يكون حكمه حكم اليمين فيما ذكره جماعة من أهل العلم وروي عن جماعة من السلف، وعن بعض الصحابة ما يدل على ذلك، وهذا هو الذي قرره أبو العباس ابن تيمية وابن القيم وجماعة وذكروا أنه في حكم اليمين، واحتجوا على هذا بآثار سلفية، وبعض الأحاديث الواردة في هذا الباب. والخلاصة: أن الواجب على هؤلاء عدم التلاعب بالطلاق والحذر من ذلك، فإذا وقع الطلاق بهذه الصيغة، عليه الطلاق ما يفعل كذا، عليه الطلاق أن يكلم فلان، عليه الطلاق أن يسافر، عليه الطلاق أنه ما يأكل عند فلان، وما أشبه هذه الأشياء، فإن نفذ فلا شيء عليه، وإن لم ينفذ بل أخل بما قال فعليه كفارة اليمين إذا كان المقصود هو تنفيذ هذا الشيء أو عدم تنفيذه، ليس المقصود فراق الزوجة، فهو بمثابة لو قال: والله لا أفعل كذا، والله لا أكلم فلان، والله لا أسافر، عليه كفارة اليمين. كتاب حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - المكتبة الشاملة. نعم. المقدم: وإذا كان لا يقصد لا يمين ولا طلاق لكن ألفاظ جرت على اللسان؟ الشيخ: لابد أن يقصد منع نفسه من شيء، مثل هذا أو حمله على شيء، الناس يستعملونه إما لحملها على شيء، وإلا لمنعها من شيء، هذا هو القاعدة المعروفة عند كما يفعلون مع الضيوف، علي الطلاق أن تأكل الذبيحة، علي الطلاق أن تجلس تأكل كرامتك، علي الطلاق أني ما أكلم فلان لأنه فعل وفعل، عليه الطلاق أنه ما يزور فلان لأنه غضبان عليه وهكذا.
اختلَفَ العُلَماءُ في حُكمِ الطَّلاقِ بثَلاثِ تَطليقاتٍ بلَفظٍ واحِدٍ (أنتِ طالِقٌ ثلاثًا)؛ على قَولَينِ: القول الأول: تقَعُ ثَلاثُ التَّطليقاتِ بلَفظٍ واحدٍ ثلاثًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1913] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (5/61)، ((مختصر القدوري)) (ص: 154). ، والمالِكيَّةِ [1914] ((الرسالة)) لابن أبي زيد القيرواني (ص: 93)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/301). ، والشَّافِعيَّةِ [1915] ((روضة الطالبين)) للنووي (8/82). ما حكم قول "عليَّ الطلاق"؟. ، والحَنابِلةِ [1916] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/241)، ((الإنصاف)) للمرداوي (8/334). ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ [1917] قال الصنعاني: (الثاني: أنَّه يقَعُ به الثَّلاثُ، وإليه ذهب عُمَرُ وابنُ عَبَّاسٍ وعائِشةُ، وروايةٌ عن عليٍّ والفُقَهاءِ الأربعةِ، وجُمهورِ السَّلَفِ والخَلَفِ، واستدلُّوا بآيات الطَّلاقِ، وأنَّها لم تُفَرِّقْ بين واحدةٍ ولا ثلاثٍ). ((سبل السلام)) (2/256). الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ قال تعالى: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة: 229] وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ ظاهِرَ الآيةِ يَقتَضي وقوعَ الطَّلاقِ في الطُّهرِ الواحِدِ بأنْ تُطَلَّقَ اثنتَينِ، ثمَّ واحِدةً [1918] ((شرح مختصر الطحاوي)) الجصاص (5/62).
((الفروع)) (9/19). ويُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (8/334). ، واختاره ابنُ تَيميَّةَ [1928] قال ابنُ تَيميَّةَ: (إذا قيل للرجُلِ: سَبِّح مَرَّتينِ، أو سَبِّحْ ثلاثَ مَرَّاتٍ، أو مِئةَ مَرَّةٍ؛ فلا بدَّ أن يقولَ: سُبحانَ اللهِ، سُبحانَ اللهِ، حتى يستوفيَ العَدَدَ، فلو أراد أن يُجمِلَ ذلك فيقولَ: سُبحانَ الله مرَّتينِ أو مِئةَ مَرَّةٍ، لم يكن قد سَبَّح إلَّا مَرَّةً واحدةً، واللهُ تعالى لم يَقُلْ: الطَّلاقُ طَلقتانِ، بل قال: مَرَّتَانِ [البقرة: 229] ، فإذا قال لامرأتِه: أنتِ طالِقٌ اثنتينِ أو ثلاثًا أو عشرًا أو ألفًا، لم يكن قد طَلَّقَها إلَّا مَرَّةً واحِدةً). ((مجموع الفتاوى)) (33/12). وقال: (إن طَلَّقها ثلاثًا في طُهرٍ واحِدٍ بكَلِمةٍ واحدةٍ أو كَلِماتٍ، مِثلُ أن يقولَ: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا، أو أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ، أو أنتِ طالِقٌ ثمَّ طالِقٌ ثمَّ طالِقٌ، أو يقولَ: أنتِ طالِقٌ، ثمَّ يقولَ: أنتِ طالِقٌ، ثمَّ يقولَ: أنتِ طالِقٌ، أو يقولَ: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا. أو عَشرَ طَلَقاتٍ أو مِئةَ طَلقةٍ أو ألفَ طَلقةٍ، ونحو ذلك من العباراتِ: فهذا للعُلماءِ مِن السَّلَفِ والخَلَفِ فيه ثلاثةُ أقوالٍ، سواءً كانت مدخولًا بها أو غيرَ مَدخولٍ بها... الثالث: أنَّه محرَّمٌ، ولا يلزَمُ منه إلَّا طَلقةٌ واحِدةٌ... والقول الثَّالِثُ هو الذي يدُلُّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ؛ فإنَّ كُلَّ طلاقٍ شَرَعه الله في القرآنِ في المدخولِ بها إنَّما هو الطَّلاقُ الرَّجعيُّ، لم يَشرَعِ الله لأحدٍ أن يُطَلِّقَ الثلاثَ جميعًا).
