وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ↓ ويطوف عليهم غلمان معدون لخدمتهم, كأنهم في الصفاء والبياض والتناسق لؤلؤ مصون في أصدافه. وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ↓ وأقبل أهل الجنة, يسأل بعضهم بعضا عن عظيم ما هم فيه وسببه, قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ↓ قالوا: إنا كنا قبل في الدنيا- ونحن بين أهلينا- خائفين ربنا, مشفقين من عذابه وعقابه يوم القيامة. فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ↑ فمن الله علينا بالهداية والتوفيق؟ ووقانا عذاب سموم جهنم, وهو نارها وحرارتها. إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ↓ إنا كنا من قبل نضرع إليه وحده لا نشرك معه غيره أن يقينا عذاب السموم ويوصلنا إلى النعيم, فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا, إنه هو البر الرحيم. تفسير سورة الطور - من الآية 1 إلى الآية 16 - تفسير السعدي المقروء والمسموع - YouTube. فمن بره ورحمته إيانا أنالنا رضاه والجنة, ووقانا من سخطه والنار. فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ ↓ فذكر- يا محمد- من أرسلت إليهم بالقرآن, فما أنت بنعم الله عليك بالنبوة ورجاحة العقل بكاهن يخبر بالغيب دون علم, ولا مجنون لا يعقل ما يقول كما يدعون.
الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) ثم ذكر وصف المكذبين الذين استحقوا به الويل، فقال: { الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} أي: خوض في الباطل ولعب به. فعلومهم وبحوثهم بالعلوم الضارة المتضمنة للتكذيب بالحق، والتصديق بالباطل، وأعمالهم أعمال أهل الجهل والسفه واللعب، بخلاف ما عليه أهل التصديق والإيمان من العلوم النافعة، والأعمال الصالحة.
زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي زينتها وبهجتها وهو منصوب بمحذوف يدل عليه متعنا أي جعلنا لهم زهرة أو بمتعنا على أنه مفعول ثان له لتضمينه معنى أعطينا أو على أنه بدل من محل به وضعفه ابن الحاجب في أماليه لأن إبدال منصوب من محل جار ومجرور ضعيف كمررت بزيد أخاك ولأن الإبدال من العائد مختلف فيه. ومثل ذلك ما قيل إنه بدل من ما الموصولة لما فيه من الفصل بالبدل بين الصلة ومعمولها أو على أنه بدل من- أزواجا- بتقدير مضاف أي ذوي أو أهل زهرة، وقيل: بدون تقدير على كون- أزواجا- حالا بمعنى أصناف التمتعات أو على جعلهم نفس الزهرة مبالغة. وضعف هذا بأن مثله يجري في النعت لا في البدل لمشابهته لبدل الغلط حينئذ أو على أنه تمييز لما أو لضمير به، وحكي عن الفراء أو صفة- أزواجا- ورد ذلك لتعريف التمييز وتعريف وصف النكرة، وقيل: على أنه حال من ضمير به أو من ما وحذف التنوين لالتقاء الساكنين وجر الحياة على البدل من ما واختاره مكي ولا يخفى ما فيه، وقيل: نصب على الذم أي اذم زهرة إلخ واعترض بأن المقام يأباه لأن المراد أن النفوس مجبولة على النظر إليها والرغبة فيها ولا يلائمه تحقيرها ورد بأن في إضافة الزهرة إلى الحياة الدنيا كل ذم وما ذكر من الرعبة من شهوة النفوس الغبية التي حرمت نور التوفيق.
وكتاب مسطور يحتمل أن المراد به اللوح المحفوظ، الذي كتب الله به كل شيء، ويحتمل أن المراد به القرآن الكريم، الذي هو أفضل الكتب أنزله الله محتويا على نبأ الأولين والآخرين، وعلوم السابقين واللاحقين. وقوله: في رق أي: ورق منشور أي: مكتوب مسطر، ظاهر غير خفي، لا تخفى حاله على كل عاقل بصير. والبيت المعمور وهو البيت الذي فوق السماء السابعة، المعمور مدى الأوقات بالملائكة الكرام، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه لربهم ثم ، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة وقيل: إن البيت المعمور هو بيت الله الحرام، والمعمور بالطائفين والمصلين والذاكرين كل وقت، وبالوفود إليه بالحج والعمرة. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الطور - الآية 15. كما أقسم الله به في قوله: وهذا البلد الأمين وحقيق ببيت أفضل بيوت الأرض، الذي قصده بالحج والعمرة، أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، التي لا يتم إلا بها، وهو الذي بناه إبراهيم وإسماعيل، وجعله الله مثابة للناس وأمنا، أن يقسم الله به، ويبين من عظمته ما هو اللائق به وبحرمته. والسقف المرفوع أي: السماء، التي جعلها الله سقفا للمخلوقات، وبناء للأرض، تستمد منها أنوارها، ويقتدى بعلاماتها ومنارها، وينزل الله منها المطر والرحمة وأنواع الرزق.
كتاب تفسير السعدي: {107} سورة الطور - YouTube
وأنت تعلم أن المتبادر من هذه الصفة قصد الثبوت لا الحدوث فلا تكون إضافتها لفظية على أن المعنى على تقدير الحالية ليس بذاك لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ متعلق بمتعنا أي لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه وفيه تنفير عن ذلك ببيان سوء عاقبته مآلا أثر بهجته حالا، وقرأ الأصمعي عن عاصم لنفتنهم بضم النون من أفتنه إذا جعل الفتنة واقعة فيه على ما قال أبو حيان وَرِزْقُ رَبِّكَ أي ما ادخر لك في الآخرة أو ما رزقك في