تاريخ النشر: ١٠ / ذو القعدة / ١٤٢٨ مرات الإستماع: 6662 والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لولا أنكم تذنبون الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد أورد المصنف -رحمه الله- في باب الرجاء: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله -تعالى، فيغفر لهم [1] رواه مسلم. ثم أورد بعده: حديث أبي أيوب، خالد بن زيد قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقًا يذنبون، فيستغفرون، فيغفر لهم [1] رواه مسلم. هذان الحديثان معناهما واحد، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- من أسمائه: التواب، ومن أسمائه: الغفور، ومن أسمائه: الرحمن والرحيم، وما شابه ذلك من الأسماء الحسنى، وأسماؤه -تبارك وتعالى- تظهر في أمره، كما تظهر أيضاً في خلقه، فمن مقتضى هذه الأسماء أن يوجد من يذنب، فيغفر له، ويوجد من يستغفر، فيغفر له، ويوجد من يتوب، فيتوب الله عليه، فلو لم يوجد من يذنب، ولم يوجد من يستغفر، ولم يوجد من يتوب، فما هو الأثر الذي سيكون لاسمه -تبارك وتعالى: التواب، والغفور، والرحمن، والرحيم، وما شابه ذلك؟. والذي نفسي بيده لا أهمل حقوق الجار الأسلوب في الجملة السابقة هو أسلوب - منبع الحلول. كما أن هذه الأسماء أيضاً تقتضي وجود قوم يعاقبون، ويؤخذون، وأقوام يهلكهم الله -تبارك وتعالى، فتظهر معاني أسمائه -تبارك وتعالى، فتظهر معاني: الجبار، والقوي، والقاهر، والقدير، وما شابه ذلك، فاقتضت حكمته -تبارك وتعالى- أن يوجد هذا وهذا، يوجد من يعاند ويكابر، ويكون محادًّا لله -تبارك وتعالى- ولرسله -عليهم الصلاة والسلام، فيؤخذ، فتظهر فيه معاني أسماء الله -تبارك وتعالى، كالقدير، والجبار، ونحو ذلك، ويوجد آخرون يوفقهم الله للتوبة والاستغفار، فيستغفرون، فيغفر لهم، فتظهر فيهم آثار الأسماء الأخرى، وهكذا.
14/1821- وعن أبي هريرة قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: والذِي نَفْسِي بِيَدِه لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بالْقَبْرِ، فيتمَرَّغَ عَلَيْهِ، ويقولُ: يَا لَيْتَني مَكَانَ صَاحِبِ هذَا الْقَبْرِ، وَلَيْس بِهِ الدَّين وما بِهِ إلاَّ الْبَلاَءُ متفقٌ عليه. 15/1822- وعَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جبَلٍ منْ ذَهَبٍ يُقْتَتَلُ علَيْهِ، فيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائةٍ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، فَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أنْ أكُونَ أنَا أنْجُو. وَفي روايةٍ "يوُشِكُ أنْ يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَن كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنّْ حَضَرَهُ فَلا يأخُذْ منْهُ شَيْئًا" متفقٌ عَلَيْهِ. والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف. 16/1823- وعَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: يَتْرُكُونَ المَدينَةَ عَلى خَيْرٍ مَا كَانَتْ، لاَ يَغْشَاهَا إلاَّ الْعوَافي يُرِيدُ: عَوَافي السِّباعِ وَالطَّيْرِ، وَآخِر مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُريدَانِ المَدينَةَ ينْعِقَانِ بِغَنَمها فَيَجدَانها وُحُوشًا. حتَّى إذَا بَلَغَا ثنِيَّةَ الْودَاعِ خَرَّا عَلَى وَجوهِهمَا متفقٌ عليه.
ثقافة الفضائيات، وهذا تجده عند كثير من العامة، يوم صاروا يأخذون العلم من قفاه، كما يقال، صار كثير منهم بهذه الطريقة: يجترئ ويتفلسف، في الأول كان يفعل المعصية ويخاف، الآن لا، الآن يجترئ ويتفلسف، ويناقش ويجادل، كما تقول إحدى النساء، تريد أن تقول: إنها رجعت إلى الصفر، ما أدري ماذا قالت، فهي عبارة بالإنجليزي، أنا كنت ما أدري أيش، والآن تغير، قلت: ماذا تقول؟ قالوا: تقول: رجعت إلى الصفر. الشاهد: أنها قالت كلمة معناها: إني رجعت الآن لآخر درجة، خلاص، تبين لي أن هناك أقوالا أخرى، وتبين أن فيه أشياء ثانية، فهذه ثقافة الفضائيات، فتضرهم هذه الأشياء التي يسمعونها للأسف؛ لأنهم لا يأخذون العلم من مأخذه الصحيح، وبطريقة صحيحة؛ ولهذا قال الشاطبي -رحمه الله: إن أهل الأهواء يأخذون العلم، ويتلقونه، أو يَسألون -في السؤال والاستفتاء- بعدما يفعلون؛ ليبحثوا عما يوافق أهواءهم، وانحرافاتهم، وأما من كان يريد الحق فيسأل قبل ما يفعل، ويسأل من يثق بدينه وورعه، ويثق بعلمه أيضا، لابدّ من الأمرين، هذا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه. أخرجه مسلم، كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبةً، رقم: (2748).