شرح حديث: بادروا بالأعمال سبعًا الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إن حديث المبادرة بالأعمال من الأحاديث التي تحمل معاني كثيرة وكبيرة، تحث على المسارعة في عمل الخيرات والطاعات والعبادات، قبل أن تحول دونها العوائق، فحريٌّ بنا أن نقف مع هذا الحديث لفَهم معانيه وألفاظه، وبالله التوفيق. عن أبي هريرة رضيَ اللَّه عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال: «بادِروا بالأعمالِ سبعًا: هل تنظرون إلا فقرًا مُنسِيًا، أو غنًى مُطغِيًا، أو مرضًا مُفسِدًا، أو هرَمًا مُفنِّدًا أو موتًا مُجهِزًا، أو الدَّجَّالَ فشرٌّ غائبٌ يُنتَظرُ، أو السَّاعةُ فالسَّاعةُ أدهى وأمرُّ»؛ رواه الترمذي، وَقالَ: حديثٌ حسنٌ غريب، وضعَّفه الألباني. بادروا بالأعمال سبعا صحة الحديث. «بادروا بالأعمال سبعًا»: المبادرة هي المسابقة والمسارعة في الأعمال عمومًا، ومعنى بادروا؛ أي: سارعوا وسابقوا في الأعمال قبل أن يشغلكم شاغل، ويحل بكم حائل، يحول بينكم وبين القيام بالأعمال الصالحات والقربات. وهذا الأمر بالمبادرة يدل على عدم الركون والتسويف والتأجيل والتأخير، وخاصة في أمور الآخرة، فالموفَّق هو الذي يبادر ويسارع ويجدُّ، ويجتهد قبل أن تحيط به العوائق، وتمنعه الموانع.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غنى مطغياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب ينتظر ، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر). رواه الترمذي وقال: حديث حسن (38). الشرح سبق لنا أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذكر في أحاديث متعددة ؛ ما يدل على أنه من الحزم أن يبادر الإنسان بالأعمال الصالحة ، وفي هذا الحديث أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أشياء متعددة ، ينبغي للإنسان أن يبادر بالأعمال حذراً منها. فقال: ( بادروا بالأعمال سبعاً): يعني سبعة أشياء كلها محيطة بالإنسان ؛ يخشى أن تصيبه ، منها الفقر. قال: ( هل تنظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً). 38 من حديث: (عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج..). الإنسان بين حالتين بالنسبة للرزق: تارة يغنيه الله ـ عز وجل ـ ويمده بالمال ، والبنين ، والأهل ، والقصور ، والمراكب ، والجاه ، وغير ذلك من أمور الغنى ، فإذا رأى نفسه في هذه الحال ؛ فإنه يطغى والعياذ بالله ، ويزيد ويتكبر ، ويستنكف عن عبادة الله ، كما قال تعالى: ( كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) (العلق:6-8) ، يعني: مها بلغت من الاستغناء والعلو ؛ فإن مرجعك إلى الله.
((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا, أَوْ غِنًى مُطْغِيًا, أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا, أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا, أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا, أَوْ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ, أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ؟)) شرود طويل لم يوقظني منه إلا دمعة هربت من بين جفني وهمت بالنزول، غيّضتُها وحبستها حيث كانت، فليس هذا وقت مناسب لأبدو باكيا.. خلال ذلك الشرود الذي لا أدري كم استمر ولكنني أحسب أنه لم يتجاوز ثوانيَ قليلةً؛ مرت في ذهني حوادث كثيرةٌ.. كم نماطل بالأعمال الصالحة! كم نسوف! ما أطول أملنا بالغد الذي لا ندري هل سيأتي؟ أم أن أجلنا سيكون الأسبق؟ نهم بمعصية، ونحن نعلم أنها تغضب الله، ولكننا نتناسى حجم المصيبة التي نوشك أن نقع بها، معللين ذلك بأننا "سوف" نتوب قريباً.. ونقصر في الطاعات، حتى إن أحدنا ليقتصر على الفرائض المكتوبة، وعلى الصيام المفروض.. حتى إن أحدنا ليتهاون حتى في الفرائض!