وافق مجلس الشورى على السماح للموظف الحكومي بالعمل في القطاع الخاص عندما يسمح له وقته بذلك دون الإخلال بواجباته الوظيفية. لعل أغلب من ناقشوا هذه المادة، والذين كتبوا في الموضوع، مشغولون بحالة التستر التي قد تنتج مع وجود مثل هذه الفرصة لتحسين الدخل، لكنها في واقع الأمر أكثر دقة من الحديث عن مغسلة أو بقالة أو غيرها من الأنشطة الفردية. لنناقش أمرا مهما هو العلاقة بين الموظف والقطاع الخاص من مفهوم مختلف وهو تعارض المصالح. هنا لا بد أن نتوقف عند نقاط مهمة تربط بين العمل الذي يمارسه الموظف كأساس وما يمكن أن يمارسه من أعمال أخرى قد تتعارض مع طبيعة عمله الأساس. شروط الجمع بين وظيفتين في القطاع الخاص. لهذا فالبناء على فرضية توافر الوقت فقط ليست الأصل في اتخاذ القرار النهائي. أعرف كثيرين ممن يعملون في القطاع الخاص يمارسون أكثر من وظيفة في أكثر من شركة، وهم قد يمارسون وظائف بدوام كلي إن كان التعارض بين أعمالهم والوظيفة الخارجية غير موجود، لهذا ذكرت أن الوقت ليس العنصر الأهم. الأمر المهم التالي هو المجهود البدني والأثر الذي يتركه على قدرة الموظف على ممارسة مهام العمل، التي يمارسها في الوظيفة الحكومية. هنا لا بد أن تكون الوظيفة الحكومية تحت توجيه عمليات الحوكمة الصحيحة وأن تتحقق فيها الرقابة الكافية لضمان عدم خسارة مجهود وقدرات الموظف الحكومي لمصلحة الوظيفة الأخرى.
والحق أن المتابعين أصيبوا بالدهشة حيال الحيثيات التي تم من خلالها رفض القرار والتي كانت بعيدة عن الإقناع ولا تتفق والواقع الذي يعيشه الموظف وحاله المشين مع الترقيات في وزارة الخدمة المدنية. الجمع بين وظيفتين في القطاع الخاصة. ومع ذلك القرار تدور رؤى اليوم فأقول: * كان من المفترض أن تعترف وزارة الخدمة المدنية بالواقع الذي يعيشه الموظف، فهو لا يعيّن على المرتبة التي يستحقّها (نظرة إلى تعيينات المدرسين وغيرهم مؤخرا) وإذا تم تعيين الموظف فإنه ينتظر الترقية سنوات طويلة ربما تصل إلى خمس عشرة سنة أو أكثر، فكان يفترض ألا تقف أمام إصدار قرار يكون من شأنه تحسين معيشة الموظف بما لا يمس الأداء الوظيفي. * أمنيات تتمثل في أن يكون الأعضاء في المجلس أكثر واقعية؛ فالموظف المسكين يُرثى لحاله فهو في وضع يمكن تسميته بذوي الدخل المعدوم إذ الراتب مقسّم سلفا إلى أجزاء بل وجزيئات تتفتت وتذهب قبل أن يضع باقي الفتات في جيبه. والواقع يؤكد هذا من خلال نظرة سريعة على سلم الرواتب. * ما وقع من كوارث في سوق الأسهم مؤخرا تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الموظف في حاجة ملحة لزيادة دخله، وما تلك القصص المعروفة بمساهمات سوا إلا سلسلة ضمن التأكيدات التي توضح حاجة الموظفين لرفع مستواه المعيشي المتواضع، وقد كانوا ضحايا لا ذنب لهم.