حدثني جعفر بن محمد المروزي, قال: ثنا يعلي, عن الأجلح, قال: قلت للضحاك: لِم تسمى سدرة المنتهى؟ قال: لأنه ينتهي إليها كلّ شيء من أمر الله لا يعدوها. وقال آخرون: قيل لها: سِدْرة المنتهى, لأنه ينتهي إليها كلّ من كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهاجه. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع ( عِنْدَ &; 22-515 &; سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى), قال: إليها ينتهي كلّ أحد, خلا على سنة أحمد, فلذلك سميت المنتهى. حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا حجاج, قال: ثنا أبو جعفر الرازيّ, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية الرياحي, عن أبي هُريرة, أو غيره " شكّ أبو جعفر الرازيّ" قال: لما أُسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم, انتهى إلى السدرة, فقيل له: هذه السدرة ينتهي إليها كلّ أحد خلا من أمتك على سنتك. والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن معنى المنتهى الانتهاء, فكأنه قيل: عند سدرة الانتهاء. وجائز أن يكون قيل لها سدرة المنتهى: لانتهاء علم كلّ عالم من الخلق إليها, كما قال كعب. وجائز أن يكون قيل ذلك لها, لانتهاء ما يصعد من تحتها, وينـزل من فوقها إليها, كما روي عن عبد الله. وجائز أن يكون قيل ذلك كذلك لانتهاء كلّ من خلا من الناس على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها.
شرح حديث لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود، قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الأَرْضِ. فَيُقْبَضُ مِنْهَا. وَإِلَيْهَا يُنْتَهِى مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا. قَالَ: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 16] قَالَ: فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثاً: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ. وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِالله مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئاً الْمُقْحِمَاتُ رواه مسلم. ترجمة راوي الحديث: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الحادي والثلاثين من كتاب الإيمان. تخريج الحديث: الحديث أخرجه مسلم، حديث (173)، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه الترمذي في " كتاب تفسير القرآن" " باب ومن سورة النجم" حديث (3276)، وأخرجه النسائي في " كتاب الصلاة " " باب فرض الصلاة وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه واختلاف ألفاظهم" حديث (450).
شرح ألفاظ الحديث: • (وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ): قيل هذا وهمٌ من الراوي والصواب أنه في السماء السابعة كما تقدم في حديث أنس رضي الله عنه، وهو اختيار القاضي عياض، والقرطبي [ انظر المفهم (1/ 394)]، وللنووي جمع بين الروايتين حيث قال:" قال القاضي: كونها في السابعة هو الأصح، وقول الأكثرين وهو الذي يقتضيه المعنى، وتسميتها بالمنتهى، قلت: ويمكن أن يجمع بينهما، فيكون أصلها في السادسة، ومعظمها في السابعة" [ شرح مسلم (3/ 5)]. • (إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الأَرْضِ): أي يقف عندها كل ما يصعد من الأرض من أعمال العباد والأرواح. • (فَيُقْبَضُ مِنْهَا): أي تقبضه الملائكة فتوصله إلى ما أمرت به. • (فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ): أي يغشى السدرة فراش من ذهب، والفراش الحشرة التي تطير وتلقي نفسها في ضوء السراج. • (خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ): من قوله تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون ﴾ إلى ختام السورة. • (الْمُقْحِمَاتُ): بضم الميم وإسكان القاف وكسر الحاء، وهي كبائر الذنوب التي تهلك أصحابها وتوردهم النار وتقحمهم إياها" [ شرح مسلم للنووي (3/ 6)]. من فوائد الحديث: الفائدة الأولى: الحديث فيه بيان عطايا أعطيها النبي صلى الله عليه وسلم، وحصلت بالذكر لأنها من أفضل ما أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم وامتن الله تعالى عليه وعلى أمته به وهي: • أعطي الصلوات الخمس وتقدم الكلام على فضلها، وهي خمس بالفعل وخمسون في الميزان.
------------------ الهوامش: (4) كذا في المخطوطة رقم 100 تفسير بدار الكتب المصرية ( ج 22: 59 ب) ولعل الكلمة محرفة ، أو لعلها زائدة من قلم الناسخ.