قال رجل للإمام العلامة ابن عَقِيل كما في الفنون: أسمع وصية الله - عز وجل - يقول: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، وأسمع الناس يعدون مَن يظهر خلاف ما يبطن منافقًا، فكيف لي بطاعة الله - تعالى - والتخلص من النفاق؟ فقال: النفاق هو إظهار الجميل وإبطان القبيح، وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر، والذي تضمنته الآية إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن، اهـ.
وقد كان ذلك هَدْي خير البشر - صلى الله عليه وسلم - فكان لا يواجه الناس بما يكرهون، وإذا غَضِب عُرِف الغضب في وجهه، وكان لا يعيب طعامًا قط إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه، وكان يداري المنافقين اتقاءً لشرهم، وعلى رأسهم عبدالله بن أُبَي فقد كان يلاطفه في الخطاب، ونهى عن قتله وهو يعلم ما في قلبه من الحقد. وقال أبو سليمان الخطابي - رحمه الله تعالى -: ما دمت حيًّا فدارِ الناس كلهم فإنما أنتَ في دار المداراة مَن يدرِ دَارَى ومَن لم يدرِ سوف يرى عمَّا قليلٍ نديمًا للندامات وقال زهير في معلقته: ومَن لا يصانع في أمور كثيرة يُضرَّسْ بأنياب ويُوطأْ بمنسمِ ( والمنسم الرجل استعارة، وهو في الأصل للدواب).
• قال الشاعر: [من البحر الوافر] مشى السَّرَطانُ يوماً باعوجاج فقلَّدَه بمشيته بَنُوهُ وينشأُ ناشئُ الفِتيان مِنّا على ما كان عَوَّده أبوهُ • قال أحمد شوقي رحمه الله تعالى: [من البحر الكامل] ليس اليتيمُ مَن انتهى أبوَاهُ مِن هَمِّ الحياةِ وَخَلَّفاهُ وَحِيدا فأصابَ بالدنيا الحَكيمةِ منهما وبحُسْنِ تربيةِ الزمان بَديلا إنَّ اليتيمَ هو الذي تَلْقَى له أمّاً تخلَّتْ أو أباً مَشْغُولا إِنَّ المقِّصَر قد يَحُولُ ولن تَرى لجَهالة الطَّبْعِ الغَبيِّ محيلا • قال حكيم: (الأبناء خمسة: ١- أحدهم: لا يفعل ما يأمره به والداه، فهذا (عَاقٌّ). ٢- والثاني: يفعل ما يؤمر به وهو كاره، فهذا (لا يُؤجَر). ٣- والثالث: يفعل ما يؤمر به، ويُتْبِعْهُ بالمنّ والأذى والتأفّف ورَفْع الصوت فهذا (يُؤزر). ٤- والرابع: يفعل ما يُؤمر به بطيبة نفس، فهذا (مأجور)، وهذا قليل. ٥- والخامس: يفعل ما يُريده والداه قبل أن يأمُراه به، فهذا هو (البارُّ الموفَّق)، وهذا نادر. قصيدة فيا عجبا لمن ربيت طفلا – Zawaly. والصِّنفـان الأخيران؛ لا تسأل عن بـركة أعمارهم، وسعة أرزاقـهم، وانـشراح صدورهم، وتيسير أمورهم). • قال الشاعر الميداني رحمه الله تعالى: [من البحر الوافر] فيا عَجباً لمن ربيتُ طِفْلاً أُلَقِّمُه بأطرافِ البَنَانِ أُعَلِّمُه الرمايةَ كُلَّ يومٍ فلما اشْتَدَّ ساعدُه رَمَاني أُعَلِّمُه الفتوةَ كل وقتٍ فلما طَرَّ شَاربُه جَفَاني وكم عَلَّمْتُهُ نَظْمَ القَوافِي فلمَّا قَالَ قَافِيةً هَجَاني مرحباً بالضيف
