من العلماء من قال: إن الموسْوِس بالكسر المستعاذ بالله منه إنس وجن، ومنهم من قال: إن الوسواس الخناس الذي هو كبير الأبالسة يوسوس في صدور الفريقين: يوسوس في صدور الإنس، ويوسوس في صدور الجن كذلك.
3- روي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما وقرأ {قل هو اللّه أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده». يصنع ذلك ثلاث مرات. قال أبو البقاء العكبري: سورة الناس: بسم الله الرحمن الرحيم لقد ذكرنا في أول سورة البقرة أن أصل ناس عند سيبويه أناس فحذفت فاؤه: وعند غيره لم يحذف منه شئ، وأصله نوس لقولهم في التصغير نويس. وقال قوم: أصله نيس مقلوب عن نسى أخذوه من النسيان وفيه بعد، و {الوسواس} بالفتح اسم، وبالكسر المصدر، والتقدير: من شر ذى الوسواس، وقيل سمى الشيطان بالفعل مبالغة، و {الخناس} نعت له، و {الذى يوسوس} يحتمل الرفع والنصب والجر. قل أعوذ برب الفلق .. سورة الفلق. قوله تعالى: {من الجنة} هو بدل من شر بإعادة العامل: أي من شر الجنة، والنصب والجر. قوله تعالى: {من الجنة} هو بدل من شر بإعادة العامل: أي من شر الجنة، وقيل هو بدل من ذى الوسواس لأن الموسوس من الجن، وقيل هو حال من الضمير في يوسوس: أي يوسوس وهو من الجن، وقيل هو بدل من الناس: أي في صدور الجنة، وجعل {من} تبيينا وأطلق على الجن اسم الناس لأنهم يتحركون في مراداتهم، والجن والجنة بمعنى، وقيل من الجنة حال من الناس: أي كائنين من القبيلين، وأما {الناس} الأخير فقيل هو معطوف على ذى الوسواس: أي من شر القبيلين، وقيل هو معطوف على الجنة، والله أعلم.
قال ابن عاشور: ورب الفلق: هو الله، لأنه الذي خلق أسباب ظهور الصبح، وتخصيص وصف الله بأنه رب الفلق دون وصف آخر لأن شرا كثيرا يحدث في الليل من لصوص، وسباع، وذوات سموم، وتعذر السير، وعسر النجدة، وبعد الاستغاثة واشتداد آلام المرضى، حتى ظن بعض أهل الضلالة الليل إله الشر. والمعنى: أعوذ بفالق الصبح منجاة من شرور الليل، فإنه قادر على أن ينجيني في الليل من الشر كما أنجى أهل الأرض كلهم بأن خلق لهم الصبح، فوصف الله بالصفة التي فيها تمهيد للإجابة[8]. سوره قل اعوذ برب الناس عدنان. وبعد أن عمم الاستعاذة من جميع المخلوقات، خصص بالذكر ثلاثة أصناف تنبيها على أنها أعظم الشرور، وأهم شيء يستعاذ منه، وهي: 1 – {ومن شر غاسق إذا وقب} أي وأعوذ بالله من شر الليل إذا أقبل؛ لأن في الليل مخاوف ومخاطر من سباع البهائم، وهوام الأرض، وأهل الشر والفسق والفساد. 2 – {ومن شر النفاثات في العقد} أي وأعوذ بالله من شر النفوس أو النساء الساحرات؛ لأنهن كن ينفثن (أي ينفخن مع ريق الفم) في عقد الخيوط، حين يسحرن بها. والنفث: النفخ بريق، وقيل: النفخ فقط. قال أبو عبيدة: إنهن بنات لبيد بن الأعصم اليهودي اللاتي سحرن النبي صلى الله عليه وسلم. 3 – {ومن شر حاسد إذا حسد} أي وأعوذ بالله من شر كل حاسد إذا حسد: وهو الذي يتمنى زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود[9].
قال محيي الدين الدرويش: (114) سورة النّاس: مكيّة. وآياتها ستّ. بسم الله الرحمن الرحيم. اللغة: {الْوَسْواسِ} اسم بمعنى الوسوسة، كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فوسواس بالكسر كزلزال والمراد به الشيطان سمّي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنه صنعته وشغله وأريد ذو الوسواس. وفي المصباح أنه يطلق أيضا على ما يخطر بالقلب من الشر وكلّ ما لا خير فيه. وفي المختار: حديث النفس يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بالكسر والوسواس بالفتح الاسم. {الْخَنَّاسِ} في المختار خنس عنه تأخر وبابه دخل وأخنسه غيره أي خلفه ومضى عنه، والخناس الشيطان لأنه يخنس إذا ذكر اللّه عزّ وجلّ. قال في أساس البلاغة: خنس الرجل من بين القوم خنوسا إذا تأخر واختفى وخنّسته أنا وأخنسته وأشار بأربع وخنس إبهامه ومنه الخناس وفي الحديث: «الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر اللّه خنس» وفي أنفه خنس وهو انخفاض القصبة وعرض الأرنبة. سوره قل اعوذ برب الناس تفسير. والبقر خنس.. الإعراب: {قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس} {قل} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وجملة {أعوذ} مقول القول و {أعوذ} فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا و {برب الناس} متعلقان بـ: {أعوذ} و {ملك الناس} و {إله الناس} بدلان أو صفتان أو عطفا بيان، وكرّر الإضافة فيهما زيادة للبيان.
قلت: ماذا أقول يا رسول الله؟ فسكت عني فقلت: اللهم اردده عليّ، فقال: "يا عقبة، قل". قلت: ماذا أقول يا رسول الله؟ فقال: " {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} " فقرأتها حتى أتيت على آخرها، ثم قال: "قل". قلت: ماذا أقول يا رسول الله؟ قال: " {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} " فقرأتها حتى أتيت على آخرها).. (ثم قال عند ذلك: "ما سأل سائل ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما") فلم يرني سررت بهما جدًا، فلما نزل لصلاة الصبح، فأقيمت الصلاة فتقدم فقرأ بهما في الصبح للناس، ثم مر بي فقال: "كيف رأيت يا عقبة بن عامر؟ اقرأ بهما كلما نمت وقمت"[4]. 114 : سورة الناس بدون تشكيل - منهل الثقافة التربوية. 4 – لما سُحر النبي – صلى الله عليه وسلم – أتاه بهما جبريل وأمره أن يحل العقد ويقرأ آية فجعل يقرأ ويحل حتى قام كأنما أنشط من عقال. عن زيد بن أرقم قال: سحر النبي – صلى الله عليه وسلم – رجل من اليهود، قال: فاشتكى (لذلك أيامًا) فأتاه جبريل (عليه السلام) بالمعوذتين وقال: إن رجلًا من اليهود سحرك (عقد لك عقدًا) والسحر في بئر فلان. قال: فأرسل (رسول الله – صلى الله عليه وسلم -) عليًّا (فاستخرجوها) فجاء بها. قال: فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية، فجعل يقرأ ويحل حتى قام النبي – صلى الله عليه وسلم – كأنما أنشط من عقال: قال: فما ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لذلك اليهودي شيئًا مما صنع به، قال: ولا أراه وجهه[5].