تحل قريبا ذكرى انطلاق الربيع العربي قبل 10 سنوات، ويسترجع الناشطون ذكرياتهم المفعمة بالحماس عندما كسروا حاجز الخوف وصرخوا في الشوارع مطالبين بالحرية، لكن فشل هذه الثورات في تحقيق أحلامهم يطرح أسئلة كثيرة عن جدواها ومصيرها. وبدأت شرارة "الربيع العربي" بعود ثقاب أشعله البائع المتجول محمد البوعزيزي بجسده بعد صب الوقود على نفسه في تونس، احتجاجا على احتجاز السلطات المحلية بضاعته في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010. وأثارت وفاته غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، لينتقل الغضب إلى الشوارع سريعا، مما أجبر الرئيس زين العابدين بن علي -الذي بقي في السلطة 23 عاما- على الفرار إلى السعودية. وفي الشهر ذاته، اندلعت احتجاجات مطالبة بالحرية في كل من مصر وليبيا واليمن، وجسدت الصور وأشرطة الفيديو -التي انتشرت في المنطقة والعالم- والشعارات الممزوجة بالأمل والعزم والشجاعة إرادة تبدو كأنها تضع حدا لما اعتبر دائما قدرا محتوما للشرق الأوسط، وهو جمود الحياة السياسية، وظنت الشعوب أنها قادرة على كل شيء. وقد أدى اندلاع المظاهرات الشعبية إلى نتائج متفاوتة، ما بين إصلاحات مخيبة للآمال وردود فعل قمعية، وصولا إلى حروب أهلية مدمرة.
المأساة السورية وتعد التجربة السورية الأكثر مرارة، إذ نجا رئيس النظام بشار الأسد بفضل الدعم الروسي المباشر له في 2015 بعدما كان على وشك السقوط بفعل سيطرة المعارضة على معظم أنحاء البلاد. ويقول روبرت وورث في كتابه "الغضب لأجل النظام" إن فلسفة عدم العنف في المظاهرات سرعان ما اختفت في ساحات القتال في ليبيا وسوريا واليمن، لتتوج مع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية عندما أعلن أبو بكر البغدادي في 2014 نفسه زعيما على مناطق فاقت مساحة بريطانيا وامتدت بين العراق وسوريا". وكانت هذه هي نقطة انهيار آمال الشعوب في التحرر، ولا سيما مع تدخل الدول الغربية عسكريا للقضاء على التنظيم، وتم بذلك غض الطرف في الغرب عن ممارسات الأنظمة الاستبدادية التي قدمت نفسها على أنها الحصن الأخير في مواجهة التطرف. وبعد عقد على اندلاعها فشلت الثورة السورية في تحقيق مرادها فقد دمرت سوريا، ووقعت فيها أسوأ كارثة نزوح إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. ويقول دحنون -وهو طالب في العلوم السياسية- إنه "لم يعد للسوريين كلمة" اليوم، مضيفا بمرارة أن "القوى الخارجية هي التي تقرر، سوريا لم تعد لنا". شعارات الربيع العربي تتجدد في لبنان (الفرنسية) ماذا تبقى؟ بدورها، تعتبر أهداف سويف أنه من المبكر تحديد إرث تلك الثورات التي ما زالت في طور التنفيذ، وترفض ربط صعود التطرف بالثورات، بل ترى فيه "ثورات مضادة" غذت كل أنواع الحرمان والفقر.
