الحمد لله. أباح الإسلام للرجل أن يجامع أمَته سواء كان له زوجة أو زوجات أم لم يكن متزوجا. ويقال للأمة المتخذة للوطء ( سرية) مأخوذة من السِّرِّ وهو النكاح. ودل على ذلك القرآن والسنة ، وفعله الأنبياء فقد تسرَّى إبراهيم عليه السلام من هاجر فولدت له إسماعيل عليهم السلام أجمعين. وفعله نبينا صلى الله عليه وسلم ، وفعله الصحابة والصالحون والعلماء وأجمع عليه العلماء كلهم ولا يحل لأحد أن يحرمه أو أن يمنعه ومن يحرم فعل ذلك فهو آثم مخالف لإجماع العلماء. قال الله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا النساء / 3. معنى ملكت أيمانكم: أي: ما ملكتم من الإماء والجواري. وقال الله تعالى: { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما) الأحزاب / 50.
المراد بكلمة: {ما ملكت أيمانكم} [النور:33] ، في الشرع: ما ملكه الإنسان من العبيد أو الإماء أو غيرهما ملكاً شرعياً، وليس لمالك العبد أو الأمة أن يتصرف فيها بهواه أو رأيه المحض، بل بما شرعه الله من العدل السؤال: من المعروف أن الإسلام قد أحل للمسلم زوجته وما ملكت يمينه. وسؤالي: ما هو المقصود بلفظ وما ملكت أيمانهم الوارد ذكرها بالقرآن الكريم؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الإجابة: سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن سؤال مشابه لسؤالك فأجابت عنه بما فيه كفاية، فإليك السؤال والإجابة.
تاريخ النشر: الإثنين 11 صفر 1429 هـ - 18-2-2008 م التقييم: رقم الفتوى: 104891 132515 0 612 السؤال أريد معني حديث الرسول صلي الله عليه وسلم(الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم) الإجابــة خلاصة الفتوى. معنى الحديث المذكور في السؤال أي الزموا الصلاة وداوموا على إقامتها في أوقاتها على الوجه المطلوب شرعا، واتقوا الله فيما تحت أيديكم من إنسان مملوك أو حيوان فارحموه وأدوا حقه من إنفاق ونحوه، وأدو حق الله فيه كالزكاة في الحيوان. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن معنى الحديث المذكور هو تأكيده صلى الله عليه وسلم على المحافظة على الصلاة وإقامتها في أوقاتها على الوجه المطلوب، فكأنه يقول الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة بالمحافظة عليها والمداومة على حقوقها كما تضمن الحديث أيضا الحث والتأكيد على وجوب مراعاة حقوق المملوك سواء كان إنسانا أو حيوانا. ولفظ الحديث المشار إليه هو كما في سنن ابن ماجه عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: الصلاة وما ملكت أيمانكم، فما زال يقولها حتى يفيض بها لسانه وصححه الألباني. ورواه أبو داوود عن علي رضي الله عنه بلفظ آخر قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم.
ولفظ الرّقيق يُطلق على المملوك سواءً أكان مملوكاً كلّه أو بعضه، وكانت ظاهرة الرّق والمِلك سائدة جدّاً قبل الإسلام؛ إذْ كان الأغنياء وسادة الأقوام يتملّكون البشر للكثير من الأسباب؛ منها: الأسر في الحروب وغير ذلك من الأسباب القائمة على الظلم، مثل: السّرقة والاعتداء، وكان المَدينُ إذا لم يستطع إيفاء دينه يصبح مملوكاً للدّائن، لكنّ الإسلام نظّم تملّك النّاس وحصرها في أسر الحروب فقط، فلا يحلّ للمسلم أن يعتدي على حريّة غيره من النّاس، كما أنّ الإسلام جاء بحقوقٍ للمملوكين وساواهم في الواجبات والحقوق أمام الله -تعالى- مع غيرهم من الأحرار، فكان النّاس كلّهم سواسية. أحكام الجواري في الإسلام بيّن علماء الإسلام الأحكام المتعلّقة بالجواري المملوكة، وفيما يأتي ذكر بعضها: الشخص الذي يملك جارية لا يربطه بها محرميّة أو رضاع يحلّ له أن يطأها دون حاجة لمهر أو شهود أو عقد زواج. إذا كانت الأمَة مشتركة بين سيّدين اثنين فلا يجوز لأيّ منهما أن يطأها. إذا كانت الأمة متزوّجة فلا يحلّ لسيّدها أن يطأها أو أن يجبرها أن تتطلّق من زوجها، أو أن يمنعها من المبيت مع زوجها ليلاً. إذا جمع السيّد في مِلكه أختين أو أمّ وابنتها فلا يجوز له أن يطأ كلتيهما؛ لحُرمة ذلك في الإسلام، وقال بعض العلماء بكراهة ذلك ولم يحرّموه.
لا يجوز للسيّد أن يكلّف أمته فوق طاقتها في العمل، وإذا مرضت أو عجزت عليه أن يعالجها. إذا كانت الأمَة عزباء فعلى السيّد أن يمكّنها من الزّواج، أو أن يطأها هو خشيةً عليها من الانحراف. إذا حبلت الجارية من سيّدها وأتت بولد سُمّيت أمّ ولد، ويلحق الولد بأمّه في الرّق سواءً أكان والده حرّاً أو عبداً، ثمّ تعتق أمّ الولد بعد موت سيّدها. إنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- رُزق بابنه إبراهيم من جارية وهي ماريّة القبطيّة، وكذلك كانت هاجر أمّ إسماعيل -عليه السّلام- سريّة إبراهيم -عليه السّلام- وأمّ ولده، وكان ذلك مشروعاً في دين إبراهيم عليه السّلام، وكذلك كان لعمر بن الخطّاب ولعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنهما- أمّهات أولاد، والله -تعالى- أحلّ وطأ ما ملكت اليمين؛ حيث قال في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ). أحكام مِلك اليمين كانت البشريّة تعاني من ظاهرة التملّك والعبوديّة التي سادت كثيراً قبل الإسلام، لذلك جاء الإسلام بحلولٍ واقعيّة لتهذيب الرّق والسيطرة عليه؛ إذْ لم يكن بالإمكان القضاء عليها مباشرةً بسبب انتشاره الواسع؛ حيث شرع الإسلام عدّة أحكام للتخفيف منها، وبيان بعض الأحكام فيما يأتي: حرّم الإسلام جميع أسباب الرّق باستثناء الرّق في الحروب.