قلت: ولحديث أبي أمامة طريق أخرى بلفظ آخر: يرويه علي بن الحسن بن معروف ثنا عبد الحميد بن إبراهيم أبو التقى ثنا إسماعيل بن عياش عن داود بن إبرهيم الذهلي أنه أخبره عن أمامة صدي بن عجلان الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة كان بمنزلة من قاتل عن أنبياء الله عز وجل حتى يستشهد)). أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (123). قلت: وإسناده ضعيف جداً؛ داود بن إبراهيم الذهلي لم أقف له على ترجمة، وإسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل الشام مضطربة، ولا يُدرى هل هذا منها أم لا. وعبد الحميد بن إبراهيم أبو التقى: قال أبو حاتم: وليس هذا عندي بشيء، رجل لا يحفظ وليس عنده كتب. شرح حديث من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة. وقال النسائي: ليس بشيء، وقال في موضع آخر: ليس بثقة. وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (الجرح والتعديل6/ 8)، و((الثقات)) (8/ 400)، و((الميزان)) (2/ 537). وانظر: كتابي ((فتح العلي في تفسير آية الكرسي))، والله أعلم. [1] وقال زاد محمد بن إبراهيم في حديثه: (وقل هو الله أحد) قلت: طارق وهو ابن العلاء بن زبريق الحمصي قال محمد بن عوف: كان يسرق الأحاديث. الميزان (3/ 477)، واللسان (5/ 28)، والضعيفة (6012)، والله أعلم.
فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: «مَا هِيَ»؟ قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:« أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ»؟ قَالَ:لَا. قَالَ:«ذَاكَ شَيْطَانٌ». [أخرجه البخاري]. 2/ وفي الصباح والمساء: لحديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه كان له جُرُن ([2]) من تمر، فكان ينقص، فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال: ما أنت جني أم إنسي ؟ قال: جني. قال: فناولني يدك. من قرا ايه الكرسي دبر كل صلاه وكم. فناوله يده فإذا يده يد كلب وشعره شعر كلب. قال: هذا خلق الجن؟ قال: قد علمت الجن أن ما فيهم رجل أشد مني.
الحمد لله. أولا: آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله عز وجل ، وذلك لما رواه مسلم في "صحيحه" (810) عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟) قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟) قَالَ: قُلْتُ: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة تولى الله قبض روحه بيده . - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام. البقرة/255. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ: (وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ). ثانيا: الحديث الذي أورده السائل في استحباب قراءة آية الكرسي دبر صلاة العصر: لحديث لا أصل له ، ولم نقف له على سند ، بعد البحث ، ولم يذكره أحد من أهل العلم قط ، فيما نعلم. ثالثا: وردت عدة أحاديث في فضل قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة ، إلا أن هذه الأحاديث جميعها في إسنادها مقال ، ومنها الموضوع المكذوب. ومن أحسنها إسنادا ، ما أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (100) ، والطبراني في "الدعاء" (675) ، والروياني في "مسنده" (1268) ، من طريق مُحَمَّد بن حمير ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن زِيَاد ، عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:( من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت).
قال الدارقطني في ((الأفراد)): تفرد به محمد بن حمير عنه. قال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/ 279): قلت: وهو من رجال البخاري وكذا شيخه، وقد غفل أبو الفرج ابن الجوزي فأورد هذا الحديث في الموضوعات من طريق الدارقطني، ولم يستدل لمدعاه إلا بقول يعقوب بن سفيان: محمد بن حمير ليس بالقوي. قلت (القائل هو الحافظ): وهو جرح غير مفسر في حق من وثقه يحيى بن معين وأخرجه له البخاري. سلَّمنا، لكنه لا يستلزم أن يكون ما رواه موضوعا. وقد أنكر الحافظ الضياء هذا على ابن الجوزي. وأخرجه في ((الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين)) وقال ابن عبد الهادي: لم يصب أبو الفرج والحديث صحيح [2]. النبي عليه الصلاه والسلام يقول من قرا ايه الكرسي دبر كل صلاه لم يكن؟! الشيخ ياسر الدوسري - YouTube. قلت (القائل هو الحافظ): لم أجد للمتقدمين تصحيحا لتصحيحه. وقد أخرجه ابن حبان في كتاب ((الصلاة)) المفرد من رواية يمان بن سعيد عن محمد بن حمير ولم يخرجه في كتاب ((الصحيح)). أ. هـ. وقال في ((النكت على ابن الصلاح)) (2/ 849): وكحديث قراءة آية الكرسي دبر الصلاة؛ فإنه صحيح رواه النسائي وصححه ابن حبان. وقال ابن شاهين: وهذا حديث غريب تفرد به ابن حمير، لا أعلم حدث به عن محمد بن زياد غيره. وقال لنا عبد الله بن سليمان: لم يحدث به ابن حمير إلا بطرسوس وليس هو عند أهل حمص.
وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ ". انتهى والحاصل: أنه لم يرد في السنة بإسناد صحيح ولا ضعيف استحباب قراءة آية الكرسي عشر مرات دبر صلاة العصر. وإنما الوارد هو استحباب قراءتها مرة واحدة دبر كل صلاة. والله أعلم.