توفى سعيد بن المسيب فى سنة 94 هجرية، وهو برأى العلماء سيد التابعين، كانت حياته حافة بالعلم وطلبه، وقد عانى كثيرا من بنى أمية، لكنه صبر، فما الذى يقوله التراث الإسلامى عن سعيد؟ يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "سعيد بن المسيب" ابن حزن بن أبى وهب بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى أبو محمد المدنف، سيد التابعين على الإطلاق، ولد لسنتين مضتا وقيل بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب، وقيل لأربع مضين منها، وقول الحاكم أبى عبد الله أنه أدرك العشرة وهم منه، والله أعلم. وروى عن عمر كثيرا، فقيل سمع منه، وعن عثمان وعلى وسعيد وأبى هريرة، وكان زوج ابنته، وأعلم الناس بحديثه، وروى عن جماعة من الصحابة، وحدث عن جماعة من التابعين، وخلق ممن سواهم. قال ابن عمر: كان سعيد أحد المتقنين، وقال الزهري: جالسته سبع حجج وأنا لا أظن عند أحد علما غيره، وقال محمد بن إسحاق، عن مكحول، قال: طفت الأرض كلها فى طلب العلم، فما لقيت أعلم من سعيد بن المسيب، وقال الأوزاعي: سئل الزهرى ومكحول من أفقه من لقيتما؟ قالا: سعيد بن المسيب، وقال غيره: كان يقال له فقيه الفقهاء. وقال مالك، عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، كنت أرحل الأيام والليالى فى طلب الحديث الواحد، قال مالك: وبلغنى أن ابن عمر كان يرسل إلى سعيد بن المسيب يسأله عن قضايا عمر وأحكامه، وقال الربيع، عن الشافعي، أنه قال: إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن.
وقال: كفى بالمرء نصرة من الله له أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله. وقال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه، وقال: الدنيا نذلة وهى إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها من غير وجهها ووضعها فى غير سبيلها، وقال: إنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذى فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغى أن تذكر عيوبه. وقال: من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله. وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين لكثير بن أبى وداعة، وكانت من أحسن النساء، وأكثرهم أدبا، وأعلمهم بكتاب الله، وسنة رسول الله (ﷺ)، وأعرفهم بحق الزوج - وكان فقيرا، فأرسل إليه بخمسة آلاف، وقيل: بعشرين ألفا، وقال: استنفق هذه.
فلما رآه لا يجيب أخرج إلى السدة فمدت عنقه وسلت عليه السيوف فلما رآه قد مضى أمر به فجرد فإذا عليه تبان شعر، فقال: لو علمت أني لا أقتل ما اشتهرت بهذا التبان فضربه به خمسين سوطاً ثم طاف به أسواق المدينة فلما رده والناس منصرفون من صلاة العصر، قال: إن هذه لوجوه ما نظرت إليها منذ أربعين سنة قال محمد بن القاسم: وسمعت شيخنا يزيد في حديث سعيد بإسناد لا أحفظه أن سعيداً لما جرد ليضرب، قالت له امرأة: لما جرد ليضرب إن هذا لمقام الخزي، فقال لها سعيد: من مقام الخزي فررنا. عن عبد الله بن القاسم، قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال إنه قد نهي عن مجالستي، قال: قلت: إني رجل غريب، قال: إنما أحببت أن أعلمك عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: ما كان إنسان يجترئ على سعيد بن المسيب يسأله عن شيء حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير. نظرته إلى الدنيا والمال:-. حدثنا سفيان بن عيينة، قال: قال سعيد بن المسيب: أن الدنيا نذلة، وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها. حدثني يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله يعطي منه حقه ويكف به وجه عن الناس.