قالَ: وسَمِعتُ أبَا القَاسمِ بنِ أبي مخلدٍ العُمانيَّ يأخذُ على رجلٍ أنشدَه بحَضرتِه بِالشِّينِ، فقالَ: مَعنَى (اسْتَدَّ): صارَ سَديدًا، والرَّميُ لا يُوصَفُ بِالشِّدَّةِ، وإنَّما يُوصَفُ بِالسَّدادِ. قلتُ: الرِّوايةُ الصَّحيحةُ لِلبَيتِ كما تبيَّن بِالسِّينِ المهملَة ، والمعنَى عليها أَبلَغُ". ملاحظتي:لم أجد البيت في ديوان امرئ القيس كما ذهب الصفدي، ولم أجد ذكرًا له في أي سياق للقصة التي تتحدث عن ابن قتل أباه. أما الرواية الأخرى فالشاعر هو مالك بن فهم (ت. نحو 157م)، وإليك الخبر:(قتل سليمة لأبيه مالك بن فهم) اتخذ مالك من أولاده حرسًا له حيث كان يحرسه في كل ليلة واحد منهم، وكان يحب أصغر أولاده سليمة، ويخصه بالعناية ويعلمه الرماية. حسده أخوته، فقام نفر منهم إلى أبيهم، فقالوا: يا أبانا إنك قد جعلت أولادك يحرسون بالنوبة، وما أحد منهم إلا قائم بما عليه ما خلا سليمة، فإنه اضعف همة وأعجز منّة، وإنه إذا جنّه الليل في ليلته يعتزل عن الفرسان، ويتشاغل بالنوم والغفول عما يلزمه، إلا ان مالك لم يقتنع بذلك، ورد الأبناء المحاولة حتى ملأ الشك قلبه.
أقوال وأبيات في التربية • قال عبدالملك بن مروان رحمه الله تعالى لأولاده يوماً: (يا بَنِيَّ، عليكم بالأدب والعلم، فإن كنتم فقراء عِشْتُم، وإن كنتم أغنياءَ سُدْتُم، وإن كنتم سادةً فُقْتُم، واستفيدوا مِن الأدب ولو بكلمة واحدة، فمن لم يكتسبْ به مَالاً، اكتسبَ به جَمَالاً). • قال المؤمل الكوفي رحمه الله تعالى: [من البحر البسيط] يَنْشا الصغيرُ على ما كانَ والدُهُ ♦♦♦ إنّ العُرُوقَ عليها يَنْبُتُ الشجرُ • قال الحكماء: (الابنُ مع أبيه واحدٌ مِن ثلاثةِ رجالٍ: لاحقٌ، أو ماحقٌ، أو سابقٌ.. فاللَّاحقُ: هو الذي يلحقُ أباهُ في شرَفهِ، والماحقُ: هو الذي يمحقُ شَرفَ أبيهِ بِسُوءِ فِعَالِهِ، والسابقُ: هو الذي يسبقُ أبَاهُ ويَفُوقُهُ في الشَّرفِ). • اختار عتبة بن أبي سفيان رحمه الله تعالى لأطفاله معلماً، ثم أوصاه فقال: (ليكن أولَ ما تبدأُ به مِن إصلاحِ بَنِيَّ إصلاحُ نفسِكَ، فإنَّ أعينهم معقودةٌ بعينيكَ، فالحَسَنُ عندهم ما استحسنت، والقبيحُ عندهم ما استقبحت، وعلِّمهم كتاب الله تعالى، ولا تُكْرِهْهُم عليه فيملُّوه، ولا تتركْهُم منه فيهجروه، ثمَّ رَوِّهم مِن الشِّعر أعفَّه، ومِن الحديث أَشْرَفَه، ولا تخرجْهُم مِن عِلْمٍ إلى غيره حتى يُحْكِمُوه، فإنَّ ازدحامَ الكلام في السَّمع مَضَلَّةٌ لِلْفَهْمِ).
