وذهب بعض العلماء إلى أن المراد مواضع الصلاة، وهي المساجد، وأن الكلام على حذف مضاف، وهو مذهب الشافعي. وقد اختار الطبري القول الأول، وهو الظاهر المتبادر؛ لأن اللفظ إذا دار بين الحقيقة والمجاز، كان حمله على الحقيقة أولى. قال الشيخ رشيد رضا في "تفسير المنار": "المراد بـ { الصلاة} حقيقتها لا موضعها، وهو المساجد كما قال الشافعية، والنهي عن قربانها دون مطلق الإتيان بها لا يدل على إرادة المسجد، إذ النهي عن قربان العمل معروف في الكلام العربي، وفي التنزيل خاصة { ولا تقربوا الزنى} (الإسراء:32) والنهي عن العمل بهذه الصيغة يتضمن النهي عن مقدماته". لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى - موقع مقالات إسلام ويب. وثمرة الخلاف بين الفريقين تظهر في حكم شرعي، وهو: هل يحل للجنب دخول المسجد؟ فعلى الرأي الأول لا يكون في الآية نص على الحرمة، وإنما تثبت الحرمة بالسنة المطهرة، كقوله عليه السلام: ( فإني لا أحل المسجد لجنب ولا حائض) رواه أبو داود ، وضعفه الشيخ الألباني. وغير ذلك من الأدلة. وعلى الرأي الثاني تكون الآية نصًّا في حرمة دخول الجنب للمسجد، إلا في حالة العبور، فإنه يجوز له العبور دون المكوث. المسألة الثانية: قوله تعالى: { وأنتم سكارى} الإجماع منعقد على أن السكر إذا بلغ بالشارب إلى حد التخليط، لا تصح صلاته، وفعلها حرام؛ لوجود العلة الموجبة للفساد.
جملة النداء: (يأيها الذين... وجملة (آمنوا... ) لا محل لها صلة الموصول (الذين). وجملة (لا تقربوا... ) لا محل لها جواب النداء. وجملة (أنتم سكارى) في محل نصب حال من الواو في (تقربوا). وجملة (تعلموا) لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن). وجملة (تقولون) لا محل لها صلة الموصول (ما) الاسمي أو الحرفي. وجملة (تغتسلوا) لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني. وجملة (كنتم مرضى) لا محل لها استئنافية. وجملة (جاء أحد... وجملة (لامستم... وجملة (لم تجدوا... وجملة (تيمموا... ) في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء. وجملة (امسحوا... ) في محل جزم معطوفة على جملة تيمموا. وجملة (إنّ اللّه كان... ابن تيمية يقول في علي : شرب الخمر فصلى وخلط :: شبهات وردود :: الدفاع عن السنة. وجملة (كان عفوا... ) في محل نصب خبر كان. الصرف: (سكارى)، جمع سكران زنة فعلان بفتح الفاء، صفة مشبهة من سكر يسكر باب فرح، و(سكارى) بضم السين وقد تفتح. (جنبا)، اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب، فهو لفظ يطلق على المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث... وبعضهم جمعه جمعا مذكرا سالما، قال قوم جنبون، وجمع تكسير فقالوا قوم أجناب، وفي تثنيته قالوا جنبان (وانظر الآية 191 من سورة آل عمران). (عابري)، جمع عابر، اسم فاعل من عبر يعبر باب نصر وزنه فاعل.
وعن عكرمة في الآية قال: نزلت في أبي بكر، وعمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، صنع علي لهم طعاماً وشراباً، فأكلوا، وشربوا، ثم صلى علي بهم المغرب؛ فقرأ: قل يا أيها الكافرون، حتى خاتمتها؛ فقال: ليس لي دين، وليس لكم دين، فنزلت: ﴿... لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ... ﴾ (الدر المنثور ج2 ص165 عن ابن المنذر، وفتح القدير ج1 ص472). اعراب جملة ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى - إسألنا. وعن علي، أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف، ورجل آخر، شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن: فقرأ: قل يا أيها الكافرون، فخلط فيها؛ فنزلت: ﴿... ﴾ (الدر المنثور ج2 ص165 عن ابن جرير، وابن المنذر، وجامع البيان للطبري ج5 ص61، وتفسير ابن كثير ج1 ص500 قال: وهكذا رواه أبو داود والنسائي). وعن الحاكم عن علي «عليه السلام»: دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب، فتقدم رجل وقرأ قل يا أيها الكافرون، فالتبس عليه فنزلت (مستدرك الحاكم ج2 ص308 وج4 ص142، وتلخيص الذهبي بهامشه، وراجع تفسير ابن كثير ج1 ص500 عن ابن أبي حاتم). وفي رواية أخرى عن علي «عليه السلام»: أن رجلاً من الأنصار دعاه، وعبد الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تحرم الخمر، فأمهم علي في المغرب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون؛ فخلط فيها، فنزلت الخ.. (راجع: سنن أبي داود ج3 ص225، وتفسير الخازن ج1 ص358).
