* * * وقوله: " يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب " ، يقول: يبين لكم محمّد رسولنا، كثيرًا مما كنتم تكتمونه الناسَ ولا تُبينونه لهم ممّا في كتابكم. وكان مما يخفونه من كتابهم فبيَّنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للناس: رَجْمُ الزَّانيين المحصنين. * * * وقيل: إن هذه الآية نـزلت في تبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك للناس، من إخفائهم ذلك من كتابهم. ذكر من قال ذلك: 11609 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، من كفر بالرجم، فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب. قوله: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسوُلنا يبين لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب " ، فكان الرجمُ مما أخفوا. (7). 11610 - حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبَّويه، أخبرنا علي بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين | موقع البطاقة الدعوي. (8). 11611 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن عكرمة في قوله: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم " ، إلى قوله: صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، قال: إنّ نبيّ الله أتاه اليهود يسألونه عن الرجم، واجتمعوا في بيتٍ، قال: أيُّكم أعلم؟ فأشاروا إلى ابن صُوريا، فقال: أنت أعلمهم؟ قال، سل عما شئت، قال، " أنت أعلمهم؟" قال: إنهم ليزعمون ذلك!
ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب. (14) * * * وقوله: " وكتاب مبين " ، يقول: جل ثناؤه: قد جاءكم من الله تعالى النور الذي أنار لكم به معالم الحقِّ،= " وكتاب مبين " ، يعني كتابًا فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم: من توحيد الله، وحلاله وحرامه، وشرائع دينه، وهو القرآن الذي أنـزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يبين للناس جميع ما بهم الحاجةُ إليه من أمر دينهم، ويوضحه لهم، حتى يعرفوا حقَّه من باطله. (15) --------------------- الهوامش: (7) الأثر: 11609- "يحيى بن واضح" ، أبو تميلة ، مضى مرارا ، منها: 392. و "الحسين بن واقد المروزي" ، ثقة. مضى برقم: 481 ، 6311. و "يزيد النحوي" ، هو "يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي" ، ثقة ، مضى برقم: 6311. وهذا إسناد صحيح ، وسيأتي تخريجه في الأثر التالي. (8) الأثر: 11610- "عبد الله بن أحمد بن شبويه الخزاعي" ، ثقة مضى برقم: 1909 ، 4612 ، 4923. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. و "علي بن الحسن بن شقيق بن دينار" ، ثقة ، من شيوخ أحمد ، مضى برقم: 1591 ، 1909 ، 9951 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: "علي بن الحسين" ، وهو خطأ محض. وهذا إسناد صحيح أيضا ، مكرر الذي قبله. وهذا الخبر أخرجه الحاكم في المستدرك 4: 359 من طريق علي بن الحسن بن شقيق ، بمثله ، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.
وكتاب مبين أي القرآن; فإنه يبين الأحكام ، وقد تقدم.
{وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} أي: يترك بيان ما لا تقتضيه الحكمة. {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ} وهو القرآن، يستضاء به في ظلمات الجهالة وعماية الضلالة. {وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} لكل ما يحتاج الخلق إليه من أمور دينهم ودنياهم. من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن العلم بأحكامه الشرعية وأحكامه الجزائية. ثم ذكر مَنْ الذي يهتدي بهذا القرآن، وما هو السبب الذي من العبد لحصول ذلك، فقال: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} أي: يهدي به من اجتهد وحرص على بلوغ مرضاة الله، وصار قصده حسنًا - سبل السلام التي تسلم صاحبها من العذاب، وتوصله إلى دار السلام، وهو العلم بالحق والعمل به، إجمالًا وتفصيلًا. {وَيُخْرِجُهُم مِّن} ظلمات الكفر والبدعة والمعصية، والجهل والغفلة، إلى نور الإيمان والسنة والطاعة والعلم، والذكر. وكل هذه الهداية بإذن الله، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (226)]. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به. للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.
فهذا دليل آخر على اختصار أبي جعفر تفسيره ، وهو أيضا وجه من وجوه منهجه في اختصاره. (13) انظر تفسير "العفو" فيما سلف من فهارس اللغة. (14) انظر تفسير "نور" فيما سلف 9: 428. (15) انظر تفسير "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 269 ، وزاد نسبته إلى ابن الضريس ، والنسائي ، وابن أبي حاتم. فائدة: راجع أحاديث الرجم فيما سيأتي برقم 11921-11924. (9) "أفكل" (علي وزن أفعل): رعدة تعلو الإنسان من برد أو خوف أو غيرهما ، وليس له فعل ، وأنشد ابن بري: بِعَيْشِـــكِ هَــاتِي فَغَنِّــي لَنَــا فَـــإِنَّ نَدَامَـــاكِ لَــمْ يَنْهَلُــوا فَبَــــاتَتْ تُغَنِّـــي بِغِرْبَالِهَـــا غِنَـــاء رُوَيْـــدًا لَــهُ أفْكَــلُ (10) قوله: "فاختصرنا أخصورة" ، هكذا جاءت في المخطوطة أيضا. وفي تفسير أبي حيان 3: 447 "فاختصرنا فجلدنا مئة مئة" ، وحذف "أخصورة". ولم أجد لها في اللغة ذكرًا ، بمعنى: شيئًا من الاختصار. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. والذي في الكتب "الخصيري" (بضم الخاء وفتح الصاد وسكون الياء بعدها راء مفتوحة) ، وهي: حذف الفضول من كل شيء ، مثل "الاختصار". فلعل صواب العبارة: "فاختصرنا خصيري" ، أي اختصارا من حكم الرجم. وتركت ما في المطبوعة والمخطوطة ، مخافة أن يكون في الكلمة تحريف لم أهتد إليه. (11) في تفسير أبي حيان "وخالفنا بين الرءوس على الدبرات" ، وكأنه خطأ. (12) الأثر: 11611- في هذا الأثر ، ذكر سبب نزول آية "سورة البقرة": 76 ، ولم يذكره أبو جعفر في تفسير الآية هناك (2: 250-254) ، مع أنه يصلح أن يكون وجهًا آخر في تفسير الآية ، وأن يكون مرادًا بها "الرجم".