ولد " الحسن بن هانئ " الذي عرف فيما بعد باسمه المحبب " أبو نواس " عام 154 هجريًا في عهد ثاني الخلفاء العباسيين أبي جعفر المنصور بباب النار في خورستان لأمٍ فارسية وأب دمشقي، ولما شب "الحسن" أرسلته أمه إلى عطّار ليعمل عنده أجيرًا، وشغلت عنه بغرام جديد بمن يدعي "العباس"، فتولى العطّار تربيته ورعايته، وكان أبو نوّاس يحب ارتياد مجالس العلم والشعر بعد انتهاء العمل مع العطّار، ثم التقى بالشاعر "آلبة بن الحبّاب" فصحب أبو نوّاس معه إلى الكوفة، تولى "آلبة" تعليمه الشعر وحرص على اصطحابه في المجالس العلمية والأدبية والشعرية التي كانت تتنوع بين الشعر القديم والتفاسير والنقد الأدبي. مكث أبو نوّاس سنةً كاملةً في الكوفة ثم رجع للبصرة مرةً أخرى بعد أن بالكوفة وما فيها ثم التقى بأستاذه الثاني الشاعر " خلف الأحمر " فتعلم منه الكثير في العلم والأدب وتزود من ثقافته. ارتحل أبو نوّاس إلى بغداد ليلتقي باللخليفة هارون الرشيد ويمدحه ونال مكانةً مرموقةً عنده، لكن كان يحبسه هارون الرشيد كثيرًا بسبب شعره الذي احتوى الكثير من المجون، ويُحكى أن هارون الرشيد أمر بقتل أبي نواس: فقال: أتقتلني شهوةً لقتلي؟ فقال: لا، بل أنت مستحق للقتل.
توفي الرشيد وتولى ابنه الأمين الحكم من بعده فعاد أبو نواس إلى بغداد حيث كانت تربطه صداقة قديمة بالأمين: أبقاه الأمين بجواره يستمع إلى مدحه وطرائف شعره، لكن كانت سيرة أبو نواس غير الحميدة تدفع خصومه إلى لومه على اتخاذ شاعر غير سوي كهذا فكان يضطر إلى حبسه كثيرًا، قبل أن يتوفى الأمين ويرثاه أبو نواس بقصائد يتبين منها صدقه في صداقته إياه. ثانياً: ظواهر المجون في شعر أبو نواس لنتعرف سريعًا على ظاهرة المجون التي شاعت بشكل كبير بين الكثير من شعراء هذا العصر، والأسباب المؤدية لها، والذي عده بعض الأدباء والنقاد المحدثون هذا اللون فنًا قائمًا بذاته، ومن بينهم د. ابو النواس شعر غزل. محمد مصطفى هدارة في كتابه " اتجاهات الشعر في القرن الهجري الثاني " حيث وضع يده على جملة من الأسباب التي جعلت من المجون تيارًا فنيًا جارفًا، وقد حدد أولًا الإطار الزّمني لهذه الظاهرة بالقرن الهجري الثاني، ثم حدد مفهوم المجون بقوله: "هو ارتكاب المآثم والدعوة إلى التحلل الأخلاقي، ومجانبة الآداب بدعوى الحرية الفكرية". أما "طه حسين" فيري: أنّ التماجن في الشعر قد بدأ بتحول السلطة من الأمويين إلى العباسيين، ويرمي من وراء ذلك إلى أنّ العنصر الفارسي كان له الأثر البارز في نشوء هذه الظاهرة، ثم تبنّى هدارة هذا الرأي عندما لاحظ أنّ أغلب الشعراء المُجّان كانوا من الموالي.
