كتاب: الجدول في إعراب القرآن. إعراب الآية رقم (45): {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (45)}.
وجملة {وكان الله على كل شيء مقتدرًا} جملة معترضة في آخر الكلام. موقعها التذكير بقدرة الله تعالى على خلق الأشياء وأضدادها، وجعل أوائلها مفضية إلى أواخرها، وترتيبه أسباب الفناء على أسباب البقاء، وذلك اقتدار عجيب. وقد أفيد ذلك على أكمل وجه بالعموم الذي في قوله: {على كل شيء} وهو بذلك العموم أشبه التذييل. والمقتدر: القوي القدرة. {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الكهف - الآية 45. اعتراض أريد به الموعظة والعبرة للمؤمنين بأن ما فيه المشركون من النعمة من مال وبنين ما هو إلا زينة الحياة الدنيا التي علمتم أنها إلى زوال، كقوله تعالى: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل} [آل عمران: 196] وأن ما أعد الله للمؤمنين خير عند الله وخير أملًا. والاغتباط بالمال والبنين شنشنة معروفة في العرب، قال طرفة: فلو شاء ربي كنت قيس بن عاصم ** ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي ** بنون كرام سادة لمسوّد و {والباقيات الصالحات} صفتان جرتا على موصوف محذوف، أي الأعمال الصالحات الباقيات، أي التي لا زوال لها، أي لا زوال لخيرها، وهو ثوابها الخالد، فهي خيرٌ من زينة الحياة الدنيا التي هي غير باقية.
وبعد: فلا ينبغي للعاقل أن يفهم مما تقدم، أن شريعة الإسلام تزهد المسلم في السعي في هذه الدنيا، وتقلل من شأن إعمارها وبناءها، فليس هذا ما تدل عليه نصوص الشريعة ، وليس هذا مرادها، بل على العكس من ذلك؛ إنها تطلب من المسلم أن ينظر إلى هذه الحياة بروح إيجابية فعالة بناءة، بحيث يجعل جهده منصبًا على إعمار هذه الأرض بكل ما هو نافع؛ وأن يكون متوازنًا في توجهه بين مطالب الدنيا وحاجاتها، وبين تكاليف الآخرة وواجباتها، فلا يجعل الدنيا همه الوحيد، وقبلته التي عنها لا يحيد، بل تحثه على أن يجعل منها وسيلة للحياة الآخرة، لا أن يقف عندها، مغترًا بزخرفها وزينتها، بحيث تنسيه الآخرة. ويلخص هذا كله، قوله سبحانه: { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص من الآية:77]. 147 17 74, 585
1 إجابة واحدة إعراب فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً: فانفجرت: الفاء عاطفة، (انفجر) فعل ماض مبنى على الفتح، والتاء للتأنيث من: حرف جرّ، والهاء ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (انفجرت) اثنتا: فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف فهو ملحق بالمثنّى عشرة: جزء عدديّ مبنيّ على الفتح لا محلّ له عيناً: تمييز منصوب بالفتحة تم الرد عليه فبراير 4، 2020 بواسطة Mervat Ismael ✭✭✭ ( 40. 8ألف نقاط)
ومراد الراغب هنا: أن لفظ (الانبجاس) أخص من لفظ (الانفجار)، فكل انفجار انبجاس، من غير عكس؛ فلما كان خروج الماء في آيتي البقرة والأعراف من مكان ضيق، وهو (العين) جاء باللفظين معاً: { فانبجست}، و{ فانفجرت}؛ لاستعمال لفظ (الانبجاس) فيما يخرج من مكان ضيق، واستعمال لفظ (الانفجار) فيما يخرج من مكان ضيق وواسع معاً. ولما كان خروج الماء من مكان واسع، كالنهر والبحر، جاء بلفظ (الانفجار) فحسب، كما في قوله سبحانه: { وفجرنا خلالهما نهرا}، وقوله تعالى: { وفجرنا الأرض عيونا}؛ لاستعمال لفظ (الانفجار) فيما يخرج من مكان واسع. ثم إن البغوي ذكر فرقاً بين اللفظين قريباً مما ذكره الراغب ، فقال: "انبجست، أي: عرقت. وانفجرت، أي: سالت". اعراب جملة فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا - إسألنا. وعبر عن هذا الفرق ابن عطية ، فقال: "الانبجاس: أخف من الانفجار"؛ وعبر عنه الآلوسي بقوله: "الانبجاس: أول خروج الماء؛ والانفجار: اتساعه وكثرته". وذكروا فرقاً ثالثاً، فقالوا: "الانبجاس خروجه من الصلب، والآخر خروجه من اللين"، يعني: أن الانبجاس يكون في شيء قاس، كالحجر والصخر؛ والانفجار يكون في شيء لين، كالأرض الرخوة. وتأسيساً على ما تقدم من فروق لغوية بين اللفظين، ذكر بعض أهل العلم وجهاً بلاغياً للآية، فقال: لما كان طلب السقيا في سورة الأعراف من بني إسرائيل، ناسبه الإتيان بلفظ يدل على الابتداء، فقال جواباً لطلبهم: { فانبجست}، الدال على ابتداء خروج الماء؛ ولما كان طلب السقيا في سورة البقرة من موسى عليه السلام غاية لطلبهم؛ لأنه واقع بعده ومرتب عليه، قال إجابة لطلبه: { فانفجرت}، الدال على الكثرة والاتساع، فناسب الابتداءُ الابتداءَ، وناسبت الغايةُ الغايةَ.