وفي الآداب الشرعية لابن مفلح: قال صالح ـ يعني ابن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى ـ ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه واغسل وجهك ويديك، ونقل عبد الله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه ويصب على نفسه منه، قال عبد الله: ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم فيستشفي به ويمسح به يديه ووجهه. وقال يوسف بن موسى: إن أبا عبد الله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد فيقرأ عليه ويعوذ.... اهـ.
وأما عن عدد قراءة الرقية: فقد ثبت الترغيب في جعله وترا، وجاء في بعض النصوص أنه سبع مرات، فقد روى الترمذي وصححه، عن عثمان بن أبي العاص قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امسح بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد، قال: ففعلت هذا فأذهب الله ما كان في، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم. ولمسلم: ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاث مرات، وقل: سبع مرات ـ وذكره وفي آخره: وأحاذر. كيف يرقي الانسان نفسه وبنيه من الشرك. وعن محمد بن سالم قال: قال لي ثابت البناني: يا محمد؛ إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي ثم قل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي هذا، ثم ارفع يدك، ثم أعد ذلك وترا، فإن أنس بن مالك حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك. رواه الترمذي ، وصححه الألباني. وقد ذكر أهل العلم في طريقة القراءة على الماء أن يقرب الراقي فمه من الإناء الذي فيه الماء ثم يقرأ ما تيسر من القرآن ثم ينفث على الماء، قال ابن القيم في المدارج: كان يعرض لي آلام مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني وذلك في أثناء الطواف وغيره فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط، جربت ذلك مرارا عديدة وكنت آخذ قدحا من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مرارا فأشربه فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء... اهـ.
اهـ. وفي رواية مهنا عن أحمد: في الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه المريض، قال: لا بأس به، وقال صالح: ربما اعتللت فيأخذ أبي ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه واغسل وجهك ويديك. اهـ. وأما عن صحة معرفة الراقي لحال المريض بدون أن يسأله: فليس عندنا ما يثبت صحة ذلك، بل نخاف أن يكون فاعل ذلك ممن يستعين بالجن إن لم تكن هناك أعراض يعرفها المختص في الطب النفسي. كيف يرقي الانسان نفسه بنفسه. وأما المدة التي تسمع فيها الآيات: فليست محددة، وإنما يكرر سماعها حتى يحصل المطلوب. وأما الرقية عن بعد والرقية بالأشرطة المسموعة: فلا تخلو من فائدة ولا سيما إذا صحبها الدعاء بظهر الغيب، ولكن ذكر أهل العلم أن النفث ضروري في الرقية وهو مفقود في الرقية عن بعد وسماع الرقية المسجلة، فقد ذكر النووي في شرح مسلم أن النفث استحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وفي فتاوى اللجنة الدائمة أن مباشرة الراقي رقية المصاب أمر ضروري للحاجة للنفث على المرقي وأنه لا يغني سماع الشريط، إلا أن هذا لا يمنع أن تحصل الاستفادة نسبيا من سماع الرقية عن بعد بواسطة التلفاز أو غيره، وقد قدمنا فتوى اللجنة الدائمة في ذلك في الفتوى رقم: 95936. وراجع للمزيد من التفصيل في الرقية الفتويين رقم: 80694 ، ورقم: 12505.
والله أعلم.
فهذا علامة توحيد الإلهيَّة، والبابُ الذي دخل إليه منه: توحيد الرُّبوبيَّة، كما يدعو سبحانه عبادَه في كتابه بهذا النَّوع من التَّوحيد إلى النَّوع الآخر، ويحتجُّ عليهم به، ويقرِّرهم به، ثمّ يخبر أنّهم يَنقضونه بشِرْكهم به في الإلهيَّة. وفي هذا المشهد يتحقَّق له مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87] أي: فمِن أين يُصرَفون). وبتحقيق التوحيد يحيا المؤمن في هذه الدنيا حياة الأمن والسكينة والطمأنينة، مع ما يرجوه في الآخرة من الثواب الحسن والنعيم المقيم: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].