مدة قراءة الإجابة: 5 دقائق الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فهذا النص من كتاب: منهج السالكين لابن سعدي. بيع الدين الحال لمن هو عليه بدين آخر. ومثال الصلح عن الدَّين بدَين: أن يعترف بدَين في ذمته، كألف ريال، فيصالحه عنه بشيء في ذمته -كمائة دولار، أو صاع شعير في ذمته-، فهنا يصح الصلح؛ بشرط أن يحصل القبض قبل التفرق؛ لأنه إذا حصل التفرق قبل القبض، كان كل واحد من العوضين دَينًا، فيصير بيع دَين بدَين، وهو منهي عنه شرعًا، جاء في شرح منهج السالكين للدكتور سليمان القصير: ومثال المصالحة عن دين بدين: أن يعترف له بدين، ويصالحه على شيء في الذمة، مثل أن يقول: أقر لك بألف ريال في ذمتي، أصالحك عنها بمائة صاع من التمر في ذمتي، فهنا يصح الصلح، ويحرم التفرق قبل القبض؛ لأنه يصير بيع دين بدين، وهو حرام. وفي نيل المآرب: (وإن صالحه على عين غير المدعاة)؛ كما لو اعترف له بعين في يده، أو دين في ذمته، ثم يعوضه فيه ما يجوز تعويضه عنه (فهو بيع، يصح بلفظ الصلح، وتثبت فيه أحكام البيع) من العلم به، وسائر شروط البيع. (فلو صالحه عن الدين بعين، واتفقا في علة الربا، اشترط قبض العوض في المجلس)، فإذا أقر له بذهب، فصالحه عنه بفضة، أو عكس، فتكون هذه المصالحة صرفًا؛ لأنها بيع أحد النقدين بالآخر، فيشترط لها ما يشترط للصرف، من التقابض بالمجلس.
وقال في "الاختيارات": "والتحقيق في عقود الربا إذا لم يحصل فيها القبض: أن لا عقد وإن كان بعض الفقهاء: بَطَلَ العقد فهو بطلان ما لم يتم لا بطلان ما تم، والكيمياء باطلة محرمة، وتحريمها أشد من تحريم الربا، ولا يجوز بيع الكتب التي تشتمل على معرفة صناعتها، وأفتى أبو العباس بعضَ ولاة الأمور بإتلافها" [9]. الزيادة على المشتري عند تأخره في السداد: السؤال الأول من الفتوى رقم (18048) س1: والدي باع إبلا بثمن 6000 ستة آلاف جنيه مصري لمدة عام، واشترط على الشخص المشتري بعد عام أن يزيد فوق الثمن ثلاثة آلاف جنيه مصري، وتوفي والدي قبل أخذ هذا المال، فهل هذا الفعل يكون ربا؟ وإن كان ربا فهل يحق لنا أخذ هذه الزيادة أم لا؟ ج1: إذا كان الأمر كما ذكر فإن الثلاثة آلاف المشروطة على المشتري إذا لم يسدد في مدة عام تعتبر ربا لا يحل أخذها. بيع الكالئ بالكالئ, بيع الدين بالدين. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عضو: عبدالله بن غديان عضو: صالح الفوزان عضو: عبدالعزيز آل الشيخ عضو: بكر أبو زيد. الزيادة مقابل تأخير السداد: السؤال الأول من الفتوى رقم (18706) س1: اشتريت علف أغنام لأجل من أحد الجمعيات، ودفعت جزءا من المبلغ والباقي قسط لأجل محدد بتاريخ، ولكن شرطوا علي أصحاب الجمعية في العقد معهم أن إذا تأخرت زادوا الدين مبلغا قدره 5%، فهل ما اشترطه أصحاب الجمعية من زيادة إذا تأخرت يكون ربا؟ علما أنهم يسمون الزيادة لمقابلة تأخير السداد.
وقال في "الفروع": "قال شيخنا: الكيمياء غش، وهي تشبيه المصنوع من ذهب أو فضة أو غيره بالمخلوق باطلة في العقل، محرمة بلا نزاع بين علماء المسلمين، ثبت على الرُّوباص أو لا، ويقترن بها كثيراً السيمياء التي هي من السحر والزجاج مصنوع لا مخلوق. ومن طلب المال بما حرمه الله عُوقِبَ بنقيضه، كالمرابي وهي أشد تحريماً منه، ولو كانت حقّاً مباحاً لوجب فيها خمس أو زكاة ولم يوُجِب عالمٌ فيها شيئاً، والقول بأن قارون علمها باطل، ولم يذكرها ويعلمها إلا فيلسوف، أو اتحادي، أو ملك ظالم" [10]. وقال البخاري: (باب قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ﴾ [آل عمران: 130]. ما حكم بيع الدين بالدين - أجيب. وذكر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من حرام) [11] ". قال الحافظ: "لعله أشار بالترجمة إلى ما أخرجه النسائي من وجه آخر: (يأتي على الناس زمان يأكلون الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره) [12]. وروى مالك عن زيد بن أسلم في تفسير الآية قال: كان الربا في الجاهلية أن يكون الرجل على الرجل حق إلى أجل، فإذا حلَّ قال: أتقضي أم تربي ؟ فإن قضاه أخذ، وإلا زاده في حقه وزاده الآخر في الأجل [13]... ، ويطلق الربا على كل بيع محرم" [14].
وقال ابن التين: "أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تحذيراً من فتنة المال، وهو من بعض دلائل نبوته ؛ لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو، والله أعلم" [15] انتهى مُلخصاً. وقال الحافظ أيضاً: "البيع كله إما بالنقد أو بالعرض حالاً أو مؤجلاً، فهي أربعة أقسام: فبيع النقد إما بمثله وهو المراطلة. أو بنقد غيره وهو الصرف. وبيع العرض بنقد يُسمى مقابضة، والحلول في جميع ذلك جائز. وأما التأجيل بالعرض يسمى مقابضة، والحلول في جميع ذلك جائز. وأما التأجيل فإن كان النقد بالنقد مؤخراً فلا يجوز، وإن كان العرض جاز، وإن كان العرض مؤخراً فهو السلم، وإن كانا مؤخرين فهو بيع الدين بالدين وليس بجائز إلا في الحوالة عند من يقول: إنها بيع، والله أعلم" [16]. [1] الإجماع (482) وفتح القدير 5/ 287، وحاشية ابن عابدين 5/ 182. والشرح الصغير 2/ 33، وحاشية الدسوقي 3/ 61. تحفة المحتاج 4/ 409، ونهاية المحتاج 4/ 92. وشرح منتهى الإرادات 3/ 261، وكشاف القناع 8/ 38. [2] تقدم تخريجه 4/ 337. [3] الروض المربع ص258. [4] المقنع 2/ 75. [5] شرح منتهى الإرادات 3/ 261، وكشاف القناع 8/ 39.