فمنذ أول أسر وقع فيه أبطال بني هلال، حين أسرهم الملك الدبيس — الفارسي — حاكم حلب الشهباء في ذلك الحين، تنكر على هيئة درويش أعجمي ولبس طيلسانًا وحادث الملك الدبيسي بلسانه الفارسي بعد أن تحايل على حراسه المقربين وخدَّرهم بملبسه الحلبي، حين سألوه: «ماذا تأكل يا شلبي؟» فأجابهم: «هذا ملبس حلبي.
١ تغريبة بني هلال ورحيلهم إلى بلاد المغرب وحروبهم مع الزناتي خليفة، طبعة صبيح القاهرة ص٣٠. ٢ المصدر السابق، ص١١٣. ٣ والمقصود بالكتاب طبعًا «العهد القديم» وطيور الوطمية السامية. ٤ التغريبة ص١١٥. ٥ التغريبة ص٢٢٤. ٦ الزير سالم أبو ليلى المهلهل، دار ابن خلدون، بيروت: شوقي عبد الحكيم.
وإذا ما توقفنا عند ملامح ومكونات البطل المحوري لهذه السيرة، والقوة الدافعة لأحداثها، أبي زيد الهلالي سلامة، نجد أنها خليط غير بعيد عن بطل ملحمي مثل عنترة من حيث اللون، والمأثورات أو الفابيولات المصاحبة لنموه كطفل قدري، جاء على غير لون آبائه، ولازمه بالتالي الاضطهاد، بسبب لونه «الغرابي» الأسود حتى إنه برغم ما أسداه «أبو زيد» من انتصارات للتحالف القبائلي على الهلالي فأصبح الفارس الهلالي الأول، ظلت تلاحقه سياط لونه الأسود، وبالتالي السقوط العبودي الطبقي أو الاجتماعي. :•. قصة أبو زيد الهلالي كامله .•. فعندما وقعت المشادة الشهيرة بين الجازية كاهنة التحالف الهلالي، وابنة عمه، وبين زوجته «العالية» بنت جابر حين تزاحمتا على مشارف إحدى مخاضات المياه بمصر ثم بتونس بعد فتحها بهودجيهما، فما كان من الجازية رأس «الأرستقراطية» القبلية إلا أن سبَّت العالية زوجة أبي زيد واصفة إياها بأنها «عشيقة عبدنا»، وكانت تعني بهذا طبعًا أبا زيد، وهو الذي فتح لتلك القبائل التي ثقل عليها الحصار بالقحط، طريق هجرتها الجماعية إلى تونس والمغرب العربي بعامة. وظل يُستقبل في رحيله وإيابه استقبال الأبطال الشعبيين بحق «اليوم قد أتانا من هو عزنا حمانا. » ١ وأبرز ملامح أبي زيد هو قدراته على التنكر والتخلص من أعتى المآزق، فهو كما تصفه السيرة «يصبغ حاله سبع صبغات، ويُتقن الحديث بسبع لغات»، ٢ منها: العبرية واليونانية والسريانية والفارسية.
2-تطابق السرد القصصي في النص مع رواية سيرة بني هلال ولكن الشاعر أتى بها بشكل مختصر بحيث لخصها وأشار إلى أحداث وأشعار وحوارات رئيسة في السيرة وحافظ على بعض الجمل وبنفس التسلسل وكأنه يتتبعها ويحولها إلى كلام منظوم. 3-تقمص الشاعر دور أبو زيد الهلالي والذي حضر في النص بأسلوب الراوي وليس الشاعر ومن ذلك ما جاء في هذا المقطع من نهاية الصفيراء واختلافهم على من يحظى بها: وتبكي الصفيرا عبرة بعد عبره تزيد على ما قيل أه وهايم وقال ابن سرحان عليها مجوره حرام ٍ عليها ما لغيري تلايم قال ذياب بدلوا هذا بغيره أنا شوقها أنا ستر قاني الرقايم قالت لهم ما تأخذ إلا برايه لو كان جمال ٍ ردي العزايم كثرت من هذا وكثرت مثله وطال العيا بيني وبين ابن غانم 4-جهل مؤلف النص وتخبطه حيث يذكر في الأبيات أنهم احرموا للحج وعندما قبضوا عليهم في إفريقيا أدعوا أنهم حجاج قادمون من ديار عامر في نجد! 3- تكرار الرقم تسعين وارتباطه بالتعداد الذي يذكره الشاعر مع اختلاف الموضوع(تسعين ليلة)و(تسعين عين غزيرة)و(تسعين ألف مدرع)وفي الأخير مخالفه للمتواتر من الروايات وما دون في كتب التاريخ من أن عدد بني هلال وقت فتح القيروان لا يتجاوز سبعة آلاف وخمسمائة مقاتل.
» «فانشرح خاطر الخفاجي عامر وتقدم بعده الأمير درغام، وأشار بترحيب بنو هلال، ثم ركب بنو هلال مطاياهم والخفاجي عامر ودخلوا للبلد، وتفرقت عرب بني هلال في تلك الأراضي، وأما الأمير حسن والسادات، فبقوا عند الخفاجي عامر على أمل طعام وشرب مدام وفرح وسرور مدة ثلاثة شهور.