(صلدا)، صفة مشبّهة وزنه فعل بفتح فسكون من باب فرح أو ضرب. البلاغة: - التشبيه التمثيلي: فقد شبه المرائي في الإنفاق وحالته العجيبة كحجر أملس عليه شيء يسير من التراب فأصابه مطر عظيم القطر فتركه أملس ليس عليه شيء من الغبار.. إعراب الآية رقم (265): {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)}.
ويجوز أن يكون «من» بمعنى اللام، والمعنى توطينًا لأنفسهم على طاعة الله تعالى، وإلى ذلك ذهب أبو علي الجبائي- وليس بالبعيد- وفيه تنبيه على أن حكمة الإنفاق للمنفق تزكية النفس عن البخل وحب المال الذي هو الداء العضال والرأس لكل خطيئة. وهنا يرد سؤال عن معنى التبعيض أورده الزمخشري وأجاب عنه فقال: قلت معناه إن من بذل ماله لوجه الله فقد ثبت بعض نفسه، ومن بذل ماله وروحه فهو الذي ثبتها كلها؛ وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، والمعنى ومثل نفقة هؤلاء في زكائها عند الله «كمثل حبة» وهي البستان «بربوة» بمكان مرتفع، وخصها لأن الشجرة فيها أزكى وأحسن ثمرًا. وابن كثير يقول عن «كمثل جنة بربوة»: أي كمثل بستان بربوة وهو عند الجمهور المكان المرتفع من الأرض، ويبين أن فيها ثلاث لغات بفتح الراء وضمها وكسرها، ويقول البيضاوي: أي ومثل نفقة هؤلاء في الزكاة كمثل بستان مرتفع، فإن شجرة يكون أحسن منظرًا وأزكى ثمارًا، وقد ضرب بهذا المثل لعمل المؤمن كما جاء عن قتادة: هذا مثل ضربه الله لعمل المؤمن. ذكر ذلك الشوكاني. تفسير سورة البقرة الآية 265 تفسير ابن كثير - القران للجميع. ويعلل الغرناطي لجودة أرض هذه الجنة فيقول: لأن ارتفاع الجنة أطيب لتربتها وهوائها. وهنا يرد اعتراض على هذا وهو أن المكان المرتفع لا يحسن ريعه لبعده عن الماء وربما تضربه الرياح، كما أن الوهاد لكونها مصب المياه، قلما يحسن ريعها فإذا البستان لا يصلح له إلا الأرض المستوية، فالمراد بالربوة أرض طيبة حرة تنتفخ وتربو، إذا نزل عليها المطر، فإنها إذا كانت على هذه الصفة كثر دخلها وكمل شجرها كقوله تعالي: «وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، ومما يؤكد ما ذكرنا أن هذا المثل في مقابلة المثل الأول، فكما أن الصفوان لا يربو ولا ينمو بسبب نزول المطر عليه فينبغي أن تكون هذه الأرض بحيث تربو وتنمو.
ومُثِّل هذا الإنفاق بجنّة بربوة إلخ ، ووجه الشبه هو الهيأة الحاصلة من مجموع أشياء تكامل بها تضعيف المنفعة ، فالهيأة المشبّهة هي النفقة التي حفّ بها طلب رضي الله والتصديقُ بوعده فضوعفت أضعافاً كثيرة أو دونها في الكثرة ، والهيأة المشبّهة بها هي هيأة الجنّة الطيّبة المكان التي جاءها التهتَان فزكا ثمرُها وتزايد فأكملت الثمرة ، أو أصابها طلّ فكانت دون ذلك. مثلهم كبستان ذي أشجار ملتفة قد كست الأرض. والجنّة مكان من الأرض ذو شجر كثير بحيث يجِنّ أي يستر الكائن فيه فاسمها مشتقّ من جنَّ إذا ستر ، وأكثر ما تطلق الجنّة في كلامهم على ذات الشجر المثمر المختَلف الأصناف ، فأما ما كان مغروساً نخيلاً بحتاً فإنّما يسمى حائطاً. والمشتهر في بلاد العرب من الشجر المثمر غير النخيل هو الكرم وثمره العنب أشهر الثمار في بلادهم بعد التمر ، فقد كان الغالبَ على بلاد اليمن والطائف. ومن ثمارهم الرمّان ، فإن كان النخل معها قيل لها جنّة أيضاً كما في الآية التي بعد هذه. ومما يدل على أنّ الجنّة لا يراد بها حائطُ النخل قوله تعالى في [ سورة الأنعام: 141] { وهوَ الذي أنشأ جناتتٍ معْروشات وغير معْروشات والنّخل والزرع} فعطف النخل على الجنّات ، وذكر العريش وهو مما يجعل للكرم ، هذا ما يستخلص من كلام علماء اللغة.
