وقيل: ما أخبرنا به في كتابه من أنا إما أن نظفر فيكون الظفر حسنى لنا ، وإما أن نقتل فتكون الشهادة أعظم حسنى لنا. والمعنى كل شيء بقضاء وقدر. وقد تقدم في ( الأعراف) أن العلم والقدر والكتاب سواء وقراءة الجمهور يصيبنا نصب ب " لن ". وحكى أبو عبيدة أن من العرب من يجزم بها. وقرأ طلحة بن مصرف " هل يصيبنا " وحكي عن أعين قاضي الري أنه قرأ " قل لن يصيبنا " بنون مشددة. وهذا لحن ، لا يؤكد بالنون ما كان خبرا ، ولو كان هذا في قراءة طلحة لجاز. قال الله تعالى: هل يذهبن كيده ما يغيظ.
وقال الكلبي: هو أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة ، ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون). ﴿ تفسير الوسيط ﴾ وقوله: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا.. إرشاد للرسول صلى الله عليه وسلم إلى الجواب الذي يكبتهم ويزيل فرحتهم. أى: «قل» يا محمد- لهؤلاء المنافقين الذين يسرهم ما يصيبك من شر، ويحزنهم ما يصيبك من خير، والذين خلت قلوبهم من الإيمان بقضاء الله وقدره، قل لهم على سبيل التقريع والتبكيت. لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا وقدره علينا «هو مولانا» الذي يتولانا في كل أمورنا، ونلجأ إليه في كل أحوالنا. وعليه وحده- سبحانه نكل أمورنا وليس على أحد سواه. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ فأرشد الله تعالى رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - إلى جوابهم في عداوتهم هذه التامة ، فقال: ( قل) أي: لهم ( لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) أي: نحن تحت مشيئة الله وقدره ، ( هو مولانا) أي: سيدنا وملجؤنا ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون) أي: ونحن متوكلون عليه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل. ﴿ تفسير القرطبي ﴾ قوله تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنونقوله تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا قيل: في اللوح المحفوظ.
يحفظ الكثير من الناس قول الله سبحانه وتعالى فى سورة التوبة "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون" يقولونها ويستعينون بها فى مواجهة أيامهم وأحداثها المتعاقبة. بالتالى فإن "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" واحدة من الجمل التى أثرت بشكل كبير فى صناعة العقلية العربية على مدى القرون الماضية، لقد صارت "حكمة" حاضرة دائما فى ساعات القلق والتوتر ووقوع المصائب، خاصة أن الفعل "كتب" فعل ماضى يعنى أنه وقع وانتهى، وبالتالى فإن ما نحن بصدده الآن هو مكتوب ومقدر منذ زمن. وفى ظنى فإن هذه الجملة تحمل دلالة قوية لحفظ توازن الإنسان، فهى تمنحه الصبر اللازم لتحمل المصيبة، وذلك لأن معنى الآية أن الإنسان ليس مسئولا تماما عما يحدث له، بل هناك أمور مقدرة، وأعتقد أن علماء النفس يقدرون مثل هذه المعانى، التى تحمل عن الإنسان بعض المسئولية، مما يساعد على صحته النفسية وعلى قدرته على الاستمرار فى الحياة. ولكن فى الوقت نفسه نجد أكثرنا يتعامل مع هذا المعنى بنوع من الاستسلام، وذلك لأنهم يفهمون منها أن كل شىء مقدر أى أنه لا مجال لتغيير الحال ولا تبديل المآل، وذلك بسبب مفهومهم عن "القدر"، وللأسف لقد ساوى البعض بين معانى القدر وثبات الفعل، ولم ينتبهوا لآيات أخرى تقول "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" التى تعنى فى أبسط معانيها دعوة للسعى والعمل.
تفسير و معنى الآية 51 من سورة التوبة عدة تفاسير - سورة التوبة: عدد الآيات 129 - - الصفحة 195 - الجزء 10. ﴿ التفسير الميسر ﴾ قل -أيها النبي- لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا: لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ، هو ناصرنا على أعدائنا، وعلى الله، وحده فليعتمد المؤمنون به. ﴿ تفسير الجلالين ﴾ «قل» لهم «لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» إصابته «هو مولانا» ناصرنا ومتولي أمورنا «وعلى الله فيتوكل المؤمنون». ﴿ تفسير السعدي ﴾ قال تعالى رادا عليهم في ذلك قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا أي: ما قدره وأجراه في اللوح المحفوظ. هُوَ مَوْلَانَا أي: متولي أمورنا الدينية والدنيوية، فعلينا الرضا بأقداره وليس في أيدينا من الأمر شيء. وَعَلَى اللَّهِ وحده فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ أي: يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم ودفع المضار عنهم، ويثقوا به في تحصيل مطلوبهم، فلا خاب من توكل عليه، وأما من توكل على غيره، فإنه مخذول غير مدرك لما أمل. ﴿ تفسير البغوي ﴾ ( قل) لهم يا محمد ( لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) أي: علينا في اللوح المحفوظ ( هو مولانا) ناصرنا وحافظنا.
﴿ قُلْ لَن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ الحمد لله رب العالمين، الواحد الأحد الفرد الصمد الَّذِي ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 3، 4]، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد صلى الله عليه وعلى أله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
الصوت الأصلي.