إن من أعظم أسباب تأثر المؤمنين بآيات الله أنهم خافوه واتقوه سبحانه. لله قَوْمٌ شَرُوا مِنْ الله أَنْفُسَهُم فَأَتْعَبُوهَا بِذِكْرِ اللهِ أَزْمَانَا أَمَّا النَّهَارُ فَقَدْ وَافَوا صِيامَهُمُ وَفِي الظَّلَامِ تَرَاهُمْ فِيهِ رُهْبَانَا أَبْدَانُهُم أَتْعَبَتْ فِي اللهِ أَنْفُسَهَم وَأَنْفُسٌ أَتْعَبَتْ فِي اللهِ أَبْدَانَا ذَابَتْ لُحُومُهُمُ خَوْفَ العَذَابِ غَدًا وَقَطَّعُوا اللَّيلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنَا دخل عيينة بن حصنن الفزاري على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ؛ فقال له -أول ما دخل عليه-: اتقِ الله يا ابن الخطاب! فإنك لا تعدل. فهم عمر أن يبطش به؛ لما قال له هذه المقالة: اتقِ الله يا ابن الخطاب! فإنك لا تعدل. فقال الحر بن قيس مذكراً لأمير المؤمنين عمر - و الحر كان من حملة كتاب الله-: يا أمير المؤمنين! إن هذا الرجل من الجاهلين، والله يقول: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف:199]. قال: فوالله! ما هي صفات عباد الرحمن في سوره الفرقان. ما تخطاها أمير المؤمنين عمر ولا تعداها، بل كان وقافاً عند كتاب الله عزَّ وجلَّ. أيها الأحبة الكرم.. لقد توعد الله -جل وعلا- من يعرض عن آيات ربه فقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 57].
ذات صلة صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان ما صفات عباد الرحمن عباد الرحمن ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه صفاتً وخصائص لعباده الصّالحين، من أهمّها الصّفات الّتي ذكرها في أوّل سورة المؤمنين، وفي خواتيم سورة الفرقان، وهي صفاتٌ حميدةٌ بمجملها يتّصف بها العبد المؤمن الّذي يهاب ربّه، ويقتدي بها باقي النّاس، ومن أهمّ من تمثّل بها من دون شك رسولنا الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وسنناقش في هذا المقال بعض هذه الصّفات. صفات عباد الرّحمن التّواضع: كما في الآيات: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ، هوناً هنا تعني بوقارٍ وسكينةٍ وتواضع، وعباد الرّحمن كما وصفهم الله، متواضعون من دون تكبّر، فلا يرى نفسه أفضل من غيره، حتّى لو أنعم عليه الله سبحانه وتعالى بما لم يُنعم على غيره. الإعراض عن الجهلة والتّسامح: كما في الآيات: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً) ، أي إنّ عباد الرّحمن، يتغاضون عن من أصابهم بالسّيّئة، ويسامحون، وإذا قال لهم الجهلة من النّاس كلاماً سيّئاً، أعرضوا عنه، وقالوا قولاً حسناً، وخير مثالٍ على ذلك، ما تحمّله رسولنا الكريم، محمّد صلّى الله عليه وسلّم، من كفّار قريش، من أذى وأقوال سيّئة، فكان يتغاضى عنها ويُسامح، ويقابل أعمالهم بالحسنى.
وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وغيرهم. وقال الحسن البصري رحمه الله: أنزلت هذه الآية: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [لقمان: 6] في الغناء والمزامير. وقال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين: على أن المراد بلهو الحديث: الغناء. وصح عنه صلى الله وسلم أنه قال: « لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ »؛ رواه البخاري. الغناء محرم في جميع المذاهب الأربعة، وقد كان الغناء في زمانهم أقل فتنة من غناء زماننا الذي أضيفت إليه آلات طرب كثيرة وأصبحت كثير من ألفاظه تدعو صراحة إلى الفسق والمحرمات، فلا يشك مؤمن في تحريمه ولو كثر فإن كثرة وقوع الناس في الحرام لا يجعله حلالاً ولا يشك عاقل في كونه يصد عن ذكر الله. ما هي صفات عباد الرحمن اولي ثانوي. قال الإمام أحمد رحمه الله: الغناء يُنبتُ النفاق في القلب. وقال ابن القيم رحمه الله: حب الكتاب وحب ألحان الغناء في قلب عبدٍ ليس يجتمعان ثقُلَ الكتابُ عليهمُ لما رأوا تقييده بشرائع الإيمان واللهوُ خفَّ عليهمُ لما رأوا ما فيه من طرب ومن ألحان يا لذةَ الفساقِ لستِ كلذةِ الأبرارِ في عقلٍ ولا قرآنِ أيها الأحبة الكرام: إن عباد الرحمن يعرضون عن اللغو لأن قلوبهم تنكره وتبغضه، وإذا كان اللغو منكرًا من المنكرات واستطاعوا تغييره قاموا بتغييره.