واستقدم عبد الرحمن الأوسط العلماء من كل بلاد العالم الإسلامي، حتى استقدمهم من بغداد، وجاءوا إلى بلاد الأندلس وعظمهم وكبرهم، ورفع من قيمتهم، وأسس في سنوات مكتبة قرطبة العظمية، وشاع التعليم في كل بلاد الأندلس. الأمر الثاني: اهتمامه الشديد بالحضارة العمرانية والاقتصادية، فقد ازدهرت التجارة في عهده جداً وكثرت الأموال، حتى إن جميع المؤرخين يذكرون أنه لم يكن هناك في الأندلس عادة التسول، فقد كانت عادة التسول منتشرة في بعض البلاد الإسلامية الأخرى، أما في الأندلس فلم تعرف أصلاً هذه العادة لكثرة الأموال. وتقدمت وسائل الري في عهد عبد الرحمن الأوسط بشكل رائع، وتم رصف الشوارع، في هذا العمق القديم في التاريخ، وكانت أوروبا في جهل وظلام عميق، فأقام عبد الرحمن الأوسط القصور المختلفة والحدائق الغناء ، ووسع في المعمار حتى أصبحت المباني الأندلسية آية في المعمار في عهد عبد الرحمن الثاني رحمه الله.
أبو المُطَرِّف عبد الرحمن بن الحكم (176 هـ-238 هـ / 792-852م) المعروف أيضًا بلقب عبد الرحمن الأوسط وتذكره المصادر الأجنبية باسم عبد الرحمن الثاني ، هو رابع أمراء الدولة الأموية في الأندلس. كان محبًا لحياة الأبّهة والثراء، وعاشقًا للفنون والآداب، كما اهتم بنواحي العمران والزراعة، وكان له دور بارز في إنشاء أول أسطول حربي كبير في الأندلس، فكان بذلك عصره بداية للنهضة الثقافية والحضارية التي شهدتها الأندلس. نشأته ولد عبد الرحمن بن الحكم في طليطلة في شعبان من عام 176 هـ للأمير الحكم بن هشام من أم ولد تدعى "حلاوة"، وفي 11 ذي الحجة 206 هـ، حين اشتد المرض على والده، أوصى بالعهد إلى ابنه عبد الرحمن ومن بعده ابنه المغيرة بن الحكم، وأمر بأخذ البيعة لهم، وقد بويع بالإمارة خلفًا لوالده في 27 ذي الحجة 206 هـ. أحداث عهده لم يمض شهر واحد من حكم عبد الرحمن حتى شهد أولى الثورات على حكمه، وهي ثورة الذميين في قرطبة في المحرم من عام 207 هـ، التي كان سببها ظلم والٍ كان للحكم بن هشام على إلبيرة، فأقبلوا إلى قرطبة يطلبون الأموال التي كان ظلمهم بها وألحوا في الطلب، فبعث عبد الرحمن من يفرقهم ويسكتهم، فلم يقبلوا.
2021-11-19, 10:55 PM #1 محمدبن عبد الرحمن الأوسط.. جهاد حتى الممات أحمد تمام عُدّت الفترة التي تولاها الأمير عبد الرحمن الأوسط من أزهى سنوات الحكم الإسلامي في الأندلس؛ حيث ساد الأمن والاستقرار ربوع البلاد، ونعم الناس بالرخاء والرفاهية، وازدهرت الصناعة والتجارة، وزادت الموارد المالية للدولة، فأنفقت في البناء والتشييد، وما يزال مسجد قرطبة العامر شاهدًا على ما بلغته الدولة من رقي وتمدّن، وازدادت قرطبة بأعلام الفكر، ونجوم الأدب ورجال الحكم والسياسة. ولاية محمد بن عبد الرحمن توفي عبد الرحمن الأوسط في (3 من ربيع الآخر 238هـ/ 23 من سبتمبر 852م) بعد حكم دام ثلاثة وثلاثين عامًا، وخلفه ابنه محمد على الحكم في اليوم التالي، ولم يكن أكبر إخوته، ولكن رشحته أعماله وكفاءته، فآثره أبوه بولاية عهده دون إخوته. تمرّس محمد بن عبد الرحمن بأعباء الملك وإدارة الدولة في عهد أبيه؛ فتولى حكم سرقسطة، الإقليم الشمالي في الأندلس، فضبطه وأحسن إدارته، وشارك أباه في حملاته العسكرية، وانتُدب للقيام ببعض الأعمال الدبلوماسية وحضور توقيع المعاهدات. وكان المأمول في حكم محمد أن تمضي الدولة في طريقها الميسور كما كانت في عهد أبيه عبد الرحمن الأوسط، وأن يحكم بلاده دون قلاقل وفتن، فالدولة كانت مستقرة، والناس ينعمون بالرخاء، ولكن ما كل ما يتمنّاه المرء يلقاه، وشاء القدر أن يكون عهد الأمير محمد بداية الثورات الجارفة وطلائع الفتن المهلكة، وأن يقضي فترة حكمه في مكافحتها والقضاء عليها، ولم تكن فترة قليلة، بل امتدت 35 سنة.
ثانياً: الثورة الثانية الكبيرة في أشبيلية أثارها رجل اسمه ابن حجاج، وهذه الثورة كانت تمد وتساعد عمر بن حفصون أو صمويل في ثورته ضد قرطبة. ثالثاً: ثورة في شرق الأندلس في منطقة بلنسية. رابعاً: ثورة في منطقة سراقسطة في الشمال الشرقي، أدت إلى استقلال إمارة سراقسطة عن الإمارة الأموية في قرطبة، وثورة في غرب الأندلس يقودها رجل اسمه عبد الرحمن الزليقي، وثورة في طليطلة وهكذا. وكل هذه الثورات أدت إلى أن الحكومة المركزية للإمارة الأموية لا تسيطر في كل بلاد الأندلس إلا على مدينة قرطبة وما حولها من بعض القرى، وهكذا انفرط العقد تماماً في سنة 300 من الهجرة، وتوزعت البلاد بين كثير من القواد، كل يحارب الآخر، وكل يبغي ملكاً ومالاً ودنيا. خامساً: أنه في الشمال تكونت مملكة نصرانية ثالثة بالإضافة إلى مملكة ليون التي تكونت لما ضعف المسلمون في عهد الولاة الثاني، وكانت نواتها هي منطقة الصخرة التي لم تفتح لـ موسى بن نصير ومن معه في بدء الفتح، كانت مملكة ليون في الشمال الغربي من البلاد، وتكونت مملكة صغيرة اسمها مملكة أراجون في عهد الحكم بن هشام الذي تميز بالظلم فحدثت له هزائم، وكانت مملكة أراجون في الشمال الشرقي للبلاد، وعاصمتها برشلونة.