معلومٌ أنّ الغباء السياسي يتجلّى بوصول العسكر إلى السلطة. ففي كتابه الصادر عام 2012 بعنوان "كيف يصل الغبي إلى كرسي الحُكم؟"، يفصِّل الصحافي المصري محمد توفيق، القواعد التي يحكم العسكر من وحيها. وتتلخَّص في بثّ الذعر والرعب في المجتمع، طول الوقت. إذْ أبرز آفات الرجل العسكري، تتمثّل في اعتقاده بأنّ كلّ كلمة تخرج من فمه هي بمثابة أمرٍ للتنفيذ، وأنّ على الجميع السمع والطاعة، ومَن يخالف رأيه يكون يخالف القوانين! نظامُ العسكر يقايض حرّيَّة المواطن بأمْنه، ويتّهم المختلفين معه بالعمالة والخيانة، ويحتكر صكوك الوطنيَّة ويوزِّعها، فقط، على الموالين له، لقاء سوْقهم وراءه كالقطعان. صحيحٌ أنّ موقع الرئاسة في لبنان يحتلّه "عسكريّ" منذ أكثر من عشرين عاماً، إلاّ أنّ الصحيح، أيضاً، أنّ معظم مراكز السلطة يرتع فيها العسكر (غير النظاميّين) من أمراء حرب وزعماء ميليشيّات. أولئك الذين يفهمون في مجال الحريّات والحقوق والحياة المدنيَّة، مثلما أفهم، أنا، في اللغة الصينيَّة! الأكيد أنّ الغباء داء. يا صبابين الشاي طروب. لكنّ المؤكّد أنّه داءٌ غير قاتل. لو إنّه كذلك، لخرَّ، ومنذ زمنٍ طويل، معظم حُكَّام لبنان صَرْعى. إذْ دخلت بلادنا، بحُكَّامها والمتحكِّمين بها وبأهلها، مرحلةً غير مسبوقة في الغباء السياسي.
سيكون معقولًا بالقدر نفسه أن تضع الفلفل أو الملح، من المفترض للشاي أن يكون مرّ الطعم... لو أنك قمت بتحليته، فأنت لم تعد تتذوق الشاي، أنت تتذوق السكر فقط.. ).
فلقد دشّنا عصراً ذهبيّاً، تُهَّد فيه القناطر والجسور على رؤوسنا، لأنّها تقف سدّاً أمام مرور رؤوس القادة الفوارس على أحصنتهم البيضاء. فوارس، لا يعرفون أنّ انحناءة بسيطة من الرؤوس اليانعة، تكفي ليمرّوا. لكنّ "الفرق بين الغباء والعبقريَّة هو أنّ العبقريَّة لها حدود"، يؤكِّد أحد أهمّ علماء البشريَّة ألبرت أينشتاين. كلمة أخيرة. يقولون في منغوليا "لكي يسرق الجرس، سدّ أذنيْه". الين خلف يا صبابين الشاى - YouTube. ويقولون في بلادي "لكي يُرضي الحرس، سطا على 1675 كيلوغراماً من الشاي السيلاني". هل هناك أذكى من هكذا سلوك في الحُكم؟ على الأرجح كلا. حاول رئيس بلادنا تعبئة كؤوس الضجر، لحرسه الجمهوري، بالشاي المُرسَل للمتضرّرين في انفجار مرفأ بيروت. همس في سرّه الـ"لعلّ وعسى" ما غيرها، وتساءل: "لماذا لا نشرِّب الضبّاط والعسكر الشاي، فنضخّ الـ caféine في دمائهم؟ فهذا سينشِّطهم، بلا ريب. من الضروري شدّ عصبهم وسواعدهم كي يتصدّوا لغضب الزعران المتوجِّهين إلى قصر بعبدا". يا صبّابين الشاي، سبحان مَن أعطاكم وحماكم. إقتضى أن نُدفَن أحياءً، نحن اللبنانيّين، عقاباً على تقاعسنا في دفن.. غبائهم.