[٤] تفسير آيات ثواب المؤمنين وجزاء الكافرين ذكرت السورة الكريمة ثواث المؤمنين على إيمانهم وأعمالهم، وجزاء الكافرين على كفرهم، نبين ذلك كما يأتي: جزاء الكافرين: إن الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين، عقابهم نار جهنم ماكثين فيها على الدوام، وأولئك هم أشد الخليقة شرا، [٥] قال تعالى: ( إِ نَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَـئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ). [٦] ثواب المؤمنين: وعد الله المؤمنين الذين صدقوا بنبيه ونفذوا أمره بجنات الخلد، تجري من تحت الأنهار، خالدين فيها أبدًا، رضي الله عنهم فقبل أعمالهم الصالحة، ورضوا عنه بما أعدَّ لهم من أنواع الكرامات، ذلك الجزاء الحسن لمن خاف الله واجتنب معاصيه ، [٧] قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ). [٨] التعريف بسورة البينة سورة البيّنة سورة مدنية، وهي من السور القصيرة، وترتيبها في المصحف العثماني السورة الثامنة والتسعون، كما يوجد فيها ثماني آيات، وموقعها في المصحف في الربع السابع، الحزب الستين، الجزء الثلاثين، ونزلت بعدها سورة الطلاق، [٩] وقد بدأت السورة بأسلوب نفي، قال تعالى: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا).
ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار - الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بأبدانهم- بأنهم خير البرية. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البينة. وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء، على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة؛ لقوله: ( أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ( 8) ثم قال: ( جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي:يوم القيامة، ( جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) أي:بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم، ( وَرَضُوا عَنْهُ) فيما منحهم من الفضل العميم. ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي:هذا الجزاء حاصل لمن خشي الله واتقاه حق تقواه، وعبده كأنه يراه، وقد علم أنه إن لم يره فإنه يراه. وقال الإمام أحمد:حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب - مولى أبي هريرة- عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبركم بخير البرية؟ » قالوا:بلى يا رسول الله.
فقلت: « أسأل الله معافاته ومغفرته ». فقال:على حرفين. فلم يزل حتى قال:إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف. تفسير سورة البينة للأطفال. كما قدمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه في أول التفسير. فلما نـزلت هذه السورة الكريمة وفيها: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ قرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار، لا قراءة تعلم واستذكار، والله أعلم. وهذا كما أن عمر بن الخطاب لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية عن تلك الأسئلة، وكان فيما قال:أولم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: « بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟ ». قال:لا قال: « فإنك آتيه، ومُطوَّف به ». فلما رجعوا من الحديبية، وأنـزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم سورة « الفتح » ، دعا عمر بن الخطاب وقرأها عليه، وفيها قوله: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ الآية [ الفتح:27] ، كما تقدم. وروى الحافظ أبو نُعَيم في كتابه « أسماء الصحابة » من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري المدني: حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم، عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن أبي حكيم المدني، حدثني فُضَيل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:إن الله ليسمع قراءة « لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا » فيقول:أبشر عبدي، فوعزتي لأمكننه لك في الجنة حتى ترضى.
قال: بالله آمنت ، وعلى يدك أسلمت ، ومنك تعلمت. قال: فرد النبي صلى الله عليه وسلم القول. [ قال] فقال: يا رسول الله ، أذكرت هناك ؟ قال: " نعم ، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى ". قال: فاقرأ إذا يا رسول الله. تفسير سورة البينة للأطفال. هذا غريب من هذا الوجه ، والثابت ما تقدم. وإنما قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة تثبيتا له ، وزيادة لإيمانه ، فإنه - كما رواه أحمد والنسائي من طريق أنس عنه ، ورواه أحمد وأبو داود ، من حديث سليمان بن صرد عنه ، ورواه أحمد ، عن عفان ، عن حماد ، عن حميد ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت عنه ، ورواه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عنه كان قد أنكر على إنسان - وهو: عبد الله بن مسعود - قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأهما ، وقال ، لكل منهما: " أصبت ". قال أبي: فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره ، قال أبي: ففضت عرقا ، وكأنما أنظر إلى الله فرقا. وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل أتاه فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف.