الصفحة الرئیسیة کلام و العقائد 849 نفر 0 إن من المفاهيم العقيدية التي اتفق المسلمون جميعاً على ورودها في القرآن الكريم والسنة المطهرة هو مفهوم التقية، كما يتبين لنا ذلك من قوله تعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) وقوله: (إلا مَن أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان) وقوله: (يكتم إيمانه). ومن سيرة الرسول العملية، موقفه من عمار بن ياسر كما سيتبين لنا ذلك، ومع هذا الوضوح والبيان، فإن هذا المصطلح العقيدي، قد أُسيء فهمه، وحاول بعض المغرضين والمسَخَّرين لتفريق الصف الاسلامي أن يثير الشبهات ويحاول أن يصوره نفاقاً فكرياً، وازدواجية غامضة قد أولدها الفكر المتبنى في مدرسة أهل البيت (ع) عندما لجأ أتباع هذه المدرسة إلى التقية في مراحل الإرهاب والاضطهاد السياسي المرير. ولإيضاح هذا المفهوم وبيان مجالات العمل به سنضعه في دائرة الضوء؛ لتبديد صورة الغموض والشبهة العالقة به. ـ التقية في اللغة: (الوقاية: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، يقال وقيتُ الشيء أقيه وقاية ووقاء... ). (ووقى الشيء وقياً ووقاية وواقية: صانه عن الأذى وحماهُ... مفهوم التقية بين القرآن والحديث. والتقية الخشية والخوف). والتقية ـ عند بعض الفرق الاسلامية ـ: (إخفاء الحق ومصانعة الناس في غير دولتهم تحرزاً من التلف).
وليس ذلك الغالب على معنى الكلام. والتأويلُ في القرآن على الأغلب الظاهر من معروف كلام العرب المستعمَل فيهم. وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله:"إلا أن تتقوا منهم تقاة" فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: ﴿إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ ، على تقدير"فُعَلة" مثل:"تُخَمة، وتؤَدَة وتُكأة"، من"اتقيت". وقرأ ذلك آخرون: ﴿إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تَقِيَّةً﴾ ، على مثال"فعيلة". قال أبو جعفر: والقراءة التي هي القراءةُ عندنا، قراءةُ من قرأها:"إلا أن تتقوا منهم تُقاة"، لثبوت حجة ذلك بأنه القراءةُ الصحيحة، بالنقل المستفيض الذي يمتنع منه الخطأ. القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨) ﴾ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك، ويخوّفكم الله من نفسه أن تَرْكبوا معاصيه، أو توالوا أعداءه، فإن لله مرجعكم وَمصيركم بعد مماتكم، ويوم حشركم لموقف الحساب = [[انظر تفسير"المصير" فيما سلف ٣: ٥٦ / ٦: ١٢٨. ]] يعنى بذلك: متى صرتم إليه وقد خالفتم ما أمركم به، وأتيتم ما نهاكم عنهُ من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نالكم من عقاب ربكم ما لا قِبَل لكم به، يقول: فاتقوه واحذرُوه أن ينالكم ذلك منه، فإنه شديد العقاب.
[[خالق الناس يخالقهم مخالقة: عاشرهم على أخلاقهم، مثل"تخلق"، أي: تصنع وتجمل وتحسن. ]] ٦٨٣٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. ٦٨٣٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين" إلى"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، قال: قال أبو العالية: التقيَّة باللسان وليس بالعمل. ٦٨٣٤ - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عُبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، قال: التقيةُ باللسان. مَنْ حُمل على أمر يتكلم به وهو لله معصيةٌ، فتكلم مخافةً على نفسه، وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا إثم عليه، إنما التقيَّة باللسان. ٦٨٣٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، فالتقية باللسان. مَنْ حُمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره. إنما التقية باللسان. وقال آخرون: معنى:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، إلا أن يكون بينك وبينه قرابة. * ذكر من قال ذلك: ٦٨٣٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين إلا أن تتقوا منهم تقيَّة"، نهى الله المؤمنين أن يوادّوا الكفار أو يتولَّوْهم دون المؤمنين.