لاحظت بأن الصّيف يأتي عشر مرّات إلينا كل عام.. وبأن القمح ينمو عشر مرات لدينا كل يوم وبأن القمر الهارب من بلدتنا جاء يستأجر بيتاً وسريرا.. وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون قد طاب على العشق كثيرا. صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى ومذاق الخبز أحلى وسقوط الثلج أحلى ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى ولقاء الكف بالكف على أرصفة ( الحمراء) أحلى والرسومات الصّغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى وارتشاف القهوة السوداء والتدخين والسهرة في المسح ليل السبت والرّمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع، واللّون النحاسي على ظهرك، من بعد ارتحال الصيف أحلى.. والمجلات التي نمنا عليها.. وتمدّدنا.. وثرثرنا لساعات عليها أصبحت في أفق الذكرى طيورا. حين أحببتُكِ يا سيدتي طَوَّبوا لي.. كل أشجار الأناناس بعينيك.. وآلاف الفدادين على الشمس وأعطوني مفاتيح السماوات.. وأهدوني النياشين.. وأهدوني الحريرا عندما حاولت أن أكتب عن حبي تعذّبت كثيرا.. إنني في داخل البحر... وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا. فالصمت في حرم الجمال جمال. ما الذي أكتب عن حبّك يا سيدتي؟ كل ما تذكره ذاكرتي.. أنني استيقظت من نومي صباحا.. لأرى نفسي أميرا.
فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً فالصمتُ في حَرَم الجمال... جمالُ كَلماتُنا في الحبّ... تقتل حبّنا إن الحروفَ تموت حينَ تقالُ ~ نزار قباني
قصيدة غير منتهية في تعريف ومعنى العشق عندما قرّرت أن أكتب عن تجربتي في الحب فكّرتُ كثيراً ما الذي تُجدي اعترافاتي؟ وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا صوّروه فوق حيطان المغارات، وفي أوعية الفخّار والطين، قديما نقشوه فوق عاج الفيل في الهند.. وفوق الورق البردي في مصر وفوق الرزّ في الصين.. وأهدوه القرابين، وأهدوه النّذورا.. عندما قرّرت أن أنشر أفكاري عن العشق. تردّدت كثيرا.. فأنا لست بقسيس، ولا مارست تعليم التلاميذ، ولا أؤمن أنّ الورد.. مضطرٌّ لأن يشرح للناس العبيرا.. ما الذي أكتب يا سيدتي؟ إنها تجربتي وحدي.. وتعنيني أنا وحدي.. إنها السيف الذي يثقبني وحدي.. فأزداد مع الموت حضورا. عندما سافرت في بحرك يا سيدتي.. لم أكن أنظر في خارطة البحر ولم أحمل معي زورق مطاط.. ولا طوق نجاة.. فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ - YouTube. بل تقدمت إلى نارك كالبوذي.. واخترت المصيرا.. لذّتي كانت بأن أكتب بالطبشور.. عنواني على الشمس.. وأبني فوق نهديك الجسورا. حين أحببتُكِ.. لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا أصبح جمراً مستديرا.. وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد.. يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا.. وبأن السّرو قد زاد ارتفاعا.. وبأن العمر قد زاد اتّساعا.. وبأن الله.. قد عاد إلى الأرض أخيرا.