واليوم إن شاء الله موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (22) ق ، فقد جاء في تفسير الطبري: في المراد بهذا الخطاب ثلاثة أقوال: أحدها: أن المراد بذلك الكافر: وعلى هذا القول يكون المعنى: لقد كنت في غفلة من هذا اليوم في الدنيا بكفرك. والثاني: أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر; لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة، والدنيا كالمنام ، ويكون المعنى: كنت غافلاً عن أهوال يوم القيامة فكشفنا عنك غطاءك الذي كان في الدنيا يغشى قلبك وسمعك وبصرك. وقيل معناه: أريناك ما كان مستوراً عنك.
تاريخ النشر: الأربعاء 28 شوال 1423 هـ - 1-1-2003 م التقييم: رقم الفتوى: 26749 110683 0 452 السؤال ما تفسير قوله تعالى: { لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك} ؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقول الله تعالى: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [قّ:22]. لقد كنت في غفلة من هذا. هذه الآية جاءت من بعد قوله تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ* وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ* وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ* لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [قّ:22]. قوله تعالى: لَقَدْ كُنْتَ هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم واللام وقد، واختلف المفسرون رحمهم الله تعالى في من هو المخاطب في هذه الآية على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه الكافر، وهو قول ابن عباس وصالح بن كيسان. القول الثاني: أنه عام في البر والفاجر، واختاره ابن جرير رحمه الله. القول الثالث: أنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن زيد.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ. وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}.. فهذه الغفلة عن الحقيقة التي يكره ذكرها كثير من الناس ولكن لا بد من تذكرِها وعدمِ الغفلة عنها حتى تستقيمَ حياة الإنسان، ويسلمَ من الانحراف والضلال، وأما الغفلة عن الآخرة وعن يوم الجزاء والحساب فيقول المولى جل وعلا: { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم39]، ويقول سبحانه: { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ} [الأنبياء1].
بل الضلال والحرمان من كل خير سببه الغفلة كما قال سبحانه: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ} [سورة الأعراف: 146].
لا شك أن حكمة الله اقتضت تحديد نطاق الرؤية للعين البشرية، كي يعيش الإنسان عمره المحدود القصير، في تنفيذ ما هو مطلوب منه خلالها في سلام واستقرار نفسي، غير منزعج أو مرتعدة فرائصه بسبب كائنات أو مخلوقات ليس للقلب البشري طاقة لرؤيتها، فضلاً عن التعايش معها.
﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ ﴾.. #رمضان_قرّب_ياللّا_نقرب_6.. ( مشاهد الآخرة).. د. حازم شومان - YouTube
فيا أيها الغافل تنبه، إنها جنة أو نار، فاختر لنفسك أي الدارين شئت {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} 11 ، وعلى الإنسان أن يعود إلى رشده، وأن يتذكر أن الله تعالى مطلع عليه، وأن يصحب من يعينه على طاعة الله تبارك وتعالى، ويذكره به. نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل قلوبنا حية بذكره، وأن يجنبنا الغفلة إنه عظيم المنة والكرم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. 1 سورة المؤمنون (115). 2 سورة القيامة (36). 3 سورة يوسف (105). 4 سورة محمد (12). 5 سورة الأعراف (205). 6 سورة ق (19-22). 7 سورة مريم (39). 8 سورة ق (22). 9 التبصرة لابن الجوزى (2/239-240). 10 سورة يونس (7-8). 11 سورة لقمان (33).