وفي بعض الروايات: أنه قرأ: «قل يا أيها الكافرون؛ فلم يقمها» (أسباب النزول ص87، وجامع البيان للطبري ج2 ص212. ). ورواية أخرى لا تصرح باسم أحد، لكنها تقول: فشربها رجل، فتقدم، فصلى بهم، فقرأ: قل يا أيها الكافرون، أعبد ما تعبدون، فنزلت الخ.. (راجع: تفسير القرطبي ج5 ص200، والغدير ج6 ص252 و 253 عنه، وجامع البيان للطبري ج7 ص22، وتفسير النيسابوري بهامشه ج2 ص322، وتفسير الرازي ج6 ص40. وفي رواية أخرى عن عوف: فشربها رجلان؛ فدخلا في الصلاة، فجعلا يهجران كلاماً؛ لا يدري عوف ما هو (تفسير الطبري ج2 ص211). الجواب: المناقشة ونقول: إن ذكر علي «عليه السلام» في الرواية المذكورة لا يصح، بل إن الرواية بمجملها محل شك وشبهة لدينا، ونستند في حكمنا هذا إلى ما يلي: أولاً: إن الروايات المتقدمة فيها العديد من موارد التنافي والتناقض. فهل الذي صنع الطعام هو عبد الرحمن بن عوف؟ أم هو علي «عليه السلام»؟! أم هو رجل من الأنصار؟! وهل الذي صلى بهم إماماً هو علي «عليه السلام»؟ أم عبد الرحمن بن عوف، أم هو فلان الذي لم يسم؟! وهل قرأ القارئ في الصلاة: قل يا أيها الكافرون إلى آخرها، ثم قال: ليس لي دين، وليس لكم دين؟ أم أنه قرأ: قل يا أيها الكافرون: أعبد ما تعبدون؟!
ومذهب الشافعية أن المراد بها اللمس باليد، قال الطبري: "وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: { أو لامستم النساء} الجماع دون غيره من معاني اللمس؛ لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قبَّل بعض نسائه، ثم صلى، ولم يتوضأ. رواه الترمذي و ابن ماجه ، وصححه الشيخ الألباني. واختلف العلماء هنا: فقال مالك: الملامس بالجماع يتيمم، والملامس باليد يتيمم إذا التذ، فإن لمسها بغير شهوة فلا وضوء، وهو قول أحمد. وقال الشافعي: إذا أفضى الرجل بشيء من بدنه إلى بدن المرأة، سواء كان باليد أو بغيرها من أعضاء الجسد، انتقضت به الطهارة، وإلا فلا. وذهب أبو حنيفة إلى أن مس المرأة غير ناقض للوضوء، سواء كان المس بشهوة، أم بغير شهوة، إلا أن يكون معه انتشار فينتقض مع الوضوء. قال ابن رشد في "بداية المجتهد": "وسبب اختلافهم في هذه المسألة اشتراك اسم (اللمس) في كلام العرب، فإن العرب تطلقه مرة على اللمس الذي هو باليد، ومرة تكني به عن الجماع، فذهب قوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة هو الجماع في قوله { أو لامستم النساء} وذهب آخرون إلى أنه اللمس باليد، وقد احتج من أوجب الوضوء من اللمس باليد بأن اللمس ينطلق حقيقة على اللمس باليد، وينطلق مجازاً على الجماع، وإذا تردد اللفظ بين الحقيقة والمجاز، فالأولى أن يُحمل على الحقيقة، حتى يدل الدليل على المجاز.
وقال عَبيدة السّلمانِيّ (وَأَنْتُمْ سُكَارَى) يعني إذا كنت حاقناً؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- (لا يصلِّيَنَّ أحدكم وهو حاقن) في رواية (وهو ضام بين فخذيه). قلت: وقول الضحاك وعَبيدة صحيح المعنى؛ فإن المطلوب من المصلِّي الإقبالُ على الله تعالى بقلبه وترك الالتفات إلى غيره، والخلُّو عن كل ما يشوِّش عليه من نوم وحُقنة وجوع، وكل ما يشغَل البال ويغيّر الحال، قال -صلى الله عليه وسلم- (إذا حضر العَشاء وأُقيمت الصلاة فابدئوا بالعَشاء) فراعى -صلى الله عليه وسلم- زوال كلِّ مشوّش يتعلّق به الخاطر، حتى يُقبل على عبادة ربّه بفراغ قلبه وخالص لُبِّه، فيخشع في صلاته. • قال الرازي: المراد من (وَأَنتُمْ سُكَارَى) السكر من الخمر وهو نقيض الصحو، وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين، … ثم قال بعد أن ذكر القول الثاني، واعلم أن الصحيح هو القول الأول، ويدل عليه وجهان: الأول: أن لفظ السكر حقيقة في السكر من شرب الخمر، والأصل في الكلام الحقيقة، فأما حمله على السكر من العشق، أو من الغضب أو من الخوف، أو من النوم، فكل ذلك مجاز، وإنما يستعمل مقيداً. الثاني: أن جميع المفسرين اتفقوا على أن هذه الآية إنما نزلت في شرب الخمر وقد ثبت في أصول الفقه أن الآية إذا نزلت في واقعة معينة ولأجل سبب معين، امتنع أن لا يكون ذلك السبب مراداً بتلك الآية.