ما وجملة (وَاللَّهُ) استئنافية. عطف مثل الذين ينفقون أموالهم في مرضاة الله على مَثَل الذي ينفق ماله رئاء الناس ، لزيادة بيان ما بين المرتبتين مِن البَوْن وتأكيداً للثناء على المنفقين بإخلاص ، وتفنّناً في التمثيل. فإنّه قد مثَّله فيما سلف بحبَّة أنبتت سبع سنابل ، ومثّله فيما سلف تمثيلاً غير كثيرِ التركيب لتحصل السرعة بتخيّل مضاعفة الثواب ، فلما مَثَّل حال المنفق رِئاءً بالتمثيل الذي مضى أعيد تمثيل حال المنفق ابتغاء مرضاة الله بما هو أعجب في حسن التخيُّل؛ فإنّ الأمثال تبهج السامع كلّما كانت أكثر تركيباً وضمّنت الهيأة المشبّه بها أحوالاً حسنة تكسبها حُسناً ليسري ذلك التحسين إلى المشبَّه ، وهذا من جملة مقاصد التشبيه. وانتصب { ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً} على الحال بتأويل المصدر بالوصف ، أي مبتغين مرضاة الله ومثَبِّتين من أنفسهم. ولا يحسن نصبهما على المفعول له ، أما قوله «ابتغاء» فلأن مفاد الابتغاء هو مفاد اللام التي ينتصب المفعول لأجله بإضمارها ، لأنّ يؤول إلى معنى لأجل طلبهم مرضاة الله ، وأما قوله «وتثبيتاً» فلأنّ حكمَهُ حكم ما عطف هو عليه. والتثبيت تحقيق الشيء وترسيخه ، وهو تمثيل يجوز أن يكون لكبح النفس عن التشكّك والتردّد ، أي أنّهم يمنعون أنفسهم من التردّد في الإنفاق في وجوه البر ولا يتْركون مجالاً لخواطر الشحّ ، وهذا من قولهم ثبت قدمه أي لم يتردّد ولم ينكص ، فإنّ إراضة النفس على فعل ما يشُق عليها لها أثر في رسوخ الأعمال حتى تعتاد الفضائل وتصير لها ديدناً.
(انظر الآية 124 من هذه السورة). (ضعفاء)، جمع ضعيف وهو صفة مشبّهة من فعل ضعف يضعف باب نصر وباب كرم وزنه فعيل. (إعصار)، اسم جامد بمعنى الريح الشديدة، سميت بذلك لأنها تلتفّ كما يلتفّ الثوب المعصور، أو لأنها تعصر السحاب، والإعصار لفظ مذكّر. البلاغة: 1- (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ) الهمزة لإنكار الوقوع كما في قولك أتضرب أباك. على أن مناط الإنكار ليس جميع ما تعلق به الود بل إنما هو إصابة الإعصار وما يتبعها من الاحتراق. 2- (لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) هذا من ذكر العام بعد الخاص للتتميم والتتميم فن من فنون البلاغة.