وأما كثرة الضحك والإسراف فيه؛ فهو ظاهرةٌ لفراغ القلب من الاشتغال بالنافع، مما فيه الصلاح والإصلاح لحال العبد في دنياه وأُخراه، فالقلوب الفارغة من المسؤوليات – سواء كانت مسؤوليات دينية أو دنيوية - يشتغل أصحابها بالهزل، ويبحثون عن المضحكات على اختلاف ألوانها؛ رغبةً في الإغراق في الضحك وإسرافًا فيه، وفي ذلك إماتةٌ للقلب بالغفلة والإعراض عن التذكِرة، وحسب المسلم من ذلك زاجرًا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا)). وصلُّواعلى نبينا محمد أكرم رسولٍ وخير نذير؛ فقد أمركم بذلك اللطيف الخبير.
الإكثار من الضحك يؤدي إلى موت القلب ما حكم الدين في الضحك باستمرار مع عدم السيطرة عليه في معظم الأحيان؟ وماهو العلاج؟ جزاكم الله خيرا. الفتوى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة الضحك بقوله صلى الله عليه وسلم: إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه. رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني. والضحك المذموم الإكثار منه ما كان مصحوبا بصوت ويسمى القهقهة، وذلك لما يترتب عليه من آثار سيئة، كموت القلب وذهاب الهيبة وضياع الوقت. قال الإمام الماوردي في كتابه "أدب الدنيا والدين": وأما الضحك فإن اعتياده شاغل عن النظر في الأمور المهمة، مذهل عن الفكر في النوائب الملمَّة وليس لمن أكثر منه هيبة ولا وقار، ولا لمن وصم به خطر ولا مقدار، روى أبو إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه. ورُوي عن ابن عباس في قوله تعالى: مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا [الكهف: 49]. إن الصغيرة الضحك. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثر ضحكه قلت هيبته.
علق بعض متتبعي الحديث عن قوله عليه الصلاة والسلام:" من يأخذ من أمتي خمس خصال فيعمل بهن او يعلم من يعمل بهن؟ فقال احدهم انا يا رسول الله... فذكر الخصال ووصل للخامسة ( ولا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)". قال الالباني هذا غريب وبعض رواة الحديث قالوا عنه حسن. ومن حيث المعنى فان هذا الكلام ليس على الاطلاق في التحذير من الضحك واستدلوا بقوله تعالى:" ولا تفرح ان الله لا يحب الفرحين". بعض المفسرين قالوا هذا الكلام ليس على الاطلاق بل لمن كان فرحه يسيطر على شخصيته ويدفعه للغرور وينسيه فضل الله ولكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من النصوص التي تثبت انه كان يمزح ويضحك ويجامل عليه الصلاة والسلام مع اصحابه ومع العجائز. وهذا ايضا فعل الصحابة لذلك حيث قال ابن سيرين (انهم ما كانوا الا كالناس وكان ابن عمر يمزح وينشد الشعر). اذن فالضحك مباح ولم يسلب الاسلام الفرحة من قلوب البشر، حتى ان النبي عليه الصلاة والسلام وهو يسمع ابا بكر يوبخ بعض الصبيان ينشدون في العيد ويضحكون ويغنون فأوقفهم ابو بكر فقال له رسول الله( دعهم فانها ايام عيد).
كثرة الضحك تنشأ عن الإعجاب بالأمور الدنيوية والسرور بها والرغبة فيها، وإذا امتلأ القلب بهذا خلا عن ذكر الله، وإذا خلا عن ذكر الله مات! كما قال النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): «مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه، كمثل الحي والميت» [رواه البخاري 6407].. وقد كان النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وأصحابه يمزحون، حتى أنهم قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا! (أي تمازحنا) قال: «إني لأمزح، ولا أقول إلا حقًا» [الترمذي 1990، والطبراني في الصغير 779] وهذا من شيم أخلاقه وتواضعه (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)؛ إذ كان يداعب الصغير والكبير، والغني والفقير.. قال الله (عز وجل): ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].. فكان (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يمازح أصحابه، وكان أصحابه يمازحونه ويضحكونه، مع إجلاله وتوقيره (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)! وكان أصحاب النبي يتمازحون، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال.. وهذا أمر في غاية الأهمية: أن المزاح لا يكون في أي وقت، بل المزاح يكون في غير وقت الجد.. فلا يستقيم ولا يصح أن يكون المزاح في وقت الجد.. وأيضًا فلا يجوز المزاح إذا صاحبه مخالفة شرعية، كأن يكون في الدين مثلًا، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ [البقرة: 231] وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66] حكم عليهم بالكفر.
من الصفات التي اختص الله بها الإنسان.. والغالبية العظمى للإغماءات خلاله ليست خطرة أحد الاختبارات التي تجرى لاكتشاف آسباب الإغماء (صالح) أراد أن يمازح أخاه مزحا ثقيلا... فسكب صابونا سائلا على البلاط وعندما اتى اخوه انزلقت رجله فسقط وكلما اراد القيام.... سقط مرة اخرى وظل على ذلك الحال يترنح على الصابون المسكوب....... اما صالح فانتابته نوبة من الضحك الهستيري بصوت قهقهة عالٍ ثم بدأ يخف تدريجيا ثم جثا على ركبتيه واصبح يمسك ببطنه ويشتكي من ألم فيه ( آه يابطني!! )
والبحر الذي يغسل الأدران إذا كان غير نظيف فكيف يُطهِّر؟! وكيف تقسو قلوب من مهمتهم أن تلين بهم قلوب الناس؟! وكيف يموت قلب مطلوب منه أن يحيي قلوب الآخرين؟! ولذا كان من الوصايا العشر للإمام البنا وصيتان مرتبطتان بهذا الأمر؛ الأولى: "لا تمزح فإن الأمّة المجاهدة لا تعرف إلا الجد"، والثانية: "لا تكثر الضحك فإن القلب المتصل بالله ساكن وقور".