المصدر: ألقيت بتاريخ: 14 من ذي القعدة 1431هـ مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 24/1/2011 ميلادي - 19/2/1432 هجري الزيارات: 515793 الحَمْد لله ذي العظَمة والجَلال، الذي تفرَّد بِكُلِّ جمالٍ وكمالٍ، وأشْهد أنْ لا إله إلا الله، وحْده لا شريك له، ولا نِدَّ ولا مِثال، له الأسْماء الحُسْنى والصِّفات العُلى، وهو الكبير المُتَعال، وأشْهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبْده ورسوله، كريم الأخْلاق، وطَيِّب الخصال، وخيْرُ منْ تقرَّب إلى الله بالإعْظام والإكْبار والإجْلال، صلَّى الله وسلَّم عليْه وعلى آله وصحْبه خيْر صحْبٍ وآل، وعلى مَنْ تَبِعهم بإحْسانٍ ما تجدَّدت البُكور والآصال. أما بعْد: فأُوصيكم إخْوة الإسْلام ونَفْسي بِتَقْوى المَلِك العلاَّم، امْلؤوا بها الليالي والأيَّام؛ علَّ الله أنْ يكْتب لي ولكم حُسْن المُنْقلب والمقام.
إن التقوى تستوجب فضلًأ من الله ورضوانًا، فالله يفرّج بها الكروب، ويتجاوز عن السيئات، وييسر بها الرزق، كما جا في قوله تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. " يقول أحد الصالحين: التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل. وبدون تقوى لا يوجد إيمان، فالتقوى أهم شروط الإيمان، والتقي يراقب أفعاله بنفسه ولا يحتاج إلى من يراقبه، فحتى ولو لم يراه الناس فهو يعلم يقينًا أن الله يراه، وهو لا يحب أن يراه الله على معصية، وهو مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، يكره المعاصي، ويحب الخيرات.
أيها المؤمنون:: ينبغي أن تكون العلاقة بين الحاكم ولي الأمر وبين رعيته قائمة على الطاعة والحب والتناصح والتآلف والرحمة، فعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم, وتُصلون عليهم ويُصلون عليكم, وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم, وتلعنونهم ويلعنونكم", قال: قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة"(رواه مسلم. فقوموا بوجباتكم تجاه ولاة أموركم، وأطيعوهم في غير معصية، وادعوا لهم بالصلاح والتوفيق والسداد، نسأل الله أن يصلح البلاد والعباد, وأن يؤلف بين القلوب.
ومما يضر بالبيئة: ما يتساهل به بعض المزارعين بلا خوف من الله؛ بوضع المبيدات والكيماويات في غير وقتها على الخضار والفواكه، التي تجلب للأسواق مباشرة، وتسبب الأمراض للناس، وهذا ضرر بيئي وخلقي. نحن -أيها الأحبة- عالم نعيش على كرة أرضية واحدة، ومن المهم أن نتفق على حمايتها بعد أن أصلحها الله؛ ومن العجب: أن البلدان الكبرى المتطورة؛ كما يزعمون في العالم، والتي تدعي المحافظة على البيئة، هي أكثر الدول المسببة للتلوث ، وهذا لا يعفي بلداننا نحن من الخطأ والمسئولية. وجاءت الأدلة من الكتاب والسنة تدعو الإنسان إلى المحافظة على البيئة، وتحرم عليه تلوثيها وإفسادها؛ لأن الله خلقها من أجله، وسخرها لخدمته ومنفعته { كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [ البقرة: 60]. وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) وكان عليه الصلاة والسلام يوصي الجيوش بأن: " لا تقتلن امرأة، ولا صغيرًا رضيعًا، ولا كبيرًا فانيًا، ولا تحرقن نخلاً، ولا تقلعن شجرًا، لا تهدموا بيوتًا "[ رواه مسلم]. هذا في الحرب ومن باب أولى السلم، حيث تفخر السنة النبوية بالدعوات المتكررة للحفاظ على البيئة، ومن تعظيم الحرم المحافظة على بيئته بعدم قطع الشجر، وقتل طيره على المحرم، ويقول صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان له صدقة "[ رواه مسلم] ولا يغيب عن أذهاننا قوله صلى الله عليه وسلم، انظروا -أيها الأحبة- إلى عظمة هذا الدين الحنيف، يقول صلى الله عليه وسلم: " إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها " إنه منتهى الأمل، وتواصل العمل، بدون الكلام.
اللهم مُنَّ على جميع أوطان المسلمين بالأمن والاستقرار، اللهم مُنَّ على جميع أوطان المسلمين بالأمن والاستقرار، اللهم مُنَّ على جميع أوطان المسلمين بالأمن والاستقرار برحمتك يا أرحم الراحمين. عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.