قال أبو عيسى: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخ ليس بذاك، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقد تفرد بهذا الحديث عن مالك بن دينار ، ويقال: الحارث بن وجيه ، ويقال: ابن وجبة]. قوله: ( تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر) حديث ضعيف عند أهل العلم، وفي بعضها أن علياً قال: ومن ثم عازيت رأسي، أي: جعل يحلقه، وهو ضعيف، فالواجب أن يغسل الإنسان الشعر، ويروي أصول شعره، أما قوله: (تحت كل شعرة جنابة) فضعيف، فقد تفرد به الحارث بن وجيه عن مالك بن دينار ، و الحارث بن وجيه -بالواو والجيم والياء التحتانية والهاء بوزن فعيل وقيل: بفتح الواو وسكون الجيم بعدها موحدة- الراشدي أبو محمد البصري ، ضعيف، كذا في التقريب. قال في الشرح: قوله: (تحت كل شعرة جنابة) فلو بقيت شعرة واحدة لم يصل إليها الماء بقيت جنابة، والشعر بفتح الشين وسكون العين للإنسان وغيره، فيجمع على شعور، مثل: فلس وفلوس، وبفتح العين فيجمع على أشعار، مثل: (سبب) و(أسباب)، وهو مذكر، الواحد شعرة، والشعرة -بكسر الشين- على وزن سدرة، شعر الركب للنساء خاصة، قاله في العباب. تعرف على كيفية الغسل من الجنابة | موقع السلطة. وقوله: فاغسلوا الشعر -بفتح العين وسكونها-، أي: جميعه، قال الخطابي: ظاهر هذا الحديث يوجب نقض القرون والضفائر إذا أراد الاغتسال من الجنابة؛ لأنه لا يكون شعره مغسولاً إلا أن ينقضها.
الحمد لله. غُسْل الجَنابة له صفتان: صفةٌ مُجزِئَةٌ ، وصفةٌ كاملةٌ: أما الصفةُ الْمُجزِئة فأَنْ يتمضْمَضَ ويستنشِق ويَعُمَّ بدَنَه بالماء ولو دُفعةً واحدةً ولو ينغَمِس في ماءٍ عميقٍ. وأمَّا الكاملة فهي أنْ يغسِل فَرْجَه وما تلوَّثَ مِن آثارِ الجَنابة ثُمَّ يتوضَّأ وُضوءاً كاملاً ثُمَّ يَحْثُو الماء على رأسه ثلاثاً حتى يروِيَه إلى أصول شَعْره ثم يغسل شِقَّه الأيمنَ ثُمَّ شِقَّه الأيسرَ.
وفي رواية: وَجَعَلَ يَقُولُ: "بِالْمَاءِ هٰكَذَا" يَعْنِي يَنْفُضُهُ. ألفاظ الحديث: • (إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ): أي أراد الإغتسال بسبب الجنابة لأن ( من) هنا للسببية، والجنابة تطلق في الأصل على إنزال المني ثم ألحق به الجماع على وجه شرعي لا على وجه لغوي لأن الموجب واحد وهو الاغتسال فصارت الجنابة هي كل ما أوجب غسلاً لإنزال أو جماع. • (فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ): أي كفيه لأنهما المراد عند إطلاق اليد. (فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُوْلِ الشَّعَرِ): أي يدخل أصابعه مفرقة في أسافل شعره مما يلي بشرة الرأس، وإنما فعل ذلك ليُليِّن الشعر ويرطبه فيسهل مرور الماء عليه. • (حَتَّى إِذَا رَأَى أَن قد اسْتَبْرَأَ): أي أوصل البلل إلى جميع الرأس. • (حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ):أي أخذ الماء بيديه جميعاً وصبه على رأسه لأن الحفنة ملء الكفين جميعاًوجمعها حفنات. • (ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ): أي صب الماء على بقية جسده. صفة الغسل من الجنابة في شهر رمضان. قال الأزهري: " اتفق أهل اللغة أن (سائر) الشيء: باقيه قليلاً أو كثيرا ً "[ انظر: " تهذيب اللغة" (13/ 17)]. • (دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ): الحلاب بكسر الحاء وتخفيف اللام وهو إناء يحلب فيه، ويقال له المحلب أيضاً:بكسر الميم وهو إناء يسع قدر حلبة ناقة.
والثانية: صفة كمال وهي ما اشتملت على الواجبات والسنن وهي الواردة في حديثي عائشة وميمونة - رضي الله عنهما -، وسأوردها بالترتيب مع بيان الدليل والعلة إن وجدت: وهي على النحو الآتي: 1- يبدأ فيغسل كفيه ثلاثاً - كما في بعض الروايات - لحديث عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه " وأيضاً حديث ميمونة رضي الله عنها. والعلة في ذلك: لأن الكفين أداة غرف الماء من الأداة. كيفية الغسل من الجنابة – كنوز التراث الإسلامي. 2- ثم يغسل فرجه بشماله، لحديث عائشة رضي الله عنها " ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه " وأيضاً حديث ميمونة رضي الله عنها. والعلة في ذلك: لأن الفرج محل التلوث في الجنابة. 3- ثم يدلك يده اليسرى على الأرض، لحديث ميمونة رضي الله عنها: " ثم أفرغ على فرجه، وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض، فدلكها دلكاً شديداً ". والعلة في ذلك: إزالة ما عَلِقَ بيده اليسرى من غسل الفرج، والمقصود تطهيرها بالماء إن علق بها أذى وما يقوم مقام التراب كالصابون مثلاً. قال النووي: " فيه أنه يستحب للمستنجي بالماء إذا فرغ أن يغسل يده بتراب، أو أشنان، أو يدلكها بالتراب، أوبالحائط ليذهب الاستقذار منها " [ انظر: " شرح مسلم" (3/ 221).
]. 4- ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً كما يتوضأ للصلاة، لحديث عائشة رضي الله عنها: " ثم يتوضأ وضوءه للصلاة " وأيضاً حديث ميمونة رضي الله عنها وهل الأفضل أن يؤخر غسل القدمين في الوضوء إلى ما بعد الغسل؟ على قولين وستأتي المسألة قربياً. 5– ثم يأخذ ماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر ويخللها إن كان شعره كثيفاً حتى تبتل أصول الشعر. لحديث عائشة رضي الله عنها: " ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ ". 6– فإذا ظن أنه أروى أصول شعره صب على رأسه الماء ثلاث مرات. صفة الغسل من الجنابة للمراة. لحديث عائشة رضي الله عنها: " حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات " وأيضاً حديث ميمونة رضي الله عنها. 7- ثم يغسل باقي جسده مرة واحدة لا ثلاثاً كما قال الحنابلة قياساً على غسل أعضاء الوضوء، لأن الروايات في حديث عائشة رضي لله عنها وحديث ميمونة رضي الله عنها لم ترد بعدد معين والأصل عدم الزيادة وقد بوب البخاري على حديث ميمونة رضي الله عنها " باب الغسل مرة واحدة " وقياس ذلك على الوضوء فيه نظر لأن السنة فرقت بينهما. لحديث عائشة رضي الله عنها: " ثم أفاض على سائر جسده " وأيضاً حديث ميمونة رضي الله عنها. وعند غسل الرأس وغسل سائر الجسد السنة أن يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر لحديث عائشة رضي الله عنها " بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر " ولحديث عائشة رضي الله عنها الآخر المتفق عليه قالت " كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ".