قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس ، وأبي العالية ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس ، وعطاء الخراساني ، نحو ذلك. وقال عطاء الخراساني ، عن ابن عباس: ( كما كتب على الذين من قبلكم) يعني بذلك: أهل الكتاب. وروي عن الشعبي والسدي وعطاء الخراساني ، مثله.
(36) ------------------ الهوامش: (33) كان ينبغي أن يذكر أبو جعفر هنا ، اختلاف المختلفين في قراءة "أَنْزَلَ" و "أُنْزِلَ" = و "نَزَّلّ" و "نُزِّلَ" ، وظاهر أنه نسي أن يذكرها هنا ، فأخرها إلى موضع الآتي في ص: 323 ، تعليق: 1. (34) كان في المطبوعة: "ومن يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فيجحد نبوته ، فهو يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، لأن جحود شيء من ذلك... " ، أسقط من نص المخطوطة ما أثبت ، لأنه قد وقع في المخطوطة خطأ اضطرب معه الكلام ، فلم يحسن الناشر تصحيحه ، فحذف حتى يصل بعض الكلام ببعض ، فأساء غاية الإساءة. والخطأ الذي كان في المخطوطة هو أنه ساق الجملة كما كتبتها ، إلا أن كتب: "وإنما قال تعالى ذكره: ومن يكفر بالله فهو يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله" وبين أن "فهو يكفر" سبق قلم من الناسخ ، والصواب إسقاطها فيستقيم الكلام كما أثبته. وسياق الجملة: "وإنما قال تعالى ذكره كذا وكذا... ومعناه... القاعدة الحادية والعشرون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين) - عمر بن عبد الله المقبل - طريق الإسلام. كذا وكذا ، لأن جحود شيء من ذلك بمعنى جحود جميعه". (35) لما أدخل الناشر الأول ذلك الحذف على الكلام ، اضطر في هذا الموضع أن يجعل العبارة: "وذلك لأنه لا يصح إيمان أحد من الخلق... " فزاد "ذلك" في الكلام.
5- والصادقون هم أهلٌ لمغفرة الله وما أعده لهم من الأجر والثواب العظيم، قال سبحانه وتعالى: { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِ? يايها الذين امنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم. نَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]. وبعد هذا.. فإن من المحزن والمؤلم أن يرى المسلم الخرق الصارخ ـ في واقع المسلمين ـ لما دلّت عليه هذه القاعدة القرآنية المحكمة: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}! فكم هم الذين يكذبون في حديثهم؟ وكم هم الذين يخلفون مواعيدهم؟ وكم هم أولئك الذين ينقضون عهودهم؟ أليس في المسلمين من يتعاطى الرشوة ويخون بذلك ما اؤتمن عليه من أداء وظيفته؟ أليس في المسلمين من لا يبالي بتزوير العقود، والأوراق الرسمية؟ وغير ذلك من صور التزوير؟ لقد شوّه هؤلاء ـ وللأسف - بأفعالهم وجهَ الإسلام المشرق، الذي ما قام إلا على الصدق.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) يقول تعالى مخاطبا للمؤمنين من هذه الأمة وآمرا لهم بالصيام ، وهو: الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة.
ومن تأمل في الآيات الواردة في مدح الصدق والثناء على أهله وجدَ عجبا عجاباً! ولو أخذتُ في سرد الآيات الواردة فيه سرداً فقط لانقضى وقت الحلقة قبل أن تنقضي الآيات، ولكن حسبنا أن نشير إلى جملة من الآثار التي دلّ عليها القرآن للصدق وأهله في الدنيا والآخرة: 1- فالصادق سائر على درب الأنبياء والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ الذين أثنى الله عليهم في غير ما آية بالصدق في الوعد والحديث. يايها الذين امنوا انما الخمروالميسر. 2- والصادق معانٌ ومنصورٌ، ويسخر الله له من يدافع عنه من حيث لا يتوقع، بل قد يكون المدافع خصماً من خصومه، تأمل في قول امرأة العزيز: { قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}[يوسف:51]. 3- والصادق يسير في طريق لاحب إلى الجنة ، ألم يقل النبي: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا» [أخرجه الشيخان]، وقد قال الله عز وجل ـ مبيناً صفات أهل الجنة: { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:17]. 4- وأهل الصدق هم الناجون يوم العرض الأكبر على ربهم، كما قال تعالى: { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}[المائدة:119].
وما كانت الحرب ولا العداء للرسول صلى الله عليه وسلم ولسائر الأمة من بعده عبر تاريخ الإسلام إلا بسبب هذا الإيمان الذي وقر في قلوب المؤمنين وإخلاصهم النية والعمل لله رب العالمين, فالعداء أصله بغضهم لله وكل من والاه, لذا وجب على المؤمن أن تأخذه حمية الإيمان والغيرة على الله ومحارمه. ومهما أخفى العبد من مودته للكفار فالله عالم بالخفايا, وهو الأعلم بكل الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. ومن وقع في موالاة الكفار ومحبتهم ومعاونتهم على أهل الإسلام فقد ضل سواء السبيل.