ما معنى علم ينتفع به عند موت العالم أو المعلم يترك الكتاب أو الطلبة وهو الأمر الذي يجعله ينتفع ويأخذ الملايين من الحسنات، حيث أن الكتاب يطلع عليه الملايين والطلاب يعلموا طلاب وهكذا، وربما ترك المعلم ندوات أو محاضرات مسجلة وهذا ينفع من يشاهدها مرة أخرى مما يمنحه الأجر طوال الوقت. معنى قوله ﷺ في العمل للميت: ( أو ولد صالح يدعو له). ما معنى ولد صالح يدعو له عند موت العبد يدعو له الولد الصالح مما يمنحه الأجر والثواب، ولكن هل يتوقف الدعاء على الأولاد فقط؟ نعم دعاء الولد الصالح له ميزة الخصوصية لأنه يدعو لوالده بسبب إحسانه له، والدعاء للميت يصله من الولد وغيره وربما كان جار أو قريب أو تلميذ وغيرهم من أحباء المتوفى الذين يدعون له بالرحمة، وجاءت كلمة الصالح لأن العبد الصالح دعائه مستجاب أو أقرب إلى الإجابة، وهو خير من الولد الفاجر. ويقول المولى عز وجل "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم". ومن أمثلة الدعاء الذي يقال للمتوفي اللهم ارفع درجته في المهديين، اللهم كفر سيئاته، اللهم ضاعف حسناته، اللهم أسكنه الجنة، اللهم أرحمه، والعديد من الدعوات الطيبة، ومنه القران الذي يتوب عليه المتوفى ولكنه هذا من الأمور الخلاف التي كان للعلماء فيها أراء فمنهم من قال أن قراءة القران تلحق بالميت ويثاب عليها وقاسوا على الصدقة، والبعض قال لم يأتي في القران ولا السنة ما يدل على تثويب القران.
حديث: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملهُ إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ رواه مسلم [1].
الخَلْقُ لهُ كَمٌّ وكَيْفٌ، الكَمُّ معناه مِقدارُ الحجم، الله خَلَق مِنَ الحَجم ما مِقدارُه صَغيرٌ كحَبّةِ الخردَل وخَلَق ما مِقدارُه أكبرُ وهو أكبرُ الأجرَامِ حَجمًا وهو العرشُ وخلَقَ ما بينَهُما من الأحجَام، الله الذي خَلَق المقدَارَ لا يكونُ لهُ مِقدَارٌ. وإلى أولئك الذين يقدسون ابن القيم نقول لهم قال ابن القيم في كتاب الروح (ص/175) (وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وسلم (إذا مات العبد انقطع عمله)، فاستدلال ساقط، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقل انقطع انتفاعه، وإنما أخبر عن انقطاع عمله، وأما عمل غيره فهو لعامله فإن وهبه له وصل إليه ثواب عمل العامل، لا ثواب عمله هو، فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر). اهـ
والدعاء عن طريق الصوم أو الصلاة للمتوفى فهي من الأمور الخطأ وفي هذا قال صلى الله عليه وسلم "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وقال "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، ويمكن فقط الحج أو الدعاء أو الصدقة عن الميت ويمكن أداء الصيام الواجب عليه أي إذا مات وعليه صيام سواء نذر أو كفارة أو رمضان، ولكن الصوم التطوعي أو الصلاة لم يأتي بهم نصاً قطعياً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أو من أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بني مسجد، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته". وولد صالح يدعو له. والمقصود من الحديث الشريف أن العبد بعد موته يؤجر على بعض الأعمال وهو في قبره وحتى قيام الساعة، ومن هذه الأعمال تعليم العلم وتعريف الناس على أمور دينهم وهديهم إلى الصراط المستقيم ، وهذا يوضح مكانة الدعاة المخلصين والعلماء الناصحين للأمة المهمومون بشئون دينهم. ومن يشق القناة والعيون والأنهار لتصل المياه إلى الناس والحدائق والمزارع والماشية، ومن يحفر الآبار وهو شبيه بمن يشق الأنهار وقال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "بينما رجل في طريق فاشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل من الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجر؟، فقال في كل ذات كبد رطبة أجر".
[٤] صدقة جارية الصدقة الجارية هي الصدقة التي يجري نفعها ويدوم، وبهذا يصل أجرها إلى العبد وينفعه بعد موته، وقد فسّر بعض العلماء الصدقة الجارية بالوقف، ولكن يمكن إطلاق الصدقة الجارية على كلّ ما يستمر وتدوم فائدته، [٤] وهذا بابٌ كبيرٌ؛ ومنه بناء المساجد والمشاركة فيها، فأجر ذلك يدوم ما دام المسجد باقياً والناس يصلّون فيه ويعمرونه بذكر الله وقراءة القرآن الكريم. [٦] ومن أمثلة الصدقة الجارية أيضاً سبيل الماء الذي يشرب منه الناس، أو شقّ الجداول والقنوات التي تنفع العباد، وغرس الأشجار وتركها للناس يستظلون بها ويأكلون من ثمارها، وغير ذلك من الأشياء التي يمكن ألّا تكلّف كثيراً من العناء ولكنّها ستكون سبباً في الكثير من الحسنات للعبد في حياته وبعد مماته. [٢] علم ينتفع به إنّ العلم الذي يُفيد العبد بعد موته هو العلم النافع ، أمّا العلم الذي لا يجني منه الناس نفعاً فلن يكون له أجر، ولهذا فقد قيّد بعض أهل العلماء العلم النافع في هذا السياق بالعلم بالكتاب والسنّة وكلّ ما يتصل بهما من العلوم، والعلم يشمل التعليم والتأليف والنّسخ وكل ما هو متصّل بإيصال المعلومة الصحيحة للآخرين، [٣] ويمكن إطلاق العلم الذي يُنتفع به على كلّ علمٍ يُفيد الناس في دينهم ودنياهم، وتكون النيّة فيه هي نفع العباد وتحصيل الأجر والثواب من خالقهم الكريم.