ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد المسيء ، ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ، أو ليلعنكم كما لعنهم " ، والسياق لأبي سعيد. كذا قال في رواية هذا الحديث. وقد رواه أبو داود أيضا ، عن خلف بن هشام ، عن أبي شهاب الخياط ، عن العلاء بن المسيب ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم - وهو ابن عجلان الأفطس - ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه. ثم قال أبو داود: وكذا رواه خالد ، عن العلاء ، عن عمرو بن مرة به. ورواه المحاربي ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن سالم الأفطس ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: وقد رواه خالد بن عبد الله الواسطي ، عن العلاء عن عمرو بن مرة ، عن أبي موسى والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدا ، ولنذكر منها ما يناسب هذا المقام. والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللَّه أن يبعث - هوامير البورصة السعودية. [ و] قد تقدم حديث جرير عند قوله [ تعالى] ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار) [ المائدة: 63] ، وسيأتي عند قوله: ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) [ المائدة: 105] ، حديث أبي بكر الصديق وأبي ثعلبة الخشني [ رضي الله عنهما] - فقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان الهاشمي أنبأنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني عمرو بن أبي عمرو ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي ، عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم ".
فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال: " لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا ". وقال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا يونس بن راشد ، عن علي بن بذيمة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا ، اتق الله ودع ما تصنع ، فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم) إلى قوله: ( فاسقون) ثم قال: " كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد الظالم ، ولتأطرنه على الحق أطرا - أو تقصرنه على الحق قصرا ". فصل: الجمع بين آية: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وحديث: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف:|نداء الإيمان. وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من طريق علي بن بذيمة به ، وقال الترمذي: " حسن غريب ". ثم رواه هو وابن ماجه ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن علي بن بذيمة ، عن أبي عبيدة مرسلا. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج وهارون بن إسحاق الهمداني قالا حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن سالم الأفطس ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرا ، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله وخليطه وشريكه - وفي حديث هارون: وشريبه ، ثم اتفقا في المتن - فلما رأى الله ذلك منهم ، ضرب قلوب بعضهم على بعض ، ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ".
قال الحافظ: فتبين بهذا أن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال. فهذا صريح منه بما فهمناه من كلامه, وهو ظاهر لا غبار عليه لأنه [ ص: 228] يجب على كل العالم إنكار ما يغضب الجبار جل شأنه وتعالى سلطانه. وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ** إن الله تعالى ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره. 73 من حديث ( والذي نفسي بيده لتأمرنَّ ولتنهونَّ عن المنكر..). فإذا لقن الله عبدا حجته قال يا رب رجوتك وفرقت الناس **. وأما ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم ** فيقول الله ما منعك أن تقول في كذا وكذا فيقول خشية الناس فيقول إياي كنت أحق أن تخشى **. وما خرجه الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد مرفوعا ** ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه ** وبكى أبو سعيد وقال قد والله رأينا أشياء فهبنا. وخرجه الإمام أحمد وزاد فيه ** فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقال بحق أو يذكر بعظيم ** فمحمولات على أن المانع له من الإنكار مجرد الهيبة دون الخوف المسقط للإنكار. قال شيخ الإسلام رحمه الله ورضي عنه: مراده صلى الله عليه وسلم في قوله يعني في الحديث السابق ** ليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة خردل ** أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان, ليس مراده أن من لم ينكر لم يكن معه من الإيمان حبة خردل, ولهذا قال وليس وراء ذلك, فجعل المؤمنين ثلاث طبقات, فكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه.
قال في «النهاية»: ومن غريب ما يحكى فيه عن نفطويه أنه قال بالظاء المعجمة من باب ظأر، ومنه الظئر المرضعة، وجعل الكلمة مقلوبة فقدم الهمزة على الظاء ( ولتقصرنه على الحق) أداء وأخذًا ( قصرًا) أي: لتحبسنه عليه حبسًا وتمنعنه من مجاوزته: أي: ليكونن منكم ما ذكر ( أو ليضربنّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم) فأو لأحد الأمرين: أي: ليكونن منكم ما أمرتم به، أو ليكونن منكم ما حذرتم منه عند عدم فعل ذلك (رواه أبو داود) في «الملاحم» (والترمذي) في «التفسير» وابن ماجه في «الفتن» (وقال) أي: الترمذي، حديث حسن.