2013-11-10, 03:42 PM #1 التثبت وعدم الاستعجال في نقل الأخبار من هدي الأبرار بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد المبشرين وإمام المنذرين, وعلى آله وصحبه والتابعين. وبعد: فإنه لا يخفى على الجميع ما يثيره نشر الخبر السار والضار على نفسية السامع حزنا وسروراً, ومن هنا حث الشرع على التثبت في نقل الأخبار, وذلك لما في نقلها من الآثار النفسية والاقتصادية والاجتماعية, سلبا وإيجاباً. التعود على ضبط النفس وكظم الغيظ هو - موقع محتويات. وبسب انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة النت صار العالم اليوم كقرية, وبات نقل الخبر يسيرا, لكن غاب عن الكثير أدب إسلامي في نقل ما يسمعون, ألا وهو التثبت من صحة هذا المنقول, حتى لا يقعوا في المحذور, وانظر يا رعاك الله إلى هذا الأدب القرآني, حيث قال تعالى:{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا}, ( النساء:83). قال العلامة السعدي_ رحمه الله_:" هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق, وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها.
والدعاة إلى الله تعالى أولى بامتثال أمر الله بالتأني والتثبت من الأقوال والأفعال، والاستيثاق الجيد من مصدرها قبل الحكم عليها والداعية الحصيف إذا أبصر العاقبة أمن الندامة، ولا يكون ذلك إلا إذا تدبر جميع الأمور التي تعرض له ويواجهها، فإذا كانت حقا وصوابا مضى، وإذا كانت غيا، وضلالا وظنا خاطئًا وقف حتى يتضح له الحق والصواب والواقع المشاهد أن عـدم التثبت وعـدم التأني يؤديان إلى كثير من الأضرار والمفاسد في المجتمـع، قـال تعـالى " و يدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا " سورة الإسراء ، الآية 1 و لعظم أمر التثبت أمر الله به حتى في جهاد الكفار في سبيل الله. قال تعالى: " ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا" سورة النساء ، الآية 94. ومما يزيد الآية السابقة وضوحًا ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنهما – " ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا" سورة النساء آية: 94. قال: ( كان رجل في غُنيمة له، فلحقه المسلمون، فقال السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غُنيمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله " ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا " سورة النساء آية: 94.
10- التثبت من الوسائل التي تؤدي إلى الحكمة: التثبت، والتثبت: منهج شرعي دعا إليه القرآن، حيث قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (الحجرات: من الآية 6). وبما أن العجلة والاستخفاف من خوارم الحكمة، فإن التأني والتثبت من دعائمها. والعجلة من الشيطان، ولذلك قال الله -تعالى- لرسوله صلى الله عليه وسلم {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (الروم: من الآية 60). وهذه الآية أعم من التثبت، بل هي أمر بالصبر، والتثبت يحتاج إلى الصبر. وفي آية الحجرات بعد أن أمر الله بالتبين، قال في الآية التي بعدها: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} (الحجرات: من الآية 7). أي: لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم استجاب لما يريدون دون تثبت ولا روية لأصابهم العنت والمشقة، الحسية والمعنوية، وهذا مما يخالف الحكمة ومقاصدها. والذي يمعن النظر في كثير من الأحداث المعاصرة، يدرك أن من أبرز أسباب آثارها السلبية: العجلة وعدم التثبت.