يقول النووي: " وفي هذا الحديث دليل لقواعد من الأحكام منها إذا تعارضت المصالح أو تعارضت مصلحة ومفسدة وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بدئ بالأهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن نقض الكعبة وردها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم مصلحة ولكن تعارضه مفسدة أعظم منه وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريبا وذلك لما كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة فيرون تغييرها عظيما فتركها صلى الله عليه وسلم". وعبر ابن تيمية عن هذا المعنى في قوله: " لا يتضمن الأمر بمعروف فوات أكثر منه أو حصول منكر فوقه، ولا يتضمن النهي عن المنكر حصول أنكر منه، أو فوات معروف أرجح منه"[1]. وينتج من هذه القاعدة الأولى أن إنكار المنكر ليس على درجة واحدة، فليس كل منكر يجب النهي عنه لا سيما إذا كان يؤول الأمر إلى منكر أفحش مثلا، لذلك هناك درجات للمنكر الذي يقصد منعه، وقد أجمل ابن القيم درجاته إلى أربع:
1- أن يزول المنكر تماما عن الوجود، ويخلفه المعروف الذي هو ضد المنكر، مثل الإنكار على تارك الصلاة، وتهيأ الجو معه، فقبل الوعظ ثم حافظ على الصلاة، فهذا نوع من المنكر مشروع وهو المراد بقوله تعالى: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
حديث النهي عن المنكر في
الفتنة إن فسرت بالمحنة والمصيبة، فشرها أن لا يصير الرجل على لأوائها ويجزع منها، وإن فسرت بالامتحان والاختبار، فشرها أن لا يحمد في السراء ولا يصبر في الضراء". والنبي معصوم وإنما قصد تعليم الأمة أو إظهار العبودية.
اهـ. وانظري المزيد في ضوابط ضرب الأبناء في الفتوى رقم: 14123. وأما غير الأبناء: فلا يجوز لهم ضربهم مطلقًا، إلا بإذن أوليائهم، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: تثبت ولاية التأديب:
أ - للإمام, ونوابه, كالقاضي بالولاية العامة، فلهم الحق في تأديب من ارتكب محظورًا ليس فيه حد. الحديث الرابع والثلاثون : النهي عن المنكر من الإيمان | موقع نصرة محمد رسول الله. ب - للولي بالولاية الخاصة، أبًا كان, أو جدًّا, أو وصيًا، أو قيمًا من قبل القاضي؛ لحديث: مروا أولادكم بالصلاة... إلخ. ج - للمعلم على التلميذ, بإذن الولي. د - للزوج على زوجته فيما يتصل بالحقوق الزوجية؛ لقوله تعالى: " وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" {النساء:34}، وليس لغير هؤلاء ولاية التأديب عند جمهور الفقهاء. اهـ. والله أعلم.