ديوانه لقد جمع ديوان أبي نواس كثيرون منهم الصولي المتوفى عام 338هجري (946م) جمعه في عشرة فصول, و حمزة بن الحسن الأصفهاني ، ونسخة هذا الأخير أكثر سعة, وأقل تحقيقا ، وقد جمعها المهلهل بن يموت بن مزرد الذي كان على قيد الحياة حوالي عام 332هجري (943م) برسالة عنوانها "سرقات أبي نواس" آراء بعض الرواة في شعر أبي نواس كان أبو عبيدة يقول: (( ذهبت اليمن بجيد الشعر في قديمه حديثه ب امرئ القيس في الأوائل, و أبي نواس في المحدثين)). قال عبيد الله بن محمد بن عائشة: ((من طلب الأدب فلم يرو شعر أبي نواس فليس بتام الأدب)). وكان يقال: شعراء اليمن ثلاثة, امرؤ القيس و حسان بن ثابت وأبو نواس كما قال أبو نواس عن نفسه: ((لو أن شعري يملؤ الفم ما تقدمني أحد)). ابو النواس شعر. وقال أيضا: ((أشعاري في الخمرة لم يقل مثلها, و أشعاري في الغزل فوق أشعار الناس, وأجود شعري إن لم يزاحم غزلي, ما قلته في الطرد (الصيد). )) وفاته: لم يلبث أبو نواسٍ أن توفي قبل أن يدخل المأمون بغداد و قد اختلف في مكان وفاته أهي في السجن أو في دار إسماعيل بن نوبخت. و قد اختلف في سبب وفاته و قيل إن إسماعيل هذا قد سمه تخلصاً من سلاطة لسانه.
ويعلق الدكتور البهبيتي على القصة التي أوردناها آنفًا بين الإمام الشافعيِّ، وأبي نواس، فيقول: "فالرجل يحبه ويشفق عليه مقتنعًا بأن ما مضت عليه أيام أبي نواس لا يصلح لأن يلقي به ذلك اليوم من أيامه، فكأنه بسؤاله ذاك يذكِّره بالتوبة، ويخفف من وقع الساعة عليه". ويضيف قائلًا: "وفي أبي نُواس إثارة من الخير، وسؤر من الإيمان، يلتمعان من وراء ذلك الاستهتار". وقبل أن نورد شذرات من زهديات أبي نواس يَحْسُنُ بنا أن نقف عند رأي الدكتور محمد مصطفى هدَّارة، وما يقوله في أبي نواس: "ألم يوجد شعراء ماجنون أشد مجونًا من أبي نواس ثم تابوا وتزهدوا والتزموا ذلك في أشعارهم؟ فلماذا نَشُكُّ في توبة أبي نواس، إن كان قال زهدياته قبيلَ وفاته، كما يذهب بعضُ المؤرخين والكتَّاب، ولماذا نَشكُّ في صدق إيمان أبي نواس؟" (اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري، ص: 341).
بتصرّف. ↑ "ما لا تعرفه عن أبو نواس" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019. بتصرّف. ↑ "مظاهر التجديد في العصر العباسي " ، ، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2019. كتب ابو نواس في وصف النساء في الغزل الفاحش - مكتبة نور. بتصرّف. ↑ "دع عنك لومي فإن اللوم إغراء" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2019. ↑ "يا خاطب القهوة الصهباء" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2019. ↑ "سألتها قبلة" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2019. ↑ "نال مني الهوى" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2019. ↑ "سخر الله للأمين مطايا" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2019.
[٢] التجديد في شعر أبي نواس ممّا لا شك فيه أنّ الشاعر أبا نواس قد خلّف موروثًا شعريًا، كان حافلًا بالمفردات اللغوية القويمة بالإضافة إلى التعابير البلاغية الرصينة، وإن كان من ناحية أخرى يعاب عليه مجونه وانحرافه، فقد كان أبو نواس لديه دافعًا للتجديد والتطور، وذلك بحكم ما اجتمع لديه من عوامل خارجيّة ونفسيّة، ويمكن حصر مظاهر التجديد في شعر أبي نواس فيما يأتي: [٣] البنية: استبدل الشاعر أبو نواس الوقفة الطللية التي اشتهرت بالشعر الجاهلي بالوقفة الخمرية، حيث أنه تخلى عن البنية الثلاثية التي امتازت بها القصيدة الجاهلية، وثار عليها. الغرض: إنّ من أهم الأغراض التي استحدثها الشاعر أو نواس هو الخمرية، والحديث عن الخمر في الكثير من قصائده. يا ابنة الشيخ اصبحينا - ابو نواس - الديوان. الايقاع: لقد ركز الشاعر أبو نواس على الايقاع الداخلي للقصيدة، الذي نشأ بسبب التكرار والجناس وغير ذلك. الصورة: قام الشاعر أبو نواس باستحداث وابتكار صورًا جديدةً لتشخيص الخمر، من خلال اعتماده على الاستعارة في تشكيل صوره الشعرية.