ترك برس أشاد سليمان صالح، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة والعضو السابق في مجلس الشعب المصري، بدور الدراما التاريخية في بناء الأمة، مستشهداً على ذلك بالمسلسل التركي الشهير "قيامة أرطغرل". دراما صينية وتايوانية الأرشيف - آسيا شو للدراما والبرامج الكورية والاسيوية. جاء ذلك في مقال له على "الجزيرة نت"، حيث أشار إلى الدراما التاريخية أصبحت صناعة من أهم الأصول الإستراتيجية التي تستخدمها الدول في بناء مستقبلها. وفيما يلي النص الكامل للمقال: الدولة التي تستهدف تطوير قوتها ومكانتها الدولية يجب أن تبحث في تاريخها عن العوامل والأسباب التي يمكن أن توحد شعبها وتزيد قدراته على تحقيق الإنجازات الحضارية. وهناك كثير من التجارب التاريخية الإنسانية التي توضح أن الشعب يمكن أن يتوحد حول حلم أو هدف يسعى إليه، وتعد تجربة الشعب الأميركي من أهم هذه التجارب؛ إذ تمكن من صياغة حلمه ببناء دولة الديمقراطية والرفاهية والتقدم، وتوحد من أجل تحقيق هذا الحلم. ولكن كيف يمكن استخدام الدراما التاريخية في صياغة حلم يمكن أن يوحد الشعب ويعبئ طاقاته، ويفجر قدراته على الإبداع والابتكار والعمل؟ التاريخ أحد أهم العوامل التي يمكن أن يستلهم منها صُنّاع الدراما الأحلام التي يمكن أن يتوحد حولها الشعب، وذلك بالبحث فيه عن العوامل التي تسهم في بناء القوة والمجد، لذلك فإن بناء الحلم يبدأ بالوعي بالتاريخ.
7. 24 City فيلم آخر للمخرج جا جنكي، وهذه المرة يظهر تطورًا واضحًا في تكنيك إخراجه، وتدور أحداث الفيلم في إطار إخراجي يجمع ما بين الوثائقية والخيال، إذ يحكي عن حياة العمال في مصنع مملوك للدولة، بأسلوب الأفلام الوثائقية التي تعتمد على طريقة الحوار المخطط له. 8. In the Mood for Love الفيلم يقدم واحدة من أشهر قصص الحب التي صورتها السينما وينقل فيضاً من المشاعر بأطيافها، المشاعر التي تنمو وتقوى كل يوم لتصبح حباً عميقاً. العمل من إخراج وونغ كار واي وحصل على تقييم 8 على موقع IMDB العالمي لتقييم الأفلام. 9. Yellow Earth صدر عام 1984، ويمثل أول أعمال المخرج الصيني الشهير كايج تشن، وتدور أحداثه حول جندي شيوعي يرسل في مهمة إلى الريف الصيني، وهناك يمكث مع أسرة بسيطة تغير حياته تمامًا. دراما صينية. 10. Love is Not Blind يتناول الفيلم قصة متعهدة حفلات زفاف تضطر إلى تنظيم حفل زفاف ثنائي سعيد، في الوقت الذي انفصلت فيه لتوّها عن حبيبها، والفيلم يعرض لمحة رومانسية خفيفة الظل بتصوير سينمائي جذاب.
