حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا يونس, عن ابن سيرين, قال: قال عليّ رضي الله عنه: أي آية في القرآن أوسع ؟ فجعلوا يذكرون آيات من القرآن: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا. ونحوها, فقال علي: ما في القرآن آية أوسع من: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ)... إلى آخر الآية. حدثنا أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن أبي سعيد الأزدي, عن أبي الكنود, قال: دخل عبد الله المسجد, فإذا قاصّ يذكر النار والأغلال, قال: فجاء حتى قام على رأسه, فقال ما يذكر أتقنط الناس ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ)... الآية. خطبة الجمعة ولا تقنطوا من رحمة الله. حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن القرظي أنه قال في هذه الآية: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) قال: هي للناس أجمعين. حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا حجاج, قال: ثنا ابن لهيعة, عن أبي قنبل, قال: سمعت أبا عبد الرحمن المزني يقول: ثني أبو عبد الرحمن الجلائي, أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " ما أُحِبُّ أنَّ لِي الدُّنْيَا وَمَا فِيها بهذه الآية: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) "... الآية, فقال رجل: يا رسول الله, ومن أشرك ؟ فسكت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, ثم قال: " ألا وَمَنْ أشْرَكَ, ألا ومَنْ أشْرَكَ, ثلاث مرات ".
تلقت دار الافتاء سؤال نصه كالتالي: لي صديق يبلغ من العمر حوالي 36 سنة، وقد ارتكب وهو صبي عدة كبائر: منها الزنا، وشرب الخمر، والقمار، والحصول على أموال وأشياء ليست من حقه، ولا يستطيع ردها؛ لأنه غير قادرٍ ماديًّا.
[٥] [٣] وهنا يسثنى من الذنوب، ذنب الشرك؛ فإنَّ الله -عز وجل- لا يغفره أبداً، كذلك الكفر والجحود بالله وأركان العقيدة؛ فإنَّ الله -عز وجل- لا يغفره أبداً، وصاحبهما مخلد في نار جنهم، قال الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا). تفسير آية ولا تقنطوا من رحمة الله - موضوع. [٦] [٣] قول الله -عز وجل-: (إنه هو الغفور الرحيم) الغفور الذي لم يزل يغفر الذنوب والمعاصي، ويتوب عل كل من يتوب ويرجع إليه، فهو يسترها في الدنيا، ويغفرها في الآخرة، والرحيم أي الذي يرحم عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة ويرفق بهم. [٧] وكذلك رحم جميع الخلق الدنيا؛ بأن أسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة، وكذلك من رحمته -جلا وعلا- بالكافرين في الدنيا هو أنَّه -عز وجل- يُمهلهم حتى يعودوا إليه، وكذلك لا يؤاخذ الناس بذنوبهم في الدنيا. [٧] سبب نزول الآية الكريمة ذكر ابن عباس -رضي الله عنه- سبب نزول الآية الكريمة فقال: (أنَّ نَاسًا مِن أهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قدْ قَتَلُوا وأَكْثَرُوا، وزَنَوْا وأَكْثَرُوا، فأتَوْا مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالوا: إنَّ الذي تَقُولُ وتَدْعُو إلَيْهِ لَحَسَنٌ، لو تُخْبِرُنَا أنَّ لِما عَمِلْنَا كَفَّارَةً).
﴿ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾: أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار. ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]: أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود، تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأتِ بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة؛ أعظمها وأجلها، بل لا سبب لها غيره: الإنابة إلى الله تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع، والتأله والتعبد، فهلمَّ إلى هذا السبب الأجل، والطريق الأعظم". هذا ما تيسر إيراده، نسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يكون لوجهه الكريم خالصًا، ونسأله سبحانه أن يرزقنا حسن الظن به والتوكل عليه والإنابة إليه.
تفضل، شخص ضايقك وأخطأ عليك تجاوز عنه، لماذا؟ أنت صاحب خلق، يقول عليه الصلاة والسلام: ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا) هذا الحديث رواه البخاري. المصافحة هذه درجة ثانية بعد السلام، الدرجات ثلاث: سلام، مصافحة، معانقة، فإذا سلمت هذا الواجب، صافحت عظيم، عانقت فهذه زيادة الحب، خاصة إذا كان بعد وقت طويل، ليس كل وقت كلما لقيته تعانقه، وتكسر رقبته، لا. ولا تقنطوا من رحمة الله. لكن بعد أسبوع رأيته عانقه؛ لأن هذا من الود، لكن إذا رأيته بعد شهر عندما جاء ترفع أصابعك قليلاً.. هذا من الجفاء، لكن عندما تقوم وتحرك يده وتعانقه، هذا مما يغفر لك الذنب بإذن الله عز وجل. ويقول عليه الصلاة والسلام والحديث صحيح أيضاً: ( تلقت الملائكة روح رجلٍ ممن كان قبلكم فقالوا له: أعملت خيراً؟ قال: كنت أنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسر، قال: فتجاوز الله عنه) رواه البخاري. هذا ما عمل شيئاً، فقط الذي كان موسراً كان ينظره -يعني: يمهله- والذي كان معسراً ليس عنده شيء يقول: سامحك الله، لا نريد منك شيئاً، قال الله عز وجل: ( أنا أحق بهذا منك) تجاوز الله عنه، وغفر الله له! وغفران الذنب يأتي باستمرار نتيجة وجود الرحمة، ووجود الرفق في قلب الإنسان، يقول عليه الصلاة والسلام: ( بينما كلب يطيف بركية -كلب كان يطوف على ركية فيها ماء- وكاد يقتله العطش -كاد يموت من الظمأ، ولا يستطيع أن ينزل الركية، بئر لو سقط فيها لمات- إذ رأته بغي -زانية- من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها -أي: خفها- فاستقت له، فسقته فغفر الله لها به) وهي بغي لكنها سقت الكلب رحمة به فغفر الله لها به!