الإحسان: أخبر الله في كتابه في خواتيم سورة النحل عن معيته لفريقين؛ حيث قال سبحانه: ﴿ { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ﴾ [النحل: 128]، وقد سبق الكلام عن التقوى وأهميتها، وبقي الكلام عن الإحسان، والإحسان فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (( « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك »))، ومن خلال ما جاء في الحديث نجد أن هناك ارتباطًا قويًّا بين الإحسان من العبد والمعية من الله. فالإحسان: فعل ما ينبغي فعله من المعروف؛ وهو ضربان: أحدهما: الإنعام على الغير، والثاني: الإحسان في فعله، وذلك إذا علم علمًا محمودًا، وعمل عملًا حسنًا، فبإحسانك في عبادتك وإحسانك إلى غيرك، يكون الله معك؛ (( « والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخي » ه))، و(( « أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس »))، فمن جمع هذين المقامين: الإحسان في عبادة الخالق، والتعامل مع المخلوق - فليبشر بمعية الله له بالنصر والتأييد والتوفيق في الدنيا ، والنعيم المقيم في الآخرة؛ قال الله: ﴿ { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} ﴾ [ الزمر: 34]. كما أن هناك أسبابًا لمعية الله وردت في السنة يمكن تتبعها في مظانها.
2014-01-06, 08:27 PM #1 حديث: كان الله ولا شيء معه حديث: كان الله ولا شيء معه محمد زياد التكلة الدرة اليتيمة في تخريج أحاديث التحفة الكريمة (50) حديث: "كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان"، (ج2 من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص272). وهذا الحديث أخرجه البخاري رحمه الله في كتاب بدء الخلق (ص286 ج6) بلفظ: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض". حديث: كان الله ولا شيء معه. وأخرجه البخاري رحمه الله في كتاب التوحيد (ص403 ج13) بلفظ: "كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء". وأما الزيادة المذكورة، وهي: "وهو الآن على ما عليه كان": فهي زيادة باطلة موضوعة، لا أصل لها في شيء من الروايات. نبّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الصفحة المذكورة أعلاه، قال رحمه الله: "وهذه الزيادة، وهي قوله: "وهو الآن على ما عليه كان": كذبٌ مفترى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتفق أهل العلم على أنه موضوع مختلق، وليس هو في شيء من دواوين الحديث، لا كبارها، ولا صغارها، ولا رواه أحد من أهل العلم بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مجهول، وإنما تكلم بهذه الكلمة بعض متأخري متكلمة الجهمية، وتلقاها منهم هؤلاء الذين وصلوا إلى آخر التجهم، وهو التعطيل والإلحاد".
إلى أن قال رحمه الله: "وهذه الزيادة الإلحادية، وهي قولهم: "وهو الآن على ما عليه كان": قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي الصفات التي وصف الله بها نفسه، من استوائه على العرش، ونزوله إلى السماء الدنيا، وغير ذلك.. )). ا هـ. المقصود [1]. [1] لفظة: "وهو الآن على ما عليه كان". لا توجد في شيء من كتب الحديث كما ذكر شيخ الإسلام. ومن كلام شيخ الإسلام عن هذه اللفظة: مجموع الفتاوى (2/272) -الذي نقل منه سماحة الشيخ، وفيه نسبة الحديث للاتحادية - و(2/176-177 و18/210)، والصفدية (2/223)، ودرء تعارض العقل والنقل (5/224)، وبيان تلبيس الجهمية (1/564 و585). من كان معه الله. وقال ابن القيم في مدارج السالكين (3/391): وأما قوله: "وهو الآن على ما كان عليه": فزيادة في الحديث ليست منه، بل زادها بعض المتحذلقين، وهي باطلة قطعًا. ونقل حكم شيخ الإسلام ابن تيمية على اللفظة مقرًّا له: ابن حجر في الفتح (6/289)، والعيني في عمدة القاري (15/109)، وملا علي القاري في الأسرار المرفوعة (336)، والعجلوني في كشف الخفاء (2/171). وقال القاري إنه: "من كلام الصوفية، ويشبه أن يكون من مفتريات الوجودية القائلة بالعينية". وانظر: المصنوع (220) له أيضًا. وانظر: الاستقامة (1/167)، وتاريخ الإسلام (32/236 و238)، والسير (18/474 و477)، واجتماع الجيوش الإسلامية (174).
تفسير القرآن الكريم
ومن فوائد الإيمان بهذه المعيَّة: أنه يوجِب على العبد كمالَ المراقبة لله، المثمرةِ لإحسان العمل، واجتناب المعاصي { بسم الله الرحمن الرحيم} الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد: فمعيَّة الله من الصفات الثابتة لله جلَّ جلاله، أَجْمَعَ السَّلَف على إثباتها، وهي معيَّةٌ تليق بالله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به، وقد ذَكَر المحقِّقون من أهل العلم أنَّ معيَّتَه لخَلْقه لا تُنافي فَوْقيَّته؛ فإنه سبحانه وتعالى مع عباده وهو فوق عَرْشِه فوق كلِّ شيء. وقد قسَّم أهل العلم المعيةَ إلى قسمين: المعيَّة العامَّة لجميع الخلق: وتقتضي الإحاطة والعلم والسمع والبصر؛ قال الله عز وجل: ﴿ { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ﴾ [الحديد: 4]، وقال الله عز وجل: ﴿ { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} ﴾ [المجادلة: 7].