبلغ بها ثلاثمائة وبضعا وأربعين اسما ، وقسمها أقساما فقال: " الأول: ورد في القرآن بصريح الاسم ، وهي محمد وأحمد... " انتهى من " الرياض الأنيقة " (ص/7).
نبي الملحمة: هو الذي بُعِث بجهاد أعداء الله، فلم يجاهد نبي وأمته قط ما جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته. الأمين: هو أحق الناس صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم، فهو أمين الله على وحيه ودينه، وهو أمين مَنْ في السماء، وأمين من في الأرض، ولهذا كانوا يسمونه قبل النبوة "الأمين". " الحاشر " من أسماء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وليس من أسماء الله - الإسلام سؤال وجواب. البشير: هو المبشر لمن أطاعه بالثواب، والنذير المنذر لمن عصاه بالعقاب، وقد سماه الله عبده في مواضع من كتابه. المنير: سماه الله سراجا منيرا، وسمى الشمس سراجا وهاجا، فالمنير هو الذي ينير من غير إحراق، بخلاف الوهاج فإن فيه نوع إحراق وتوهج. كتب ومصنفات في أسماء النبي لقد صنف العلماء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وعددها مصنفات كثيرة، وخصص المصنفون في السِيَّر والشمائل أبواباً لبيان أسمائه صلى الله عليه وسلم، كما فعل القاضي عياض في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى". وأوصل بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم نحو ثلاثمائة اسم، وبلغ بها بعض الصوفية ألف اسم فقالوا: "لله ألف اسم، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ألف اسم". قال الإمام ابن حجر: "نقل ابن العربي في شرح الترمذي عن بعض الصوفية أن لله ألف اسم، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ألف اسم".
ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم: أحمد، قال تعالى في قصة عيسى عليه السلام: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، وهو أيضًا اسمٌ مشتقٌ من الحمدِ، قال ابنُ القيِّم: (وأحمَدُ: هوَ الذي يُحمَدُ أفْضَلَ مما يُحْمَدُ غيرُهُ... فيَستحِقُّ من الحمدِ أكثَرَ مما يَستَحِقُّ غيرُهُ، وأفضَلَ مما يَستحِقُّ غيرُهُ، فيُحْمَدُ أكثرَ حَمْدٍ وأفضَلَ حَمْدٍ حَمِدَهُ البَشَرُ... وهو الذي يَحْمَدُهُ أهلُ السماءِ وأهلُ الأرضِ وأهلُ الدنيا وأهلُ الآخرةُ؛ لكَثْرَةِ خصائِلِهِ الْمَحمُودةِ التي تَفُوقُ عَدَّ العادِّينَ وإحصاءَ الْمُحْصِينَ) انتهى.
قال ابن حجر: " ومما وقع من أسمائه في القرآن بالاتفاق الشاهد، المبشر، النذير المبين، الداعي إلى الله السراج المنير، وفيه أيضا المذكر، والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين، والمزمل، والمدثر ". الماحي، الحاشر، العاقب: ثبت في أحاديث صحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما ظاهره تحديد عدد أسمائه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كحديث جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( لي خمسة أسماء: أنا محمّد، وأحمد، وأنا الماحي الّذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر النّاس على قدمي، وأنا العاقب) رواه البخاري. أسماء النبي صلى الله عليه وسلم - منتديات كرم نت. قال الحافظ ابن حجر: " والذي يظهر أنه أراد أن لي خمسة أسماء أختص بها لم يُسَمَّ بها أحد قبلي، أو مُعَّظمة، أو مشهورة في الأمم الماضية، لا أنه أراد الحصر فيها ". وفي رواية مسلم: أنّ النّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشَر الناسُ على قدَمَيَّ، وأنا العاقِب ـ والعاقِبُ: الذي ليس بعده نبيٌّ ـ، وقد سماه الله رَؤوفاً رحيماً) رواه مسلم. المتوكل: عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( قرأت في التوراة صفة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: محمد رسول الله، عبدي ورسولي، سميته المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ) رواه البخاري.
