" نهايةُ الخليفة الأمويّ الوليد بن يزيد بن عبد الملك " ترجمته: هو الوليد بن يزيد عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو العبَّاس الأمويّ الدمشقيّ؛ بويع له بالخلافة بعد عمِّه هشام بن عبد الملك يوم الأربعاء لستٍّ خَلَوْنَ من ربيع الآخر سنة 125هـ، وأمُّه أمُّ الحجَّاج بنت محمد بن يوسف الثَّقَفيّ، وكان مولدُه سنة تسعين، وقيل ثنتين وتسعين، وقيل سبع وثمانين، وقتل يوم الخميس لليلتين بقيتا في جمادى الآخرة سنةَ ستٍّ وعشرين ومائة، ووقعت بسبب ذلك فتنة عظيمة بين الناس بسبب قتله، ومع ذلك إنَّما قُتل لفسقه، وقيل: وزندقته. وقد قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا أبو المغيرة، ثنا ابن عيَّاش، حدَّثَني الأوزاعيُّ وغيرُه عن الزُّهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن عمرو بن الخطَّاب قال: ولد لأخي أم سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم غلام فسمَّوه الوليد، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «سميتموه باسم فراعينكم، ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد، لهو أشد فسادا لهذه الأمة من فرعون لقومه» قال الحافظ ابن عساكر: وقد رواه الوليد بن مسلم ومعقل بن زياد محمد بن كثير وبشر بن بكر عن الأوزاعيِّ فلم يذكروا عمر في إسناده وأرسلوه، ولم يذكر ابن كثير سعيد بن المسيَّب، ثم ساق طرقه هذه كلَّها بأسانيدها وألفاظها.
[٤] المراجع [+] ↑ "أمويون" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف. ↑ "الوليد بن عبد الملك" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف. ^ أ ب ت "الوليد بن عبد الملك" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف. ^ أ ب "خلافة الوليد بن عبد الملك" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-02-2020. بتصرّف.
[١] الوليد بن عبد الملك هو أبو العباس، الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، ولد في المدينة المنورة، أمه هي وليدة بنت العباس بن حزن الحارثية العبسية، تولى الخلافة سنة 86هـ 715م بعهدٍ من أبيه عبد الملك على أن يكون وليّ عهده أخوه سليمان بن عبد الملك، وأراد في خلافته خلع أخيه من ولاية العهد وردها إلى ولده عبد العزيز، فمات قبل أن يفعل، وقد شهدت الدولة الأموية في زمانه ازدهارًا عظيمًا واتساعًا كبيرًا، فبلغت الأندلس غربًا وأطراف الصين شرقًا. [٢] غزا الوليد بلاد الروم عدّة مرّات في حكم أبيه، ثم حكم الوليد بن عبد الملك قرابة عشر سنوات عرف خلالها بقدرته على القيام بأمر الخلافة وحرصه على توجيه القادة في جميع الاتجاهات، وقد عرف على مستوى حياته أنه يلحن في اللغة؛ ولكنه كان يكثر من ختم القرآن، ويرعى الحفظة وطلاب العلم، ويفرض لهم العطايا، وتعهد الأيتام وفرض لهم الأرزاق، وخصص للمكفوفين والمقعدين خدّامًا يقومون على أمورهم، ورتب لهم الرواتب المنتظمة. [٣] توفي الوليد بن عبد الملك في سنة 96هـ في دمشق ، ودفن فيها، وقد أنزله في القرب ابن عمه عمر بن عبد العزيز؛ لأن أخاه سليمان كان في القدس، ثم استدعي سليمان لتولي أمر الخلافة، وكان للوليد من الولد 19 من الذكور تولى بعضهم الخلافة في زمن الضعف، وهم يزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد، ولم يدم حكم كل واحد منها إلا بضعة شهور فقط.
[ ص: 372] قال الضحاك بن عثمان الحزامي: أراد هشام خلع الوليد ، فقال الوليد: كفرت يدا من منعم لو شكرتها جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن رأيتك تبني جاهدا في قطيعتي ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني أراك على الباقين تجني ضغينة فيا ويحهم إن مت من شر ما تجني كأني بهم يوما وأكثر قيلهم ألا ليت أنا حين يا ليت لا تغني قال حماد الراوية: كنت عند الوليد بن يزيد ، فقال منجمان له: نظرنا فوجدناك تملك سبع سنين ، فقلت: كذبا ، نحن أعلم بالآثار ، بل تملك أربعين سنة ، فأطرق ثم قال: لا ما قالا يكسرني ، ولا ما قلت يغرني ، والله لأجبين المال من حله جباية من يعيش الأبد ، ولأصرفنه في حقه صرف من يموت الغد. وعن العتبي: أن الوليد رأى نصرانية اسمها سفرى ، فجن بها ، وراسلها فأبت. قال المعافى: جمعت من أخبار الوليد وشعره الذي ضمنه ما فجر به من خرقه وسخفه وحمقه ، وما صرح به من الإلحاد في القرآن والكفر بالله. أحمد بن زهير: حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدثنا صالح بن سليمان ، قال: أراد الوليد بن يزيد الحج ، وقال: أشرب فوق الكعبة ، فهم قوم بقتله ، فحذره خالد القسري ، فقال: ممن ؟ فامتنع أن يعرفه ، قال: لأبعثن بك إلى يوسف بن عمر. قال: وإن ، فبعث به إليه فعذبه ، وأهلكه.