وقول إبراهيم: {رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً}.. أي يا رب إذا كنت قد جعلت هذا البيت آمنا من قبل فأمنه حتى قيام الساعة.. ليكون كل من يدخل إليه آمنا لأنه موجود في واد غير ذي زرع.. وكانت الناس في الماضي تخاف أن تذهب إليه لعدم وجود الأمان في الطريق.. أو آمنا أي أن يديم الله على كل من يدخله نعمة الإيمان. وقوله تعالى: {اجعل هذا بَلَداً آمِناً} تكررت في آية أخرى تقول: {اجعل هذا البلد آمِناً}.. فمرة جاء بها نكرة ومرة جاء بها معرفة.. نقول إن إبراهيم حين قال: {رَبِّ اجعل هذا البلد آمِناً}.. طلب من الله شيئين.. ربِّ اجْعلْ هذا البلدَ آمناً .. | مقالات منوعة | وكالة أنباء سرايا الإخبارية - حرية سقفها السماء. أن يجعل هذا المكان بلدا وأن يجعله آمنا. ما معنى أن يجعله بلدا؟ هناك أسماء تؤخذ من المحسات.. فكلمة غصب تعني سلخ الجلد عن الشاة وكأن من يأخذ شيئا من إنسان غصبا كأنه يسلخه منه بينما هو متمسك به. كلمة بلد حين تسمعها تنصرف إلى المدينة.. والبلد هو البقة تنشأ في الجلد فتميزه عن باقي الجلد كأن تكون هناك بقعة بيضاء في الوجه أو الذراعين فتكون البقعة التي ظهرت مميزة ببياض اللون.. والمكان إذا لم يكن فيه مساكن ومبان فيكون مستويا بالأرض لا تستطيع أن تميزه بسهولة.. فإذا أقمت فيه مباني جعلت فيه علامة تميزه عن باقي الأرض المحيطة به.
البعد عن الذنوب والمعاصي لا يجتمع الأمن والمعصية ابداً، فالذنوب مُزيلةٌ للنِّعم، وبها تحُلّ النِّقَم، حيث قال الله سبحانه وتعالى: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" [الأنفال: 53]، وما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفِع إلا بتوبة، والطاعةُ هي حِصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمِنين. تعريف الناس بالله وتخويفهم من عقابه وبطشه عندما تعلم الناس بحدود الله وعقابه، يضع الشخص هذا في الحسبان قبل ارتكاب أي معصية، فعلى سبيل المثال هابيل امتَنع من قتلِ قابيل لخوفِه من ربِّه وقال "مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" [المائدة: 28]. الحرص على تعليم المسلمين أمور دينهم حيث قال ابن القيِّم رحمه الله: "وإذا ظهر العلمُ في بلدٍ أو محلَّة قلَّ الشرُّ في أهلها، وإذا خفي العلمُ هناك ظهَر الشرُّ والفساد"، وفيها يتضح أن البلد العالم بأمور الدين ومتمسك بها تكون آمنة، وإذا كانت العكس فهذا ينشر الفساد والشر في البلاد. [3] المحافظة على عقول المسلمين من كل ما يفسدها. المحافظة على الأمن مسؤولية الجميع.
وواجبنا جميعاً أن نتعاون على إرساء الأمن في بلادنا بتحكيم شرع الله، وطاعته، وعدم السماح لطائفةٍ تنال من الدين، أو علمائه، أو دعاته، أو المنتسبين إليه، وطائفة أخرى لا تحكم الشرع في تصرفاتها، وتخالف أهل العلم الراسخين فيه، العارفين بالله، فهاتان طائفتان خطيرتان على الأمة والمجتمع: طائفة تستهتر بالدين وحملته، ومؤسساته، وتستفز مشاعر المسلمين، بتصرفاتها الرعناء ومقالاتها الساقطة المغرضة، وطائفة قامت بردود أفعال خاطئة ركبت فيها الشطط، وجانبت فيها الصواب، فوقع ما أزعج المجتمع، وأقضَّ مضاجع الناس. فلا للمنحرفين التافهين، أعداء الفضيلة ومحاربي الإصلاح ودعاته، والمتصيدين لأخطاء العلماء والدعاة والصالحين، ولا لمن اتخذ الغلو مركباً والعنف طريقاً، ونعم لوسطيةٍ راشدةٍ، على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسطيةٍ تحكِّم النقل، وتحترم العقل، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعلِّم الجاهل، وتنصح المخطيء، وترفق بالناس، وتدعو للإصلاح: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً). فتعالوا –جميعاً- إلى حوارٍ مفتوح، وصدرٍ مشروح، وجدالٍ بالتي هي أحسن، تعالوا إلى كلمةٍ سواء، تعالوا إلى دين قويم، ومذهب مستقيم؛ لنكون خير أمة أخرجت للناس، ربانيين رحماء، صالحين عقلاء، دعاةً أبراراً.