فوائد قول الله تعالى: (( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون)). حفظ Your browser does not support the audio element. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة يس - قوله تعالى فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون - الجزء رقم11. ثم قال تعالى: (( فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) في الآية الكريمة من الفوائد: تنزيه الله سبحانه وتعالى عن كل نقص وعيب ويؤخذ من قوله: (( فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ)) (( سبحان)) ومر علينا في التفسير أن الذي ينزه الله عنه أمران: النقص في صفاته ومماثلة المخلوقين ، فعلمه عز وجل لا يناله نقص لا من حيث الشمول ولا من حيث السبق ولا من حيث اللحوق ولا يماثل علم المخلوقين وهكذا بقية الصفات. ومن فوائدها: أن ملكوت السماء والأرض وكل شيء فهو بيد الله عز وجل لقوله: (( الذي بيده ملكوت كل شيء)) فهو مالك لكل شيء ولا أحد يشركه في ملكه كما قال الله تعالى: (( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)) [سبأ:23].
فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون الفاء فصيحة ، أي إذا ظهر كل ما سمعتم من الدلائل على عظيم قدرة الله وتفرده بالإلهية وأنه يعيدكم بعد الموت فينشأ تنزيهه عن أقوالهم في شأنه المفضية إلى نقص عظمته لأن بيده الملك الأتم لكل موجود. والملكوت: مبالغة في الملك - بكسر الميم - فإن مادة فعلوت وردت بقلة في اللغة العربية. من ذلك قولهم: رهبوت ورحموت ، ومن أقوالهم الشبيهة بالأمثال رهبوت خير من رحموت أي لأن يرهبك الناس خير من أن يرحموك ، أي لأن تكون عزيزا يخشى بأسك خير من أن تكون هينا يرق لك الناس ، وتقدم عند قوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض في سورة الأنعام. وجملة وإليه ترجعون عطف على جملة التسبيح عطف الخبر على الإنشاء فهو مما شملته الفصيحة. والمعنى: قد اتضح أنكم صائرون إليه غير خارجين من قبضة ملكه وذلك بإعادة خلقكم بعد الموت. وتقديم ( إليه) على ( ترجعون) للاهتمام ورعاية الفاصلة ؛ لأنهم لم يكونوا يزعمون أن ثمة رجعة إلى غيره ، ولكنهم ينكرون المعاد من أصله.
ألاَ ترى أن سيدنا موسى - عليه السلام - غضب منه حينما خرق السفينة، وتعمد أنْ يعيبها، وهي لمساكين فقراء، هذا هو عالم الملْك الذي اطَّلع عليه العبد الصالح، أما علمه بعالم الملكوت ففي قوله: { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79] فأطلع العبدَ الصالح على بعض عالم الملكوت، كما أطلع إبراهيم عليه السلام على ملكوت السماء. وكلمة (ملكوت) تحمل معنى المبالغة، مثل: رحموت وجبروت ورهبوت، فهي إذن للمبالغة في الملْك، لكن نلحظ عند علماء القراءات أن أحدهم يقرأ: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة: 4] فيقول (مَلِكِ يوم الدين) بدون صيغة المبالغة، قالوا: لأن الكلام عن يوم الدين، وفي هذا اليوم الملْك كله لله وليس لأحد مُلْك، ولا حتى الثوب الذي يرتديه. ومن ذلك أيضاً قولنا في الأذان الله أكبر فذكر الصفة (أكبر) دون مبالغة، ولم يذكر الاسم (الكبير)، فكيف يتأتَّى ذلك في شعار الصلاة، التي هي عماد الدين، ونأتي بالصفة دون الاسم؟ قالوا: لأن الأذان يأخذ الناس من أعمالهم للاستجابة لنداء ربهم، والعمل له اعتباره في الإسلام؛ لأنه مهمة الإنسان في الحياة، وبه يتوصَّل إلى طاعة الله؛ لذلك يُقدِّره الدين ولا يحتقره.