وهذه مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره؛ كما قال تعالى: ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) النمل/14 ، وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره: ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض) الإسراء/102 ؛ فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله -عز وجل-. كما أنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس ، حيث قالوا: إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور ، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين ، فهم يقولون: إن النور خير من الظلمة ؛ لأنه يخلق الخير ، والظلمة تخلق الشر ، والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر. وأيضاً فإن الظلمة عدم لا يضيء ، والنور وجود يضيء ؛ فهو أكمل في ذاته. وبعد.. فليس معنى إقرار المشركين بتوحيد الربوبية أنهم أتوا به على الوجه الأكمل ؛ بل إنما كانوا يقرون به إجمالا كما حكى الله عنهم في الآيات السابقة ؛ لكنهم كانوا يقعون في أشياء تخل به وتقدح فيه ؛ ومن ذلك نسبتهم المطر إلى النجوم ، واعتقادهم في الكهنة والسحرة بأنهم يعلمون الغيب إلى غير ذلك من صور الشرك في الربوبية ؛ لكنها تبقى قليلة محصورة إذا ما قورنت بصور شركهم في الإلهية والعبادة. ما هو توحيد الربوبية؟ وكيف يكون توحيد الله الواحد؟. نسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه ، والله أعلم.
إبعاد المتعلمين عن كل ما يوقعهم في الشرك ـ والعياذ بالله ـ لأن الله لا يغفر أن يشرك معه أحد كائناً من كان. حث المتعلمين وتعويدهم على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أقواله وأعماله. أهداف تعليم المرحلة الابتدائية تعهد العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفس المتعلم ورعايته بتربية إسلامية متكاملة في: خلقه وجسمه وعقله ولغته وانتمائه إلى أمة الإسلام. تدريبه على إقامة الصلاة وأخذه بآداب السلوك والفضائل. توحيد الربوبية هوشنگ. تنمية المهارات الأساسية المختلفة وخاصة المهارة اللغوية، والمهارة العددية، والمهارات الحركية. تزويده بالقدر المناسب من المعلومات في مختلف الموضوعات. تعريفه بنعم الله عليه في نفسه، وفي بيئته الاجتماعية والجغرافية ليحسن استخدام النعم، وينفع نفسه وبيئته. تربية ذوقه البديعي، وتعهد نشاطه الابتكاري وتنمية تقدير العمل اليدوي لديه. تنمية وعيه ليدرك ما عليه من الواجبات وما له من الحقوق في حدود سنه وخصائص المرحلة التي يمر بها، وغرس حب وطنه والإخلاص لولاة أمره. توليد الرغبة لديه في الازدياد من العلم النافع والعمل الصالح، وتدريبه على الاستفادة من أوقات فراغه. إعداد المتعلم لما يلي هذه المرحلة من مراحل حياته.
وقد تقدم في آية الميثاق ما يدل على أن الله فطر الناس على توحيده. خامسًا: دلالة المعجزات: ومن الأدلة على وجود الله ما يؤيد الله به رسله من المعجزات. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (إن آيات الأنبياء التي تسمى "المعجزات" ويشاهدها الناس أو يسمعون بها: برهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله تعالى؛ لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر) [2]. سادسًا: عدم إنكار أحد من الخلائق ربوبية الله: ذكر الله تعالى في كتابه اعتراف المشركين جميعًا بربوبية خالقهم، فقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [لقمان: 25]، وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87]. بل إن إبليس لم ينكر ربوبية الله، وفي التنزيل قال تعالى: ﴿ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، فلم ينكر إبليس أن الله خلقه، بل قال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [ص: 76]. توحيد الربوبية هو :. وأما من أنكر ربوبية الله فإنما أنكرها مكابرة، وإلا فهو يعلم أنه كاذب في إنكاره؛ كما قال تعالى عن هؤلاء: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14]، وقال الله تعالى حكاية عن موسى وهو يخاطب فرعون: ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾ [الإسراء: 102]، و"الثبور": الهلاك.
(أ) فأما الأدلة على إثبات ذاته فكثيرة، نذكر منها ما يلي: أولًا: دلالة خلق الخلق: قال تعالى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور: 35، 36]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ﴾ [الطور: 35]؛ أي: من غير رب، ومعنى ذلك: هل خُلقوا من غير شيء خلَقهم فوُجدوا بلا خالق؟ هذا مستحيل، فوجودهم دليل على من أوجدهم، ﴿ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الطور: 35]؛ أي: لأنفسهم، وهذا ما لا يدعيه أحد، وهو مستحيل؛ لأنهم كانوا في العدم، فكيف يمكن للمعدوم أن يخلُقَ؟ سُئل أحد الأعراب: ما الدليل على وجود الله؟ فقال: سبحان الله! إن البعر يدل على البعير، وإن الأثر يدل على المسير؛ فسماءٌ ذات أبراج، وأرضٌ ذات فجاج، وبحارٌ ذات أمواج، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير [1].