وبهذا يظهر وجه تقديم ( من أقصى المدينة) على ( رجل) للاهتمام بالثناء [ ص: 366] على أهل أقصى المدينة. وأنه قد يوجد الخير في الأطراف ما لا يوجد في الوسط ، وأن الإيمان يسبق إليه الضعفاء لأنهم لا يصدهم عن الحق ما فيه أهل السيادة من ترفق وعظمة إذ المعتاد أنهم يسكنون وسط المدينة ، قال أبو تمام: كانت هي الوسط المحمي فاتصلت بها الحوادث حتى أصبحت طرفا وأما قوله تعالى في سورة القصص وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى. فجاء النظم على الترتيب الأصلي إذ لا داعي إلى التقديم إذ كان ذلك الرجل ناصحا ولم يكن داعيا للإيمان. حبيب النجار... الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى في سورة يس،ومصيره ..!!. وعلى هذا فهذا الرجل غير مذكور في سفر أعمال الرسل وهو مما امتاز القرآن بالإعلام به. وعن ابن عباس وأصحابه وجد أن اسمه حبيب بن مرة قيل كان نجارا - وقيل غير ذلك - فلما أشرف الرسل على المدينة رآهم ورأى معجزة لهم أو كرامة فآمن. وقيل: كان مؤمنا من قبل ، ولا يبعد أن يكون هذا الرجل الذي وصفه المفسرون بالنجار أنه هو " سمعان " الذي يدعى " بالنيجر " المذكور في الإصحاح الحادي عشر من سفر أعمال الرسل وأن وصف النجار محرف عن " نيجر " فقد جاء في الأسماء التي جرت في كلام المفسرين عن ابن عباس اسم شمعون الصفا أو سمعان.
حدثنا موسى ، قال: ثنا عمرو ، قال: ثنا أسباط ، عن السدي ، قال: ذهب القبطي ، يعني الذي كان يقاتل الإسرائيلي ، فأفشى عليه أن موسى هو الذي قتل الرجل ، فطلبه فرعون وقال: خذوه فإنه صاحبنا ، وقال للذين يطلبونه: اطلبوه في بنيات الطريق ، فإن موسى غلام لا يهتدي الطريق ، وأخذ موسى في بنيات الطريق ، وقد جاءه الرجل فأخبره ( إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك). حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن أصحابه ، قالوا: لما سمع القبطي قول الإسرائيلي لموسى ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) سعى بها إلى أهل المقتول فقال: إن موسى هو قتل صاحبكم ، ولو لم يسمعه من الإسرائيلي لم يعلمه أحد; فلما علم موسى أنهم قد علموا خرج هاربا ، فطلبه القوم فسبقهم; قال: وقال ابن أبي نجيح: سعى القبطي. وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى. حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، قال قال الإسرائيلي لموسى: ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) وقبطي قريب منهما يسمع ، فأفشى عليهما. حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال: سمع ذلك عدو ، فأفشى عليهما. [ ص: 547] وقوله: ( وجاء رجل) ذكر أنه مؤمن آل فرعون ، وكان اسمه فيما قيل: سمعان.
السائل: مثلى المحروقي العمر: المستوى الدراسي: بكالوريوس الدولة: عمان المدينة: السوال: من الرجل المقصود في الآية: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ؟ الجواب: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد: قال الله عز و جل: { وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} ، ( سورة يس: 20). الرجل الذي جاء من أقصى المدينة هو حبيب النجار مؤمن آل يس. روى إبن عباس عن النبي ( صلى الله عليه و آله) أنه قال: " الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس ، قال: { يا قوم اتبعوا المرسلين} ، و حزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} ، و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم ، ( كنز العمال: 32898. ما المقصود بالرجل والمدينة في: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى}؟. مواضيع ذات صلة
[ ص: 368] وجاءت الجملة الأولى من الصلة فعلية منفية لأن المقصود نفي أن يحدث منهم سؤال أجر فضلا عن دوامه وثباته ، وجاءت الجملة الثانية اسمية لإفادة إثبات اهتدائهم ودوامه بحيث لا يخشى من يتبعهم أن يكون في وقت من الأوقات غير مهتد. وقوله ( ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون) عطف على جملة ( اتبعوا المرسلين) قصد إشعارهم بأنه اتبع المرسلين وخلع عبادة الأوثان ، وأبرز الكلام في صورة استفهام إنكاري وبصيغة: ما لي لا أفعل ، التي شأنها أن يوردها المتكلم في رد من أنكر عليه فعلا ، أو ملكه العجب من فعله أو يوردها من يقدر ذلك في قلبه ، ففيه إشعار بأنهم كانوا منكرين عليه الدعوة إلى تصديق الرسل الذين جاءوا بتوحيد الله فإن ذلك يقتضي أنه سبقهم بما أمرهم به. و " ما " استفهامية في موضع رفع الابتداء ، والمجرور من قوله لي خبر عن ما الاستفهامية. وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى خواطر من قصة بذل مؤمن ال يس - شبكة الكعبة الاسلامية. وجملة لا أعبد حال من الضمير. والمعنى: وما يكون لي في حال لا أعبد الذي فطرني ، أي لا شيء يمنعني من عبادة الذي خلقني ، وهذا الخبر مستعمل في التعريض بهم كأنه يقول: وما لي لا أعبد وما لكم لا تعبدون الذي فطركم بقرينة قوله ( وإليه ترجعون) إذ جعل الإسناد إلى ضميرهم تقوية لمعنى التعرض ، وإنما ابتدأه بإسناد الخبر إلى نفسه لإبرازه في معرض المناصحة لنفسه وهو مريد مناصحتهم ليتلطف بهم ويدارئهم فيسمعهم الحق على وجه لا يثير غضبهم ويكون أعون على قبولهم إياه حين يرون أنه لا يريد لهم إلا ما يريد لنفسه.
