وأكد الإمام علي (عليه السلام) في شأن قبول العذر من الذي يعتذر إليك وعلى الانسان التماس العذر لأخيه في ما يصدر عنه، ممكن أن يكون هذا الشيء قد صدر عنه بالخطأ، ولا يقصد به الاساءة إلى الآخرين، حيث قال الإمام علي(عليه السلام):(اقبل عذر أخيك، وإن لم يكن له عذر فالتمس له عذراً) [12] ، وكذلك قال (عليه السلام): (ضع أمر أخيك على أحسنه... ، لاتظن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً، وأنت تجد لها في الخير محملا). الإعتذار… – مدرسة أهل البيت عليهم السلام. ويجب قبول العذر من المعتذر حتى وإن كان كاذبا، وهذا ما تحدث عنه الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) إنه قال:(لا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره، وإن علمت إنه كاذب) [13]. وإن الإمام علي(عليه السلام) يؤكد على تبرير موقف المعتذر على ما بدر منه من فعل اتجاه الآخرين، وايجاد له عذر، ولا يستعجل عليه الحكم لكلامه، وكذلك أكد على قبول العذر أياً كانت طبيعة عذره في الصدق أو الكذب ، فإن ذلك يؤدّي إلى أن يمنحه الله أجراً على ذلك، وهو نيل الشّفاعة يوم القيامة حيث إنه قال(عليه السلام)في وصية لابنه محمد بن الحنفية( عليه السلام): ( لا تصرم أخاك على ارتياب وتقطعه دون استعتاب، لعل له عذراً وانت تلوم به، اقبل من متنصِل عذرا، صادقاً كان أم كاذبا،ً فتنالك الشفاعة) [14].
وإذا كان الخطأ من طبع ابن آدم فإن ما يمحو أثر الخطأ هو الاعتذار، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ ». وقد قيل: ماء الاعتراف يمحو دنس الاقتراف. الاعتذار. وإذا رجعت إلى هذه الثلة المباركة أنبياء الله ورسله الذين هم خير البشر وصفوتهم لوجدتهم لا يتكبرون عن الاعتذار حين يُحتاج إليه. هذا نبي الله موسى عليه السلام حين صحب الخضر عليه السلام فنهاه الخضر عن سؤاله عن شيء حتى يحدثه به ويوقفه على حقيقة الأمر، فلما خالف نبي الله موسى عليه السلام الشرط اعتذر عن ذلك فقال: { لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73]. وهذا نبي الله نوح عليه السلام اعتذر لربه تعالى من سؤاله النجاة لولده الذي لم يكن مؤمنا: { قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47]. وهكذا كان الصالحون لا يتكبرون عن الاعتذار إذا بدر منهم ما يستدعيه. وروى أهل السير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسوي الصفوف في غزوة بدر وكان في يده شيء يسوي به الصفوف، فرأى سواد بن غزية بارزا فطعنه في بطنه وقال له: « استو يا سواد ».
وقال صلى الله عليه وسلم: " ولا تتكلمْ بكلامٍ تعتذرُ منه ". وقد قيل: إيّاك وعزّة الغضب فإنّها تفضي إلى ذلّ الاعتذار. وقال الشاعر: وإذا ما اعتراك في الغضب العزّة فاذكر تذلّل الاعتذار قبول الأعذار من شيم الكرام ومن المروءة وكرم النفس أن يقبل الكريم اعتذار المخطئ وأن يقيل عثرته. هؤلاء إخوة يوسف عليه السلام حين عرفوه ورأوا ما من الله به عليه وتذكروا ذنبهم قالوا معتذرين: { تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ}(سورة يوسف: 91). فما لامهم ولا عنفهم، بل قبل اعتذارهم وأقال عثرتهم ودعا لهم: { قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(سورة يوسف: 92). اعتذر رجل إلى إبراهيم النّخعيّ رحمه الله تعالى، فقال له: قد عذرتك غير معتذر، إنّ المعاذير يشوبها الكذب. يقول الحسن بن علي رضي الله عنهما فيما يُروى عنه: لو أن رجلاً شتمني في أذني هذه، واعتذر إليَّ في الأخرى لقبلت عذره. ويقول الأحنف بن قيس رحمه الله: إن اعتذر إليك معتذر تلقه بالبِشْر. واعتذر رجل إلى الحسن بن سهل من ذنب كان له، فقال له الحسن: تقدّمت لك طاعة، وحدثت لك توبة، وكانت بينهما منك نبوة، ولن تغلب سيّئة حسنتين.
التفسير المعين ص 197. 2. التفسير المعين ص 499. 3. ميزان الحكمة 6 / 112. 4. نقلا عن شبكة مزن الثقافية – 28/2/2018م – 5:37 م.