وإن المحافظة على الجماعة من أعظم أصول الإسلام، وهو مما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه العزيز، وعظم ذم من تركه، إذ يقول جل وعلا (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون) آل عمران:103. وقال سبحانه: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) آل عمران: 105 وقال جل ذكره: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) الأنعام: 159. وهذا الأصل الذي هو المحافظة على الجماعة مما عظمت وصية النبي صلى الله عليه وسلم به في مواطن عامة وخاصة، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "يد الله مع الجماعة" رواه الترمذي. حديث يد الله مع الجماعة. وقوله عليه الصلاة والسلام "من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام: "إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان" رواه مسلم.
أمينة النقاش في 15 مارس،22 7:01 م ضد التيار يد الله فوق يد الجماعة *بقلم أمينة النقاش كان المفكر السياسى الكبير «محمد سيد أحمد» احد مؤسسى حزب التجمع، ومن بين أبرز قادته، من أظرف الشخصيات وأخفها ظلا، وأكثرها سرعة بديهة وذكاء حادا. خطبة: واللهُ لا يُحِبُّ الفَسَاد - ملتقى الخطباء. وفى أحد الانتخابات التنظيمية داخل التجمع، عبر محمد سيد احمد عن دهشته، وهو يضرب كفا بكف ويقول بفطنة لاتخلو من سخرية: هناك وجوه فى هذه القاعة لاتدخل مقر حزب التجمع إلا كلما جرت الانتخابات على المواقع الحزبية، تأتى فتمارس بصراع لا يخلو من عنف، حقها فى الفوز بتلك المواقع، ثم بعد الفوز تختفى والأغلب أنها تذهب إلى المنزل و«تشد اللحاف وتنام»، لحين جولة جديدة من المعارك على نفس المواقع الحزبية وبنفس الطريقة، فلا الموقع الحزبى يتقدم ولا العضو يكف عن المحاولة والصراع! هذه العبثية التى تنطوى على خفة فى التعامل مع العمل الحزبى بوصفه وجاهة اجتماعية، تستنفد طاقته فى معارك تفضى إلى أن يبقى محلك سر، هى بالضبط ماكان يسخر منها «محمد سيد أحمد» لأن الأصل يُلزم من يحوز موقعا حزبيا لاسيما إذا كان بالانتخاب، أن يقوم بمهامه بجدية واخلاص، أو فليتركه لمن يستطيع أن يفعل ذلك. تذكرت تلك الواقعة من حكايات العمل الحزبى التى لاتنضب ولا تخلو من دروس وعبر، خلال متابعتى باهتمام، للانتخابات الأخيرة فى حزب الوفد، التى انتهت بفوز المحامى الدكتور «عبد السند يمامة» برئاسته،على منافسه المستشار «بهاء الدين أبو شقة».
رَوى ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، عَنِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّهُ قَالَ: " عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ "(رَواهُ مُسْلِمٌ). عِبَادَ اللهِ: فِي ظِلِّ العَقِيدَةِ الخَالِصَةِ يَكُونُ الأَمْنُ وَتُحْفَظُ النُّفُوسُ، وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ، وتَأْمَنُ السُّبُلُ، وتُقَامُ الحُدُودُ، وَتَقُومُ الدَّعْوَةُ إلى الله، وتُعمَرُ المسَاجِدُ، ويَفْشُو المَعْروفُ ويَقِلُّ المُنْكَرُ ويحْصُلُ الاستِقْرارُ. ولا يَسْتَقيمُ أمرُ الدِّينِ إلاَّ مَعَ وُجُودِ الأمنِ. فَيَا مُسْلِمُونَ: الزَمُوا غَرْزَ عُلمَائِكم النَّاصِحينَ، وتَشبَّثوا بِجماعَةِ المُسلمينَ، وطاعَةِ وُلاةِ أُمورِكم المُخلِصينَ وَتَذَكَّروُا قَولَ اللهِ -تَعَالى-: ( وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام:153]. فَالَّلهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ إيَماناً صَادِقاً وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً. عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة. أَقُولُ مَا تَسمَعُونَ، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكم ولِسائِرِ المُسلمينَ من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ.
