(الأنعام:38) ولفظ المِسْيار له أصل في التاريخ قديمًا وحديثًا، فمن يتابع تاريخَ الرّحّالة الأوائل من المسلمين يجد أن بعضَهم قد يَحِلُّ ببلدة طلبًا للعلم أو المال، ويمكث بها فترة تَطول أو تَقْصُر، ويتزوج من هذا البلد، ويُوْلَد له، ثم بعد ذلك يتابع هجرته، ويرحل إلى بلد آخر إكمالاً لمسيرته تاركًا زوجتَه وأولادَه إما بطلاق أو بغيره، وتوافق زوجته على ذلك. 2 ـ هناك طريق واحد لا ثانيَ له يَسمح بالغريزة الجنسية أن تنطلق وتتحرك من مكانها، هذا الطريق هو الزواج الشرعيّ، وكل ما عداه منعته شرائع الله في جميع الأديان وعَدَّتْه من المسالك المُنْكَرة. ولقد بَيَّنَ القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون: 5 ـ 7). زواج مسيار اون لاين. فبينت الشريعة الإسلامية أن الزواجَ الشرعيَّ هو الذي يَجمع بين الذكر والأنثى بكلمة الله على عقد دائم وميثاق غليظ، وكل وَطَر يُقْضى بعيدًا عنه فهو عِصيانٌ لله واعتداءٌ على حدوده سبحانه وتعالى. 3 ـ من حق المرأة في الإسلام أن تتنازل عن حقوقها المُقَرَّرة لها شرعًا، ومنها النفقة والمسكن والقَسْم في المَبيت ليلًا، فلقد ورد في الصحيحين أن السيدة سَودة وَهَبَتْ يومَها للسيدة عائشة، ولو كان هذا غيرَ جائز شرعًا لَمَا أقره الرسول صلى الله عليه وسلم.
حاجة الإنسان إلى الأمن ملازمة لكيانه وحياته، لا تنفكّ عنه، كما لا ينفكّ عنه وجوده، والزواج هو نبع السكينة والأمان،والمودة والاطمئنان. قال صلى الله عليه وسلم: ان من أشر الناس عند الله منزله يوم القيامة الرجل يفضى الى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر سرها. رواه مسلم تموج في أعماق الشباب والفتيات أحاسيس الوحدة والاغتراب والقلق ، ولا تستقر نفسه ولا يهدأ روعها إلا بالزواج، ولا تطمئن إلا بتحقيقه، لأن في الزواج إيناس للنفس وشعور بالمشاركة
وقوله صلى الله عليه وسلم: " النِّكاحُ سُنَّتِي ومَن رَغِبَ عن سُنَّتِي فليس مني ". وبالنكاح يتحقق الاستخلاف الشرعيّ الذي أراده الله للإنسان في هذه الحياة في قوله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: 30) وبهذا الاستخلاف تتم العبادة التي أرادها الله وأمر بها في قوله تعالى: (وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلا ليَعْبُدون. زواج مسيار اون ن. ما أريدُ مِنْهم مِن رزقٍ وما أريدُ أنْ يُطْعِمون. إنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوةِ المتين) (الذاريات: 56 ـ 58). والزواج الذي يُحقق هذه الغاية النبيلة والكريمة هو الزواج المشروع الذي توافرت فيه أركانه وشروطه الشرعية التي أمر بها الله ورسوله في الكتاب والسنة، وأجمع عليها فقهاءُ الإسلام في كل العصور والأزمان؛ لأن هذه الأركان والشروط هي التي تُفَرِّق بين عقد النكاح المشروع وعقود النكاح التي حَرَّمها الإسلام إلى أن تقوم الساعة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد فللزواج شروط، وهي الرضا الكامل من الزوجين، والصيغة التي تدل على التأبيد، والوليّ من قِبَل الزوجة، والشهود الذين تتوافر فيهم أهلية الشَّهادة، والإشهار والإعلان، فإن تحققت هذه الشروط في زواج المِسيار فهو زواج صحيح ما دام غيرَ مُحَدَّد بمدة ، أيا كان اسمه. وأما تنازل المرأة عن حقوقها المُقَرَّرة لها شرعًا، كالنفقة والمسكن والقَسْم في المبيت ليلًا، فهو جائز، فالسيدة سَودة وهبت يومها للسيدة عائشة رضوان الله عليهما. فكل شرط لا يؤثر في الغرض الجوهريّ والمقصود الأصليّ لعقد النكاح فهو شرط صحيح، ولا يُخلّ بعقد الزواج ولا يُبْطِله ، ومع هذا فلا ينبغي انتشار هذا النوع من الزواج.