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [سورة يس: 20-25] تفسير الآيات القرطبي: قوله تعالى: { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} هو حبيب بن مري وكان نجارًا. وقيل: إسكافًا. وقيل: قصارًا. وقال ابن عباس ومجاهد ومقاتل: هو حبيب بن إسرائيل النجار وكان ينحت الأصنام، وهو ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة، كما آمن به تبع الأكبر وورقة بن نوفل وغيرهما. ولم يؤمن بنبي أحد إلا بعد ظهوره. قال وهب: وكان حبيب مجذومًا، ومنزله عند أقصى باب من أبواب المدينة، وكان يعكف على عبادة الأصنام سبعين سنة يدعوهم، لعلهم يرحمونه ويكشفون ضره فما استجابوا له، فلما أبصر الرسل دعوه إلى عبادة الله فقال: هل من آية؟ قالوا: نعم، ندعو ربنا القادر فيفرج عنك ما بك.
السؤال: السلام عليكم و رحمة الله - تعالى – وبركاته،،، تكررت في آيات القرآن الكريم الآية: { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى}، فهل هذا الرجل واحد أم ماذا؟ نرجو من سيادتكم التوضيح؛ وشكرًا. الإجابة: الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ: فقد وردت الآية المذكورة في موضعين من كتاب الله، الأولى في سورة القصص: { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [الآية: 20]. والمقصود به رجل من شيعة موسى – عليه السلام - من أقصى المدينة، فاختصر طريقا حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره، كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره. وقال في "فتح القدير" (4 / 235): "قيل: المراد بهذا الرجل: حزقيل: هو مؤمن آل فرعون، وكان ابن عم موسى، وقيل: اسمه: شمعون، وقيل: طالوت، وقيل: شمعان". أما الموضع الثاني ففي سورة يس قوله – تعالى -: { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [الآية: 19]. قال في "الكشف والبيان" - للثعلبى - (11 / 279): "هو حبيب بن مري، وقال ابن عباس ومقاتل: حبيب بن إسرائيل النجار، وقال وهب: وكان رجلاً سقيماً قد أسرع فيه الجذام، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة، وكان مؤمنًا ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين: فيطعم نصفًا عياله، ويتصدق بنصفه".
وإذ قد نفي عن شفاعتهم النفع للمشفوع فيه فقد نفي عنهم أن يشفعوا بطريق الالتزام لأن من يعلم أنه لا يشفع لا يشفع ، فكأنه قال: أأتخذ من دونه آلهة لا شفاعة لهم عند الله ، لإبطال اعتقادهم أنهم شفعاء مقبولو الشفاعة. وإذ كانت شفاعتهم لا تنفع لعجزهم وعدم مساواتهم لله الذي يضر وينفع في صفات الإلهية كان انتفاء أن ينقذوا أولى. وإنما ذكر العدول عن دلالة الفحوى إلى دلالة المنطوق لأن المقام مقام تصريح لتعلقه بالإيمان وهو أساس الصلاح. وجملة إني إذا لفي ضلال مبين جواب للاستفهام الإنكاري. فحرف إذا جزاء للمنفي لا للنفي ، أي إن اتخذت من دون الله آلهة أكن في ضلال مبين. وجملة إني آمنت بربكم فاسمعون واقعة موقع الغاية من الخطاب والنتيجة من الدليل. وهذا إعلان لإيمانه وتسجيل عليهم بأن الله هو ربهم لا تلك الأصنام. وأكد الإعلان بتفريع فاسمعون استدعاء لتحقيق أسماعهم إن كانوا في غفلة.