و شاهد أيضاً تعريف بر الوالدين وحقوقهم وفضل برهم بالأدلة القرانية والأحاديث. كيف أبرهما في حياتهما ؟ في حياتهما معاً علينا أن نرفق بهما. و نستمع إليهما بكل جوارحنا؛ لأننا أغلى ما يملكون هم في هذه الحياة الدنياً. نطيعهما بكل شيئ إلا أن نشرك بالله وحده لا شريك له. كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما - سطور. في مراحل عمرنا الأولى نستمع لهم و نصحهما لنا. إلى أن يتزوج الإبن أو البنت عليهما مراعاة مشاعر الوالدين و أن تكون طلباتهم تنفذ قبل أن يطلبوها. و أن يكون هناك تزاور من وقت لآخر حتى لا يشعرون بالغربة وسط أولادهم و أحفادهم. الصلاة له جزء أساسي في بر الوالدين حينما يكون لهم من الدعاء في سجودنا و رفع أيدينا إلى الله نسأله من فضله فيجب علينا الدعاء لهما بكل خير. و شاهد أيضاً احاديث بر الوالدين وآيات قرآنية وأدعية مستجابة لهما. بر الوالدين بعد مماتهما سردنا بعض المواقف التي تجعل بر الوالدين في حياتهما بكل الخير لهما و اولادهما أيضاً، و لكن بعد مماتهما يقتصر البر على عدة أشياء و جميعها هام جداً لنا و لهم بأمر الله تعالى. الصدقات الجارية لهما خير دليل حينما نساهم في بناء مسجد أو من يضع مبرد مياه سبيل بالطرقات و الشوارع المختلفة أو من يهتم بإطعام أسر أو أسرةً واحدةً إبتغاء وجه الله تعالى في والديه.
وثبت في الحديث الصحيح في مسند أحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! أَنَّى لِي هَذِهِ؟! فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ)[صحيح رواه أحمد]. ثانيا: وإنفاذ عهدهما من بعدهما قال بعض العلماء: المقصود هنا هو الوصية.. والحق أن العهد أكبر من الوصية ـ وإن كانت الوصية أوله وآكده.. فإذا كانت بالثلث أو أقل وجب تنفيذها، وإن زادت استحب لهم تنفيذها من باب البر والفضل، لا من باب الوجوب والحتم. ويدخل في معنى العهد: إذا كان أحد الوالدين عهد بالإحسان إلى أخ لحاجته، أو إلى اخت لفقر أو مرض، أو إلى جار أو قريب بعينه، أو صاحب أو صديق، أو بالاهتمام بشيء معين، فمن البر تنفيذ ذلك والقيام به ما لم يكن إثما أو معصية. بر الوالدين في حياتهما وبعد مماتهما. ثالثا: وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما فصلة الرحم واجبة في حد ذاتها، وتكون أوجبَ بعد وفاة الأصول كالأب والأم، وهذه الصلة تشمل الأعمام والعمات وأبنائهم، والأخوال والخالات وأبنائهم، والإخوة والأخوات من باب أولى. فنحرص على صلتهم والإحسان إليهم، وانتقاء الكلمات الطيبة لهم، وزيارتهم باستمرار حتى لا تنقطع الرحم بعد وفاة الوالدين، وإنما تظل متصلةً؛ فننال بها أجر صلة الرحم وبر الوالدين بعد موتهما.
فبرهما في الحياة: الإحسان إليهما، والإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وخفض الجناح لهما، وعدم رفع الصوت عليهما، والدفاع عنهما في كل شيء يضرهما إلى غير ذلك من وجوه الخير. والخلاصة أن يكون الولد حريصًا على جلب الخير إليهما ودفع الشر عنهما في الحياة وفي الموت؛ لأنهما قد أحسنا إليه إحسانًا عظيمًا في حال الصغر وربياه وأكرماه وتعبا عليه، فالواجب عليه أن يقابل المعروف بالمعروف والإحسان بالإحسان، والأم حقها أعظم، كما قال النبي ﷺ لما سئل قيل: "يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك [1]) وفي لفظ آخر: قال يا رسول الله من أحق الناس بالبر؟ (قال من أبر يا رسول الله؟) قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب [2]. وبيَّن عليه الصلاة والسلام أن أحق الناس بالإحسان والبر أمك ثلاث مرات، ثم أبوك في الرابعة. وهذا يوجب للولد العناية بالوالدة أكثر، والإحسان إليها أكمل، ثم الأب يليها بعد ذلك، فبرهما والإحسان إليهما جميعًا أمر مفترض، وحق الوالدة على الولد الذكر والأنثى أعظم وأكبر. وسئل الرسول ﷺ عن حق الوالدين بعد مماتهما؟ فقال له سائل: "يا رسول الله، هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما بعد وفاتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، من بعدهما وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما [3].
7- قضاء صيام رمضان عنهما: لحديث ابن عباس السابق: والشاهد: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» رواه مسلم. وفيه دليل على أنَّ الصوم يُقضى عن الميت، سواء كان الصوم عن فرض أو عن نذر. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ؛ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» متفق عليه. قال ابن حجر - رحمه الله - في قوله: «صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»: (هذا خبر بمعنى الأمر، تقديره: فليصم عنه وليه، وليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور)؛ لأن الولي محسن، وما على المحسنين من سبيل، وله أجر الدلالة على الخير. 8- الصدقة عنهما: عن سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ - رضي الله عنه -؛ أن أُمَّه تُوُفِّيَتْ وَهْوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. [الحائط المِخراف: أي: البستان المُثمر، سمَّاها مِخرافاً؛ لما يُخترف منها] رواه البخاري. الخطبة الثانية الحمد لله.. أيها الأحبة، ومن أعظم أنواع البر الذي يُوصَل بها الوالدان بعد وفاتهما: 9- صلة الرحم التي لا توصل إلاَّ بهما: لحديث أبي بُردة - رضي الله عنه - قال: قَدِمتُ المدينةَ فأتاني عبدُ الله بنُ عمر - رضي الله عنهما - فقال: أتدري لِمَ أتيتُكَ؟ قلت: لا، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ أحَبَّ أنْ يَصِلَ أباه في قبره؛ فَلْيَصِلْ إخوانَ أبيه بعدَه [أي: أصدقاء أبيه من بعد موته]، وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاءٌ وَوُدٌ، فأحببتُ أنْ أصِلَ ذاك.