الخطبة الأولى: الحمدُ للهِ الذي يسمعُ ويرى، ويعلمُ السرَّ والنّجوى، أفلحَ من خافَ مقامَه ونهى النّفسَ عن الهوى، وخابَ من كذّب وعصى وآثرَ الحياةَ الدنيا، وأصلي وأسلمُ على نبيِّه المصطفى، وعلى آلِه وصحبِه ومن اقتفى. ان الذي خلق الظلام يراني. أمّا بعدُ عبادَ الله: فقد ابتليَ الناسُ في هذا الزّمان، بتقريبِ الحرامِ والخلوةِ فيه وتسهيلِ الوصولِ إليه ( لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ)[المائدة:94]، حتى أمسى المؤمنُ يخشى على نفسِه وعلى أهلِه وأولادِه، من الوقوعِ في سيلِه العرِم، ولا عاصمَ من أمرِ اللهِ إلا من رحِم. ومع كثرةِ أبوابِ الشّرِّ وتجدُّدِها، لم تَعُدْ وسيلةُ المنعِ والحجبِ تحقّقُ الهدفَ المنشود، فلا سبيلَ للنّجاةِ من تلك الفتن، إلا بالتربيةِ الإيمانيّة، وتنميةِ الرّقابةِ الذاتيّة، والتي تجعلُ المسلمَ يوقنُ أنّ اللهَ معه وينظرُ إليه ويراقبُه، ولا يَخفى عليه شيءٌ من أمرِه. إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقل *** خلوتُ ولكنْ قلْ عليَّ رقيبُ ولا تَحسبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ ساعةً *** ولا أنَّ ما تُخفِي عليه يغيبُ. إنّها منزلةٌ عظيمة، تضبطُ السلوك، وتهذّبُ الأخلاق، وتزكّي النّفوس، وتدفعُ لفعلِ كلِّ حسنٍ وتركِ كلِّ قبيح؛ حياءً من الله، وخوفًا منه ورجاءً لثوابِه.
وقد روي أن بعض الأعراب قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن عندهم عجوزاً طيبة يسألونها الدعاء إن أصيبت إبلهم بالجرب، الذين فقال لهم: لو خلطتم مع الدعاء شيئاً من القطران، والقطران مما تداوى به الأبل من الجرب كما هو معروف. ان الذي خلق الظلام يراني - بريق الامارات. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستعين بالدعاء في مكة، وكان يستعين به في المدينة، لكن لم ينقل لنا مثل دعائه وإلحاحه وهو متأهب لقتال الكفار يوم بدر، فقد استفرغ وسعه، وأخذ بالأسباب، ودعا رب الأرباب ومسبب الأسباب. وكذلك كان السابقون الصالحون: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:250]، تأهبوا للقتال، وأعدوا العدة، واستعانوا بربهم. ونحن الآن نرى المساجد ترتج بالدعاء للمستضعفين، وقليل من هؤلاء الذين يدعون ويؤمنون من يسعى لنصرة إخوانه وإعانتهم، فالله المستعان وعليه الجهد والتكلان.
عبادَ الله: يجبُ أنْ تتوجّهَ الجهود، إلى تربيةِ الأجيال، على مراقبةِ اللهِ -سبحانه-، وإجلالِه في القلوب، وتعظيمِ أمرِه ونهيِه، فإنّ ذلك هو الضمانُ الذي سيعصمُهم -بإذنِ الله-، عندما يواجهونَ داعيَ الشهواتِ والفتن، فيرفضونَ الوقوعَ في مستنقعِها بكلِّ شجاعةٍ ويقين، ويردِّدُونَ عتابًا لكلِّ مهزومٍ قد اتّبعَ الهوى: ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)[العلق:14]. هكذا الإيمانُ إذا خالطت شاشتُه القلوب، فإنّه يستعلي بالمرءِ فوقَ حظوظِ نفسِه وشهواتِها، ويأخذُ بيدِه إلى سبيلِ العفّةِ والشرفِ والكرامة. خَرَجَ عمرُ بنُ الخطابِ -رضيَ اللهُ عنه- ذَاتَ لَيْلَةٍ يَطُوفُ بِالمَدِينَةِ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ قد أغلقت عَلَيْهَا بَابَهَا وَهِيَ تَقُولُ: تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ واسْودَّ جانبُه *** وَأَرَّقَنِي أَلَّا خليلَ أُلَاعِبُه فواللهِ لولا خشيةُ اللهِ وحدَه *** لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوانِبُه ولكنّني أخشى رقيبًا موكّلًا *** بِأَنْفُسِنَا لَا يَفْتُرُ الدَّهْرَ كَاتِبُه فَلَمَّا أَصْبَحَ عمرُ بَعَثَ إِلَيْهَا بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ يُسَرِّحُ لَهَا زَوْجَهَا من الغزو.
قَالَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ * لَعَلِّي أَعمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرزَخٌ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ﴾ المؤمنون: 99 – 100]. يَا مَن يُشَاهِدُ المَحَطَّاتِ المَاجِنَةَ، وَيَسمَعُ الأَصْوَاتَ الفَاجِرَةَ؛ الَّتِي تَعْمَلُ فِي القُلُوبِ، أَعْظَمَ مِنَ السُّمِّ فِي الأَبْدَانِ؛ اعلَمْ بِأَنَّ «مَنِ استَحيَى مِنَ اللَّهِ عِندَ مَعْصِيَتِهِ، اسَتَحيَى اللَّهُ مِن عُقُوبَتِهِ يَوْمَ يَلقَاهُ؛ وَمَن لَم يَستَحِ مِن مَعْصِيَتِهِ، لَمْ يَسْتَحِ مِن عُقُوبَتِهِ». عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: " كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَشَدُّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ) " ونستكمل الحديث عن خلق الحياء في لقاء قادم إن شاء الله الدعاء
والحياء من الملائكة. والحياء من الناس. والحياء من النفس. أما الحياء من الله: فَمِنْ وَقَارِ اللَّهِ: أَنْ يَسْتَحِيَ العَبْدُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى «فِي الخَلوَةِ، أَعظَمَ مِمَّا يَستَحِي مِنْ أَكَابِرِ النَّاسِ». فَإِنَّ مَنْ عَلِـمَ أَنَّ اللَّـهَ يَـرَاهُ حَيثُ كَانَ، وَأَنَّـهُ مُطَّلِعٌ عَلَـى بَاطِنِـهِ وَظَاهِرِهِ وَسِـرِّهِ وَعَلَانِـيَتِـهِ، وَاستَـحضَـرَ ذَلِكَ فِـي خَلَوَاتِـهِ، أَوجَبَ لَـهُ ذَلِكَ تَـركَ الـمَعَاصِـي فِـي السِّـرِّ.
مختارات منقول من كل الفئات قائمة مواضيع منقول
شكرا لدعمكم تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
هذا قول الطبري. وقال غيره: شمعون ويوحنا. وحكى النقاش: سمعان ويحيى ، ولم يذكرا صادقا ولا صدوقا. ويجوز أن يكون مثلا و " أصحاب القرية " مفعولين ل اضرب ، أو " أصحاب القرية " بدلا من مثلا ، أي: اضرب لهم مثل أصحاب القرية ، فحذف المضاف. “واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية” | صحيفة الخليج. أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإنذار هؤلاء المشركين أن يحل بهم ما حل بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل. قيل: رسل من الله على الابتداء. وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله ، وهو قوله تعالى: تفسير الطبري القول في تأويل قوله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية ، &; 20-500 &; ذُكر أنها أنطاكية ( إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل، وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية ؛ فقال بعضهم: كانوا رسل عيسى ابن مريم، وعيسى الذي أرسلهم إليهم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) قال: ذُكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية -مدينة بالروم- فكذبوهما فأعزهما بثالث ( فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ).
ظاهر القصة يدل على أن الثلاثة المرسلين هم رسل الله لا من جهة المسيح. ﴿إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما﴾ الاثنين على ثلاثة أقاويل: أحَدُها: أنَّهُما شَمْعُونُ ويُوحَنّا، قالَهُ شُعَيْبٌ. الثّانِي: صادِقٌ وصَدُوقٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وكَعْبُ الأحْبارِ ووَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ. [3] الثّالِثُ: سَمْعانُ ويَحْيى، حَكاهُ النَّقّاشُ. [4] يقول الحافظ ابن كثير: أن أهل أنطاكية لما بعث إليهم المسيح ثلاثة من الحواريين كانوا أول مدينة آمنت بالمسيح عيسى وبرسالته في ذلك الوقت، ولهذا كانت إحدى المدن الأربعة التي تكون فيها بطاركة النصارى هي: أنطاكية والقدس والإسكندرية ورومية ثم بعدها القسطنطينية. [5] مراجع [ عدل] ^ القرآن الكريم، سورة يس / آية 13 ^ تفسير بن كثير ^ البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ، ج1 / ص264 ^ تفسير الماوردى ^ أصحاب القرية الذين جاءهم المرسلون - إسلام ويب - مركز الفتوى نسخة محفوظة 04 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين. ع ن ت قصص القرآن والسنة قصة أصحاب الكهف قصة أصحاب الرس قصة أصحاب الجنة قصة أصحاب القرية قصة أصحاب الأخدود قصة أصحاب الغار بوابة القرآن هذه بذرة مقالة عن شخصية أو موضوع متعلق بالقرآن الكريم بحاجة للتوسيع.