فقرن الخالق سقي الإنسان في بعض المواضع بسقي النبات والأنعام لما تضمنته من إنعام على الإنسان نفسه، قال جل وعلا "ونسقيَه مما خلقنا أنعاما وأناسيّ كثيرا" "الفرقان آية 49" فدليل سعة شمولية المنفعة تقديم سقي النبات والحيوان على الإنسان. وجعلنا من الماء كل شيء حي. وقد عرضت عدة مظاهر تجلت فيها نعمة الماء كونه شرابا لبني الإنسان وسببا في الشجر الذي ترعى فيه دوابهم والذي يجدون فيه طعامهم وفاكهتهم وسائر حاجاتهم، قال تعالى "أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تُسيمون. ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات" "النحل آية 10". ولتوثيق الصلة بين الإنسان والنعم المائية ذكّر القرآن الإنسان بأسلوب الوصف الدال على المنفعة والخير لتقريب الفهم بالتغيير أثناء كلامه عن البحر، هذا الذي يخشاه الإنسان الأول ويحسبه مصدرا للشر والرهبة والغموض ومكمنا للحيوانات الأسطورية المخيفة، فصار بالأسلوب القرآني محببا إلى النفس مقربا إليها لمّا عبّر عنه "باليمّ" في عدة مواضع ليشعر بالمنفعة التي فيه، ذلك أن اليم مشتق منه التيمم وهو القصد "لأن المستنفعين به يقصدونه"؛ مثلما عبر عن ماء السماء "بالغيث" لأن فيه إغاثة الناس من القحط والجدب، وعن تسخير البحر لتجري فيه الفلك بأمر الله.
إنَّ الحياةَ على وجه الأرض؛ حياةَ الإنسانِ، وحياةَ الحيوانِ، وحياةَ النباتِ، قوامها الماءُ، فالماءُ هو الوسيطُ الوحيدُ الذي يحمل الأملاحَ والموادَّ الغذائية منحلةً فيه إلى الكائن الحيِّ، ولولا الماءُ لَمَا كان على وجه الأرض حياةٌ. قال تعالي وجعلنا من الماء كل شيء حي بالانجليزي. ولكنْ من منَّا يصدِّقُ أنَّه في كلِّ ثانيةٍ حصراً، في كلِّ ثانيةٍ تمضي يهطل من السماء إلى الأرض على مستوى الكرة الأرضية ستة عشر مليون طنٍّ من الماء، قال تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا﴾ [عبس: 25]. من أجل قوام الحياة تسقط في كلِّ ثانيةٍ ستةَ عشرَ مليوناً من الأطنان منَ الماءِ، تسقطُ من السماءِ إلى الأرض، ولكنَّ هذا السقوط يتبدَّى فيه اسمُ (اللطيف) ، فلو أنَّ هذا الماءَ هوى على الأرض بشكلٍ متصلٍ مجمَّعٍ لأتْلَفَ كلَّ شيءٍ، ولحطَّم كلَّ شيءٍ، ولأنهى الحياةَ، ولكنَّه ينزلُ على شكل قطراتٍ صغيرةٍ فيها لطفٌ، وفيها رحمةٌ، وفيها حكمةٌ. رقماً ثالثاً قرأنُه، هو أنَّ المناطق الرَّعويَّةَ في بلدنا سورية، بفضل نزولِ الأمطار الغزيرة التي انهمرت عام (1988) أنبتتْ هذه المناطقُ من العشبِ الرَّعويِّ الذي تأكله الماشيةُ، ما لو أردنا أنْ نستوردَه لكلَّفنا عشرةَ آلافِ مليون ليرةٍ، أيْ عشرة ملياراتٍ ليرة، لكنْ بتلك الأمطارِ الغزيرةِ التي تفضَّلَ اللهُ بها علينا استعينا عن دفع هذه المبالغِ الطائلةِ ثمناً للأعلافِ.
الرئيسية / مقالات / ما معنى قوله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي"؟ 14 مايو، 2018 4, 180 زيارة ما معنى قوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي)؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني. السؤال: قال الله تعالى (( وجعلنا من الماء كل شئ حي)) (الأنبياء:30) ولكن هناك حيوانات لا يشربون الماء والادهى من ذلك اذا شربوا الماء يموتون، فما الحكم؟ الجواب: 1- عدم شرب حيوان ما للماء لا يعني عدم كونه من الماء إذ لا ملازمة بينهما. كما لا ملازمة بين عدم شربه للماء وعدم دخوله في العليات الحيوية في داخل جسمه بطريقة وأخرى. 2- لعل الآية ناظرة الى أصل الوجود والتكوين حيث يشترك الماء في تكوينها، قال صاحب الميزان 14/279: وقوله: (( وجعلنا من الماء كل شيء حي)) ظاهر السياق أن الجعل بمعنى الخلق و(كل شيء حي) مفعول والمراد أن للماء دخلاً تاماً في وجود ذوي الحياة كما قال: (( والله خلق كل دابة من الماء)) (النور:45). وعلى هذا النحو تكون جميع الكائنات الحية مرتبطة بالماء. تفسير قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) - موضوع. 3- و يوجد رأي آخر يذهب اليه صاحب تفسير الأمثل (10/154): (( إن الماء هنا إشارة الى النطفة التي تتولد منها الكائنات الحية عادة)).
وهذا الماء هو غذاء الأرض والكائنات وحياتُها؛ وبفقده تذبل وتموت، فإذا نزل عليها اهتزت وربت وتحركت فيها الحياة وتلألأت بالخضرة والنضارة، وصدق الله العظيم:{فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[الروم:50]. فهل استشعرنا حقًّا قدر هذه النعمة عندما نجدها بين أيدينا سهلة ميسرة، تنهال علينا عذبًا فراتًا لأكلنا وشربنا وغسلنا ووضوؤنا وجميع احتياجاتنا، هل استشعرنا أهميتها وضروريتها في حياتنا، وأننا لا غنى لنا عنها طرفة عين.
2021-04-09, 05:19 PM #1 "النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (19) اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها. قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً". قال تعالي وجعلنا من الماء كل شيء حي كان. الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد. قال الله تعالى في سورة " الأنبياء ": (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) القول الراجح في المراد بالآية أن كل شيء حي فهو مخلوق من الماء. فمعنى الآية: خلقنا من الماء كل الأحياء وخلقنا من الماء كل حيوان. والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية. اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على قولين: القول الأول: أن المعنى: أحيينا بالماء الذي ننزله من السماء كل شيء, وجعلنا الماء سبباً لحياة كل حي. (مال إليه الرازي*) (واقتصر عليه ابن جرير* ولكنه استدل بقول قتادة (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) قال: كل شيء حيّ خُلق من الماء, وفي الحقيقة قول قتادة هو دليل للقول الثاني) فمعنى الآية على هذا القول: جعلنا كل حي يحيا بسبب الماء, وبفقد الماء لا يبقى حياً.