القول في تأويل قوله تعالى: ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ( 68) فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 69) فيهن خيرات حسان ( 70) فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 71)) يقول - تعالى ذكره -: وفي هاتين الجنتين المدهامتين فاكهة ونخل ورمان. وقد اختلف في المعنى الذي من أجله أعيد ذكر النخل والرمان وقد ذكر قبل أن فيهما الفاكهة ، فقال بعضهم: أعيد ذلك ؛ لأن النخل والرمان ليسا من الفاكهة. [ ص: 74] وقال آخرون: هما من الفاكهة. وقالوا: قلنا هما من الفاكهة ؛ لأن العرب تجعلهما من الفاكهة. قالوا: فإن قيل لنا: فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه ؟ قلنا: ذلك كقوله: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فقد أمرهم بالمحافظة على كل صلاة ، ثم أعاد العصر تشديدا لها ، كذلك أعيد النخل والرمان ترغيبا لأهل الجنة. ﴿فيهما فاكهة ونخل ورمان﴾ - YouTube. وقال: وذلك كقوله: ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض) ، ثم قال ( وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب) ، وقد ذكرهم في أول الكلمة في قوله: ( من في السماوات ومن في الأرض). حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير قال: " نخل الجنة جذوعها من ذهب ، وعروقها من ذهب ، وكرانيفها من زمرد ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، ورطبها كالدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وألين من الزبد ، وأحلى من العسل ، ليس له عجم ".
ومن ذلك قولهم في قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾(الحجر: 87): إن القرآن العظيم هو السبع المثاني، وإن عطف الثاني على الأول هو من عطف الشيء على نفسه. وكذلك قولهم في قوله تعالى:﴿ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ﴾(البقرة: 98): إن جبريل وميكال هما ملائكة، وعطفهما على الملائكة من باب عطف الشيء على نفسه. ونحن نقول العطف في الآية الأولى هو من عطف الكلي على الجزئي، فالسبع المثاني ليست هي القرآن العظيم، وإنما هي جزء منه. والعطف في الآية الثانية هو من عطف الجزئي على الكلي، لأن جبريل وميكال من الملائكة وليسا هما نفس الملائكة.. فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ – موقع اعجاز القرآن والسنة | الاعجاز العلمي في القرآن| معجزات القرآن |. وهذا الباب على وضوحه زلت فيه أقدام كثيرة، ونتجت عنه أخطاء قاتلة في تأويل كثير من آيات التنزيل الحكيم، ليس هذا موضع الحديث عنها.. نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزلل. بقي أن نذكر ما قاله صاحب كتاب ( القرآن وإعجازه العلمي) في هذه الآية:« يثبت العلم أن أكثر الطعام فائدة للإنسان الفاكهة بأنواعها المختلفة، فقد جمع سبحانه فيها من الغذاء والدواء ما جعلها مكتملة العناصر اللازمة لصحة الأبدان، وقد خص الله العليم الخبير بما خلق بعض أنواع الفاكهة التي ذكرها في هذه الآية بأنها ذات فائدة غذائية أكثر من غيرها، وهذه هي ( النخل والرمان).
وقال آخرون: هما من الفاكهة؛ وقالوا: قلنا هما من الفاكهة، لأن العرب تجعلهما من الفاكهة، قالوا: فإن قيل لنا: فكيف أعيدا وقد مضى ذكرهما مع ذكر سائر الفواكه؟ قلنا: ذلك كقوله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ، فقد أمرهم بالمحافظة على كلّ صلاة، ثم أعاد العصر تشديدا لها، كذلك أعيد النخل والرمَّان ترغيبا لأهل الجنة. وقال: وذلك كقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ، ثم قال وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ، وقد ذكرهم في أوّل الكلمة في قوله: مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن رجل، عن سعيد بن جُبير قال: " نخل الجنة جذوعها من ذهب، وعروقها من ذهب، وكرانيفها من زمرد، وسعفها كسوة لأهل الجنة، ورطبها كالدلاء، أشدّ بياضا من اللبن، وألين من الزبد، وأحلى من العسل، ليس له عَجَم ". قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن وهب الذماري، قال: " بلغنا أن في الجنة نخلا جذوعها من ذهب، وكرانيفها من ذهب، وجريدها من ذهب وسعفها، كسوة لأهل الجنة، كأحسن حلل رآها الناس قط، وشماريخها من ذهب، وعراجينها من ذهب، وثفاريقها من ذهب، ورطبها أمثال القلال، أشدّ بياضا من اللبن والفضة، وأحلى من العسل والسكر، وألين من الزُّبد والسَّمْن ".
يلاحظ ورود نخيل واعناب. يتقدم النخيل قبل الاعناب في ايات "نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ" (البقرة 266) (المؤمنون 19) (يس 34)، و "النَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ" (النحل 11) (النحل 67)، و "نَخِيلٍ وَعِنَبٍ" (الاسراء 91). وترافق جنات وجنة مع النخيل والاعناب كما في قوله تعالى "جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ" (البقرة 266)، و "جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ" (الاسراء 91)، و "جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ" (المؤمنون 19) (يس 34). لذلك يعتبر النخيل من ثمار الجنة. ومرة ورد النخل وليس النخيل مع جنة الارض "جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ" (الكهف 32). ويتضح ان النخل تحف بالاعناب اي ان النخيل خارجا تحيط بالاعناب وهي داخل الجنة. وساق النخلة يسمى جذع "وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ" (طه 71)، و "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ" (مريم 23)، و "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ" (مريم 25). وورد ان الشجرة التي ورد ذكرها في قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (ابراهيم 24-25) هي النخلة.