وعلى صعيد آخر، يبدو أن هناك حروبًا بالوكالة تجري بين البلدين، كما في العراق ولبنان وأخيرًا في البحرين، فعندما ترى الرياض أن طهران تتدخل في كل من الكويت واليمن ومصر والبحرين فإنها لا تشعر بقلق إزاء المخططات الإيرانية، ففي البحرين هناك نسبة عالية من الشيعة، وهو ما لا يمكن السماح له بترجمة نفسه لمكتسبات سياسة تطيح بالنظام الحاكم في البحرين، وهذا خط أحمر لأسباب استراتيجية. والتحدي الأكبر أن التنافس بين إيران والسعودية بدأ يأخذ شكلاً صفريًا، بمعنى ما تكسبه الرياض تخسره طهران والعكس صحيح، ففي السعودية يتبلور انطباع بأن إيران لا تسعى فقط إلى أن يكون لها دور أكبر في المنطقة، بل تريد أن تتحكم في المنطقة، وهذا خط أحمر بالنسبة للرياض. لهذا تفهم السعودية مآلات لعب إيران بالورقة الطائفية على اعتبار أن شيعة الخليج سيكونون في نهاية الأمر موالين لإيران. لهذا تحاول السعودية توحيد دول الخليج خلف قيادتها عن طريق توظيف الورقة الطائفية. وعلى العكس من ذلك، لا ترغب إيران في صياغة أطماعها الإقليمية بلغة طائفية أو من خلال منظور طائفي شيعي. فالشيعة في نهاية الأمر لا يشكلون أكثر من 15 في المائة من مسلمي العالم، لهذا ترغب إيران في حمل راية العالم المسلم وليس العالم الشيعي، وهي تريد أن تُوحِّد العالم المسلم خلف راية معاداة الإمبريالية والعداء للولايات المتحدة وإسرائيل.
تاريخيًا، لا ترتاح المملكة لأي وضع يتمخض عنه عدم استقرار أو عدم تيقن في إقليم يعد مجالاً حيويًا لها، وربما هذا ما تراه الرياض فيما يجري من تحولات في الإقليم، فالرياض أقرب إلى عقلية الاتزان المستند إلى أسس الحفاظ على الوضع القائم، أفضل من التغيير الذي يقود إلى الفوضى، كما حدث في العراق، وهذا ما يخلق نوعًا من الخلاف بين واشنطن والرياض في الرؤية، فالأخيرة لا يبدو أنها تتفق كامل الاتفاق مع الإدارات الأمريكية لأسباب باتت معروفة لدى المحللين والمراقبين. والوضع هذا يختلف في إيران، فالأخيرة تستفيد من التغيرات، ويبدو أنها تزدهر في ظل أجواء من عدم التيقن والفوضى، وقد رأينا ذلك في أعقاب الحرب على العراق، وكيف استغلت الفراغ لدفع حلفائها العراقيين على حساب مكونات أخرى من الشعب العراقي، وفي حرب لبنان عام 2006 لرفع من شأن حليفها الأهم حزب الله. وبهذا المعنى رأت طهران في بداية الربيع العربي فرصة لتقويض الوضع القائم كما في تونس ومصر والبحرين. واللافت أن الإيرانيين يعدون التحول الديمقراطي العربي يصب في مصلحتهما؛ لأن الدول المتحولة ديمقراطيًا ستكون أقرب إلى طهران منها إلى واشنطن؛ ولأنها ترى أن الصحوة الإسلامية استمرار للثورة الإيرانية وروح الخميني، هكذا يفكر الإيرانيون!
الجمعة13 جمادى الأولى 1435 - 14 مارس 2014م - العدد 16699 شيء للوطن كنا نتمنى كسعوديين في هذا الوطن أن تكون زيارة الرئيس الأمريكي أوباما للمملكة كنا نتمنى أن تكون هذه الزيارة جاءت في وقت مبكر جداً وبوضوح أكثر كنا نرغب أن تكون مثل هذه الزيارة تمت في بداية ولاية الرئيس أوباما الأولى أو على الأقل خلال السنة الأولى من ولايته الثانية.. بتاريخ 14يناير من عام 2008م جاء الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن إلى المملكة في زيارة رسمية لمدة يومين.. وبمناسبة تلك الزيارة جاء في هذه الزاوية مقال حول هذه الزيارة بتاريخ 18/1/2008م بعنوان (بوش زيارتك لنا تأخرت كثيراً!! ) أشرت خلالها أننا في هذا الوطن كنا نتمنى أن تكون زيارة بوش تلك قد جاءت في وقت مبكر من ولايته لا أن تأتي تلك الزيارة وهو على بعد عدة أشهر من توديع البيت الأبيض.. ومؤكد أن زيارة أي رئيس لأي دولة وهو في بداية حكمه أو ولايته تختلف في فوائدها عن فوائد الزيارة التي تأتي في السنة أو في الأشهر الأخيرة من ولايته!!