ومن المفيد أن نذكر أن المرأة البدوية بالرغم من كونها تعامل معاملة أحسن من زميلتها القروية، فإنها لم تكن مساوية للرجل، وأن التقدير والإعجاب اللذين كانا محيطين بها راجعان إلى اختلافهما في التكوين والخلقة عن الرجل - فالرجل كان المحارب والحاكم، والمرأة هي الجمال. إن الفروسية لا تعترف بمساواة الجنسين لأنهما مخلوقان مختلفان والمرأة لم تحاول أن تشارك الرجل في الحكم يوماً. كهربائي منازل في ابوظبي - : generalmaintence1. وفكرة مثل هذه كانت غير مستحسنة من الطرفين مزايا البدو الأخرى إن طلاب المجد وحب الشهرة خلقا في البدوي مزايا أخرى أهمها الكرم والسخاء. يعتمد البدوي في حياته على قطعانه، وهي بطبيعة الحال عرضة للسلب والفقدان في كل لحظة، وهذه الحال قد تجعل الرجل الغني الوفير الخيرات في القبيلة يصبح فقيراً معدماً في اليوم التالي - وفي نفس الوقت قد يسترجع ما فقد بغزوة ثانية موفقة يقوم بها، ولذلك فإن البدوي يشبه الأموال بالأوساخ العالقة باليد تأتي اليوم وتذهب غداً. إن حياة التنقل المستمر جعلت من الصعب على البدوي أن يحتفظ بكثير من ضروريات الحياة، كما أن حبه للظهور وتعطشه للمجد كان لهما أثر كبير في أعماله القريبة من الخيال؛ فهو مستعد دائماً لأن يبذل كل ما يملك أو يمنح بسخاء جميع ما غنمه في غزوة شاقة خطرة لكي يظهر بمظهر شائق.
ولكي أوضح ما أقصد باستعمال كلمة الفروسية يجب أن أرجع بكم إلى العصور الخالية. عندما كانت موارد الرزق تنحصر في الزراعة وتربية المواشي، وكان الإنسان في إنكلترا وأوربا على العموم يستطيع أن يجمع بين العملين معا لأن جو هذه البلاد الرطب كان يهيئ كثرة الكلأ وخصوبة المرعى، ولذلك كان بإمكان المزارع أن ينصرف إلى أعمال الحرث والحصاد، وفي نفس الوقت يقتني المواشي التي ترعى بالقرب من مزرعته لكثرة الأعشاب. ولكن تطبيق هذه الطريقة في تنظيم العمل كان متعذراً في القارات الأخرى وعلى الأخص آسيا وأفريقيا حيث تقل الأمطار وتعاني مساحات واسعة منها المحل والجفاف لقلة سقوط الأمطار وبطبيعة الحال تقل المراعي وتبعد المسافة بينها - ولذلك كان المزارع الذي لا يتمكن من ترك حقله غير واجد مرعى لأغنامه. وهكذا كان الجمع بين الزراعة والرعي غير ممكن. ولذلك بقى سكان تلك البلاد ألوف السنين منقسمين إلى قسمين متباينين الرعاة والمزارعين أو البدو والحضره وهكذا أوجدت طريقتا المعيشة بينه تباينا في الأخلاق وتباعدا في المجتمع فتأصل العداء. قد يستغرب الرجل الإنكليزي في هذه الأيام أن يجد عندما يزور البدو تشابها عظيما بين عاداتهم وبين عادات الفرسان الأوروبيين في العصر الإقطاعي، ولهذا ترون أنني استعملت كلمة (الفروسية) عنواناً لمحاضرتي.
ولقد كان للحياة في هذه السنين منظر ساحر خلاب بصفة عامة. فإذا أنت كتبت عن شخصية سعيدة ثم اختتمت قصتك ختاماً سعيداً أيضاً، فأنك تكون بذلك فناناً أميناً على الحق في فنك. وإذا حملت على بعض مظاهر السلوك الخلقي أو السياسي، فانك بذلك لم تكن قد تطورت في موضوع رديء! تركت (الدر سميث) بعد أن نشرت لي كتابي الثاني، لأني كرهت أن أحرم ثمن النسخ الثمانمائة الأولى من كل كتاب من كتبي: وصادقت (مارتن يكر) ذلك الناشر النبيل الذي كان في ذلك الوقت يدعى (د. هـ. بورنس وكومبتون ماكنزي وفرانك سونيرتوس وفرانسيس برت يونج وجلبرت كانان) وليس في وسع بياني أن يعبر عما ندين به للصديق (مارتن سيكر) فلقد كان صديقاً وفياً. يتولى مهمة الناشر في إخاء ومودَّة، وإنه ليسعدني أن أذكر أنه حينما غامر بنشر قصتي (الصبر)؛ لم يأسف على هذه المغامرة!! القاهرة احمد فتحي