[٦] الجماعة مطلب إنساني فطري الإنسان بفطرته ميال للجماعة، فليس هناك إنسان سوي يرضى العيش وحده بعيداً عن الناس، ولا يُتصور استمرار حياة لأحدنا منفصلا عن الآخرين، والإسلام دين الله الخاتم عالمي الرسالة لا يمكن أن يغفل هذا الأمر، بل حرص على التنبيه عليه والحث على التمسك به والدعوة إليه، فهو دين الفطر السليمة ودين تحقيق سعادة الإنسان في الأرض ودين صيانة المجتمعات والأفراد من التيه والضياع والتفكك. [٧] وهذا المنهج الرباني في صيانة المجتمعات وحفظها تكاثرت عليه الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال فقهاء الصحابة والسلف، وهو دعوة المصلحين من الناس على مر الزمان في هذا العالم. [٧] المراجع ↑ أبو عيسى الترمذي، سنن الترمذي ، صفحة 4 - 466. بتصرّف. ↑ ابن حبان، صحيح ابن حبان ، صفحة 10 - 438. خطبة حول معنى حديث ( يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. بتصرّف. ↑ مقبل الوادعي، الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين ، صفحة 1 - 150. بتصرّف. ↑ أبو عيسى الترمذي، سنن الترمذي ، صفحة 4 - 466. بتصرّف. ↑ سورة الأنفال، آية:46 ↑ سورة آل عمران، آية:103 ^ أ ب د. محمد لطفي الصباغ (27/4/2016)، "روح الجماعة في الإسلام" ، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2022. بتصرّف.
اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلِمينَ، واكتُبْ لَنا وَلِجُنُودِنَا النَّصرَ والتَّمكِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللهم أبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا ربَّ العالمين. اللهم وفِّق ولاةَ أمورِنَا لِمَا تُحِبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ربَّ العالمين, اللهم أغث قُلُوبَنَا بِالعِلمِ والإيمَانِ وَبِلادَنَا بِالخَيرِ والأمطَارِ, اغفر لنا ولِوالِدينا والمسلمينَ أجمعينَ. «الوفاق الخامل». ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: لا يزالُ المُؤمنُ في فُسحةٍ من دينِه ما لم يُصِبْ دمًا حرامًا. وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: لو أنّ أهلَ السّماواتِ وأهلَ الأرضِ اشترَكوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهم اللهُ في النّار. فاتقوا اللهَ رحمكم الله، وتعاونوا على فضحِ أولئك المفسدين، نسألُ اللهَ أنْ يكفيَنا شرورَهم، ويجعلَ كيدَهم في نحورِهم، وأنْ نعيشَ بأمنٍ وأمانٍ ورخاءٍ مطمئنّين، وسيعلمُ الذينَ ظلموا أيَّ مُنقلبٍ ينقلبون. باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم الخطبة الثانية الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله: اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ.
وقد نالت المملكة بهذه الخدمة مزية خاصة في العالم الإسلامي، فهي قبلة المسلمين وبلاد الحرمين، والمسلمون يؤمونها من كل حدب وصوب في موسم الحج حجاجاً وعلى مدار العام عماراً وزواراً. وهيئة كبار العلماء إذ تستشعر نعمة اجتماع الكلمة على هدي من الكتاب والسنة في ظل قيادة حكيمة، فإنها تدعو الجميع إلى بذل كل الأسباب التي تزيد من اللحمة وتوثق الألفة، وتحذر من كل الأسباب التي تؤدي إلى ضد ذلك، وهي بهذه المناسبة تؤكد على وجوب التناصح والتفاهم والتعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان، وتحذر من ضد ذلك من الجور والبغي، وغمط الحق. كما تحذر من الارتباطات الفكرية والحزبية المنحرفة، إذ الأمة في هذه البلاد جماعة واحدة متمسكة بما عليه السلف الصالح وتابعوهم، وما عليه أئمة الإسلام قديماً وحديثاً من لزوم الجماعة والمناصحة الصادقة، وعدم اختلاف العيوب وإشاعتها، مع الاعتراف بعدم الكمال، ووجود الخطأ وأهمية الإصلاح على كل حال وفي كل وقت. وإن الهيئة إذ تقرر ما للنصيحة من مقام عال في الدين حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم.