حديث: مَن نام عن الوتر أو نسِيه فليُصلِّ إذا أصبح أو ذكر وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن نام عن الوتر أو نسِيه فليُصلِّ إذا أصبح أو ذكر))؛ رواه الخمسة إلا النسائي. المفردات: وعنه؛ أي: وعن أبي سعيد رضي الله عنه. نام عن الوتر أو نسِيه؛ أي: فاته وقت الوتر بسبب النوم أو النسيان. فليصلِّ؛ أي: فليوتر. إذا أصبح؛ أي: لو كان تركه بسبب النوم. أو ذكر؛ أي: لو كان تركه بسبب النسيان. 363 من: (باب الحثِّ على صلاة الوتر وبيان أنه سُنة مؤكدة وبيان وقته). البحث: في سند هذا الحديث عند أبي داود: عثمان بن محمد بن سعيد الرازي الدشتكي الأنماطي، نزيل البصرة، قال الحافظ في التقريب: مقبول، ونقل في تهذيب التهذيب عن الذهبي أنه قال: تكلموا فيه؛ اهـ. ولم يروِ عنه أحد من أصحاب الكتب الستة غير أبي داود. أما الترمذي، فقد رواه من طريق عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، ثم أخرجه من طريق عبدالله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، دون ذكر أبي سعيد، ثم قال: وهذا - يعني المرسلَ - أصحُّ من الحديث الأول، سمعت أبا داود السجزي - يعني سليمان بن الأشعث - يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، فقال: أخوه عبدالله لا بأس به، وسمعت محمدًا - (يعني البخاري) - يذكر عن علي بن عبدالله أنه ضعَّف عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وقال عبدالله بن زيد بن أسلم ثقة.
[٤] [٥] فضل صلاة الوَتر أجمع العُلماء على أنّ وقت الوَتر يبدأ بعد صلاة العشاء، وينتهي بالفجر، [٦] وممّا ورد في فضل صلاته ما يأتي: [٧] مُحافظة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عليه، فلم يكن يدعه في حَضرٍ، ولا سفر، وهذا يُؤكّد فضله، وكونه من العبادات العظيمة. وصيّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأبي هُريرة -رضي الله عنه- بالمُحافظة عليها، وأن لا ينام قبل أن يُصلّيه؛ إذ قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ). [٨] أمّا بالنسبة إلى حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذي ضعّفه بعض العُلماء: (إن اللهَ قد أمركُم بصلاةٍ هي خيرٌ لكمْ مِنْ حمرِ النعمْ ، وهيَ لكمْ ما بين صلاةِ العشاءِ إلى طلوعِ الفجرِ ، الوِترُ الوِترُ ، مرتينِ) ، [٩] فقد بيّن أهل العلم معناه؛ وذلك بأنّ حُمر النِّعَم هي أفضل أموال العرب، وأغلاها، وما هو إلّا مثال من النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للصحابة الكرام؛ لبيان سعة نعيم الآخرة، وأنّ الدُّنيا لا تَعدل من الآخرة شيئاً، وأنّ الله -تعالى- يَمُنُّ على عباده بزيادة الحَسَنات لهم، ورَفع درجاتهم على الرغم من أنّه غنيٌّ عنهم.
رواه ابن حبان (2435) وقال ابن حجر في الفتح (2/482) إسناده قوي. اهـ. حديث عن الوتر. أما إذا أوتر بخمس أو بسبع فإنها تكون متصلة ، ولا يتشهد إلا تشهداً واحداً في آخرها ويسلم ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها. رواه مسلم (737) وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام. رواه أحمد (6/290) النسائي (1714) وقال النووي: سنده جيد. الفتح الرباني (2/297) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي وإذا أوتر بتسع فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم. لما روته عائشة رضي الله عنها كما في مسلم (746) أن النبي صلى الله كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا) وإن أوتر بإحدى عشرة ، فإنه يسلم من كل ركعتين ، ويوتر منها بواحدة.
باب ما جاء في الوتر ٥ أحاديثباب ساعات الوتر ٢ حديثانباب إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أهله بالوتر ١ حديثباب ليجعل آخر صلاته وترا ١ حديث. باقي الأحاديث المطلقة على هذا التفضيل الصحيح الصريح فمن ذلك حديث.
دار طيبة. الرياض. ط1/ 1427-2006. ([1]) سورة العصر الآيات:(1-3). ([2]) سورة الفرقان الآية: (62). ([3])سورة الإسراء الآية: (79). ([4]) سورة آل عمران الآية: (133). ([5]) أخرجه البخاري في صحيحه (4/175) كتاب: الرقاق، باب: ما جاء في الرقاق، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة، برقم: (6412). ([6]) رواه السيوطي في الجامع الصغير وقال الألباني: صحيح. صحيح الجامع الصغير (ص: 243) برقم: (1077). ([7]) رواه السيوطي في الجامع الصغير وقال الألباني: صحيح. صحيح الجامع الصغير (ص: 287-288) برقم: (1354). ([8]) أخرجه البخاري في صحيحه (1/436)، كتاب: الزكاة، باب: الصدقة قبل الرد، برقم: (1411)، ومسلم في صحيحه (1/449)، كتاب: الزكاة، باب: الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها، برقم: (1012) واللفظ لمسلم. حديث عن ليلة القدر – جربها. ([9]) أخرجه الترمذي في سننه (4/215)، كتاب: صفة القيامة والرقائق والورع، باب: في القيامة، برقم: (2415) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
رابعا: التأكيد على أن الوقت أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة ؛ لحديث عدي بن حاتم قال: قال صلى الله عليه وسلّم: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه " ( [9]) وفي الختام أحمد الله تعالى الذي وفقني في هذا المقال والذي تحدثت فيه عن بعض ما ورد في فضل اغتنام الوقت من أحاديث نبوية صحيحة، من غير استقصاء لأن ذلك يطول، والله تعالى أسأل أن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع، وأن ينفع به إنه مجيب. والحمد لله رب العالمين. ثبت المصادر والمراجع المعتمدة: الجامع الصحيح. أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قام بشرحه وتصحيحه وتنقيحه: محب الدين الخطيب، ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، وراجعه وقام بإخراجه وأشرف على طبعه: قصي محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية القاهرة. ط 1/ 1400. الجامع الكبير. محمد بن عيسى الترمذي. تحقيق: بشار عواد معروف. دار الغرب الإسلامي. ط1/1996. صحيح الجامع الصغير وزياداته. محمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي. ط3/1408-1988. صحيح مسلم. وفي طليعته: غاية الابتهاج لمقتفي أسانيد كتاب مسلم بن الحجاج للزبيدي.