وروي الطبري و ابن الاثير وابن كثير انه لما احاط اتباع يزيد ابن الوليد بالوليد بن يزيد في قصره وحصروه قبل ان يقتلوه ، قالوا: ( فدنا الوليد من الباب فقال اما فيكم رجل شريف له حسب وحياء اكلمه ، فقال له يزيد بن عنبسة السكسكي ، كلمني قال له: من انت ؟ قال: انا يزيد بن عنبسة ، قال: يا أخا السكاسك ، ألم ازد في أعطياتكم ؟ ألم أرفع المؤن عنكم ؟ ألم اعط فقرائكم ؟ ألم اخدم زمانكم ؟ فقال:إنا ما ننقم عليك في أنفسنا ، ولكن ننقم عليك في إنتهاك ما حرم الله وشرب الخمر ونكاح امهات أولاد أبيك واستخفافك بأمر الله. قال: حسبك يا أخا السكاسك فلعمري لقد اكثرت وأغرقت وإن فيما أُحِلَ لي لسعة عما ذكرت ورجع الي الوراء وأخذ مصحفا وقال يوم كيوم عثمان ، ونشر المصحف يقرأ ، ثم قتلوه ، وكان آخر كلامه قبل ان يقتل ، ( اما والله لئن قتلت لا يرتق فتقكم ولا يلم شعثكم ولا تجتمع كلمتكم). فهذا يدل علي ان التهم التي ألصقت بالوليد كانت باطلة أشاعها حوله أعداؤه من أبناء عمومته ، ثم كيف لعاقل أن يصدق بأن الوليد ــ وكان ولي عهد الخليفة وخليفة المسلمين في المستقبل ــ يهم بشرب الخمر فوق الكعبة وهو أمير الحج! وهل ضاقت عليه الدنيا حتي لم يجد مكانا يشرب فيه الخمر غير الكعبة ، إن هذا لو حدث من حاكم مسلم في عصرنا هذا لرماه الناس بالحجارة ، فكيف بالوليد ــ خليفة المسلمين ــ وهو في عصر قريب من عصر النبوة والخلافة الراشدة وملئ بالعلماء والصالحين من التابعين.
والطاعة رأس هذا الأمر وذِرْوته وسنامه ومِلاكه وزمامه، وعصمته وقوامه بعد كلمة الإخلاص التي ميّز الله بها بين العباد، وبالطاعة نال المفلحون من الله منازلهم، واستوجبوا عليه ثوابهم، وفي المعصية مما يحلّ بغيرهم من نقماته، ويُصيبهم عليه، ويحقُّ من سخطه وعذابه، وبترك الطاعة والإضاعة لها والخروج منها والإدبار عنها والتبذّل [للمعصية] بها، أهلك الله مَن ضلّ وعَتا، وعمى وغلا، وفارق مناهج البرّ والتقوى. فالزموا طاعة الله فيما عَراكم ونالكم؛ وألَمَّ بكم من الأمور وناصحوها واستوثقوا عليها، وسارعوا إليها وخالصوها، وابتغوا القُرْبة إلى الله بها؛ فإنكم قد رأيتم مواقع الله لأهلها في إعلائه إياهم، وإفلاجه (١) حجّتهم، ودفعه باطل مَنْ حادّهم وناوأهم وساماهم، وأراد إطفاء نور الله الذي معهم، وخُبّرتُم مع ذلك ما يصير إليه أهل المعصية من التَّوبيخ لهم والتقصير بهم؛ حتى يؤولَ أمرُهم إلى تبار وصَغار، وذلة وبوار، وفي ذلك لمن كان له رأي وموعظة عبرة يُنتفع بواضحها، ويتمسَّك بحظوتها؛ ويعرف خيرة قضاء الله لأهلها. ثم إن الله - وله الحمد والمنّ والفضل - هدي الأمة لأفضل الأمور عاقبةً لها في حَقْن دمائها، والتئام ألفتها، واجتماع كَلِمتها، واعتدال عَمُودها، وإصلاح دهمائها (٢).