دراسة احتياجات الشعوب وإذا كان مسلسل أرطغرل حقق كل تلك النتائج المهمة، وأسهم في بناء قوة الأمة رغم أن شخصية أرطغرل جاءت قبل بناء الدولة العثمانية، فماذا يمكن أن تفعل مسلسلات عن محمد الفاتح وسليم الأول وسليمان القانوني وصلاح الدين الأيوبي وهارون الرشيد؟! وماذا يمكن أن تفعل مسلسلات عن الثورة الجزائرية وفتح الأندلس على سبيل المثال؟ إننا يمكن أيضا أن نلاحظ فشل مسلسل مثل طومان باي، وهذا يوضح وعي الشعوب، وبحثها عن المعاني والقيم التي تشبع حاجتها لمعرفة بطولات القادة الحقيقيين الذين يدافعون عن الحق والعدل، لذلك أحبت الشعوب أرطغرل، وتفاعلت مع كل أبطال المسلسل. إن صناعة الدراما التاريخية تحتاج إلى دراسة حاجات الشعوب في فترة زمنية معينة؛ لذلك يمكن أن تسهم علوم الاتصال والإعلام والرأي العام وعلم النفس والاجتماع في إضاءة الطريق لصناع الدراما التاريخية، التي لا يمكن أن تنجح باستخدام ممثلين مشهورين أو مخرجين مبدعين فقط، ولكن يمكن أن تتقبلها الشعوب عندما تعبر عن أشواقها للحرية والعدل والمجد والسيادة، وعندما تصور قادة حقيقيين يتميزون بالرجولة والبطولة والثبات على الحق. والأمة تحتاج إلى مسلسلات وأفلام تصور الحياة في أيام المجد والانتصارات والتمكين، وتقدم الأبطال ليكونوا قدوة للشباب الذي يجب أن يتم إعداده ليقوم بوظيفته الحضارية، ويحمل رسالة الإسلام إلى البشرية.
التحرر من العجز والشعور بالدونية يقول أرطغرل في الحلقة 136 من المسلسل التركي: "لا يمكن إلا لمن يملكون أحلاما كبيرة أن يتقدموا في طريق النصر". مسلسل أرطغرل من أهم المسلسلات التركية التي قد أسهمت في الفترة الأخيرة في صياغة الحلم التركي الذي انطلق من تاريخ ما قبل بناء الدولة العثمانية ليحفز الشعب التركي ويطلق طاقاته لبناء النهضة والتقدم في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وفي العلوم والفنون. يوضح لنا هذا النموذج ما يمكن أن تحققه الدراما التاريخية، وكيف يمكن أن تسهم في بناء قوة الأمة ومستقبلها. إن الحلم يمكن أن يكون أساس بناء القوة، لكن الحلم لا يمكن أن يقوم إلا على أساس الثقة في تحقيقه؛ فهناك كثير من الذين يحلمون لكنهم يشعرون بالدونية والعجز. ولقد عملت القوى الاستعمارية منذ بداية القرن 19 على غرس الشعور بالدونية في نفوس شعوب أفريقيا وآسيا، فضاعت أحلامهم هباء عندما صدقوا الخرافات العنصرية الغربية التي تقوم على تفوق الرجل الأبيض ودوره التاريخي في تمدن البشرية وحقه في السيطرة على العالم، فلم يتمكن الحالمون من شحذ هممهم وعزائمهم لتحقيق أهدافهم، وكان من أهم أسباب الفشل أنهم لم يتمكنوا من توظيف تجاربهم التاريخية لبناء مستقبلهم.
والشعوب يمكن أن تتفاعل مع هذه المسلسلات لأنها تشبع احتياجاتها، وتضيء لها طريق المستقبل الذي يجب أن يقوم على الثبات على الحق، والدفاع عن الحرية والعدل، وبناء مجتمع المعرفة، وتحقيق الاستقلال الشامل. إننا يمكن أن نلاحظ أيضا كيف كان الجمهور العربي يكره الخونة في مسلسل أرطغرل، ويفرح بقتلهم، وهذا مؤشر مهم على أن المشاهد قد ضاق بالواقع المر، ويحتاج إلى تغييره، ويحلم بقادة أبطال يتميزون بالأصالة والشجاعة والثبات على الحق، ويريد مسلسلات تعبر عن حلمه في بناء مجتمعات يقودها رجال ينتمون للأمة، ويواجهون أعداءها بقوة الإيمان والضمير والعقل والقلب. والعرب يتميزون طوال تاريخهم بأنهم يكرهون الخيانة ويعدّونها عارا، ويحتقرون الخائن مهما كانت مكانته، ويعجبون بمن يثبتون على الحق، ويقدمون أرواحهم فداء لدينهم ودفاعا عن حرية شعوبهم واستقلال أوطانهم. فهل يمكن أن نجد دولة عربية تتبنى مشروع إنشاء شركات إنتاج دراما تاريخية تسهم في بناء حلم الأمة في تحقيق الاستقلال الشامل وحرية الإنسان والأوطان وتسهم في بناء مجتمع المعرفة؟!